نشرت "نيويورك تايمز" تقريرًا أكدت فيه حصول عملية تبادل مخيفة بين إيران والقاعدة، أطلقت طهران بموجبها سراح&خمسة من كبار قادة التنظيم مقابل الدبلوماسي الإيراني الذي كان مخطوفًا في اليمن.
بيروت: في آذار (مارس) الماضي، أطلقت إيران خمسة قياديين في تنظيم القاعدة كانت تعتقلهم، أحدهم يدعى سيف العدل عضو شورى التنظيم، وتولى قيادة التنظيم بصورة موقته بعد اغتيال زعيمه الشهير أسامة بن لادن، مخبئه الباكستاني في 2011، وخصصت الولايات المتحدة جائزة قدرها خمسة ملايين دولار لمن يرشدها إليه، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول أميركي مطلع على المسألة بتفاصيلها.&
&
أمر مخيف
&
وقد أتى إخلاء سبيل هؤلاء في إطار عملية تبادل أسرى مع تنظيم القاعدة في اليمن الذي كان يحتجز الدبلوماسي الإيراني نور أحمد نكباخت في العاصمة اليمنية صنعاء منذ تموز (يوليو) 2013، والتي أنكرت الحكومة الإيرانية حينها خبر الصفقة، التي كشفتها "سكاي نيوز" آنذاك، مؤكدةً تحرير الدبلوماسي في عملية نوعية. لكن هذه العملية النوعية لم تكن سوى عملية التبادل لا أكثر.
&
وتنسب "نيويورك تايمز" إلى محللين يتابعون شؤون القاعدة وصفهم إطلاق إيران هؤلاء الرجال بأنه "امر مخيف" نظرًا إلى مواقعهم في تنظيم القاعدة، وإلى توقيت الاطلاق في وقت خسر فيه التنظيم نخبةً واسعة من قادته بفعل الغارات الجوية المكثفة، وبينهم ناصر الوحيشي الذي قتل في أول الصيف، وكان المدير العام للتنظيم، وخسر الكثير من &الأعضاء الذين هجروه لينضموا إلى تنظيم داعش، الذي أتقن استخدام وسائل الإعلام لجذب الأنصار والمنتسبين.
&
ويقول خبراء في التنظيمات "الجهادية" إن إطلاق سراح الرجال قد يحيي نشاط التنظيمات المتطرفة، من خلال رفدها بمجموعة منتخبة من القادة ذوي الخبرة والتجرية، في وقت حرج.
&
وما يثير القلق، بحسب "نيويورك تايمز"، هو إطلاق سراح سيف العدل، العقيد السابق في الجيش المصري، المدرج على قائمة أهم مطلوبي مكتب التحقيقات الفيدرالي، بعدما أدين بالتخطيط لتفجيرات السفارة الأميركية في شرق أفريقيا في عام 1998. ويصفه أعضاء القاعدة بأنه مدير عمليات تنظيمهم.&
سمكة كبيرة
&
سينثيا ستورر، أول محللة استخبارية كلفت متابعة بن لادن والقاعدة، سمّت سيف العدل "الأب المؤسس"، وقالت: "لو حصلت مشكلات داخلية في القاعدة، فسيف العدل هو الوحيد القادر على إعادة توحيد صفوفها". أما س. سميث الثاني، وهو محلل آخر مختص في تنظيم القاعدة في مكتب كرونوس للاستشارات، فيصف سيف العدل بأنه أكبر سمكة بين السمكات الكبيرات، ومستقبل تنظيم القاعدة معتمد عليه.
&
ويقول الجنرال مايكل فلين، الذي كان رئيس وكالة الاستخبارات الدفاعية وأحيل إلى التقاعد في العام الماضي: "إطلاق سراح سيف العدل هو جرعة طاقة في دم قيادة تنظيم القاعدة". ويضيف للصحيفة الأميركية: "رأينا تعاونًا بين القاعدة وإيران قبل عملية التبادل هذه، وإن عرفت به أميركا فيجب أن يكون قد أدرج ضمن المفاوضات على صفقة النووي الإيراني".
&
الأربعة الآخرون الذين اطلق سراحهم هم عبد الخير المصري (مصري رئس مجلس العلاقات الخارجية في القاعدة) وأبو القسام (أردني كان نائبًا لأبي مصعب الزرقاوي ومؤسس التنظيم التي تحول لاحقًا إلى تنظيم داعش) وساري شهاب (أحد ناشطي تنظيم القاعدة) وأبو محمد المصري (مصري ساهم في تنظيم هجمات كبيرة نفذها تنظيم القاعدة قبل 11 أيلول (سبتمبر) 2001.(
&
يقول سميث: "بعد تلك الهجمات، قرر تنظيم القاعدة إرسال قادة كبار إلى إيران، إذ هي برأيهم المكان الوحيد الذي لن تفكر الولايات المتحدة بالوصول إليه وقصفه".
&
حصان طروادة
&
لم يتضح، بحسب "نيويورك تايمز"، متى تم التبادل بين غيران والقاعدة. فالبعض يؤكد أن الأمر حصل قبل ستة أشهر. كما لم يتضح متى اعتقلتهم السلطات الإيرانية، ولماذا أبقتهم تحت الإقامة الجبرية؟ وكيف استمروا على تواصل مع القاعدة، بحسب ما تؤد الاتصالات التي اعترضتها الاستخبارات الأميركية، والرسائل التي تم الحصول عليها لاحقًا؟
&
الحكومة الإيرانية، من جانبها، استمرت طويلًا في نفي وجود معتقلين من القاعدة لديها، إلا أن الدوائر السياسية الأجنبية كانت تؤكد ذلك، خصوصًا بعد الاطلاع على وثائق عثر عليها في البيت الذي اغتيل فيه أسامة بن لادن بمدينة أبوت أباد الباكستانية.
&
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، يقول مراقبون إن إيران كانت تعترف تلميحًا لا تصريحًا بوجود معتقلين من القاعدة لديها، لكنها حاولت مرارًا أن توحي بأنهم لاجئون إليها أو ضيوف عندها.
&
من ناحية أخرى، يقرأ مراقبون آخرون تقرير "نيويورك تايمز" من زاوية أخرى، ويرون فيه مؤشر واضح على أن إيران تدق إسفينًا كبيرًا بين القاعدة وداعش، من خلال مد خيوط مع شخصيات مؤثرة في التنظيم، لاستخدام القاعدة حصان طروادة ضد داعش في كل من العراق وسورية، علمًا أن التنظيمين متقاتلين في سورية، بينما وجود القاعدة ضعيف جدًا في العراق لمصلحة داعش.&
التعليقات