وجد رئيس الوزراء البريطاني نفسه في موقف حرج، حين نشرت الصحف مقتطفات من كتاب اللورد أشكروفت، الذي يفضح فيه ممارسات كاميرون في أيام شبابه.

بيروت: "نادني دايف" (Call me Dave)، هكذا عنون اللورد أشكروفت، رجل الأعمال والممول ونائب الرئيس السابق لحزب المحافظين البريطاني، كتابًا صار في لحظات شاغل الدنيا، بعدما روى فيه تفاصيل غير مستحبة عن شباب دايفيد كاميرون (دايف)، حين كان يدخن الماريوانا أو يتعاطى المخدرات الأخرى، ويشارك في حفلات جنس جماعي.

بلا براهين

ليس في الكتاب إلا روايات، بلا براهين ولا وثائق. فحتى عندما يدعي أشكروفت أن كاميرون دسّ "جزءًا حساسًا من جسمه" في فم خنزير ميت، في طقس من طقوس مفروضة للقبول به عضوًا في إحدى الأخويات الجامعية، ليس ثمة ما يدعم هذه القصة، التي تبدو عصية على التصديق. لكن، إن كان الأمر كذلك من ضعف البراهين، فلم ترفع الصحافة البريطانية وتيرة تعاطيها مع الموضوع؟

معلومات مكشوفة

إلى ذلك، لم تخرج الرواية في صحيفة صفراء أو في قصة تافهة، بل في كتاب شبه مذكرات أصدره رجل كان يومًا نائب رئيس حزب المحافظين في بريطانيا، أي له مصداقيته التي يصعب جدًا التشكيك فيها، رغم العداوة التي فرقت بين الرجلين منذ العام 2010.

كما أن كاميرون لم يتلطّ يومًا وراء أي أكاذيب. فعضويته في أخويات ذكورية، وجمعيات متطرفة، في أيام دراسته الجامعية، معروفة، والمعلومات في شأن هذه المسألة منشورة، وموجودة في متناول الجميع. لذا، لم يكن الرجل يخفي ذلك في يوم من الأيام، بل أفصح عنها وجعلها "سجلات عامة".

وثمة من يسأل: لم الآن؟ لماذا لم تظهر هذه المعلومات في خلال حملتين انتخابيتين، أو بعد عرض حلقة من البرنامج التلفزيوني "المرآة السوداء" التي تقدم سيناريو مماثلا؟

استراتيجية تحضيرية

لا رد رسميًا من جانب رئاسة الوزراء البريطانية على هذا الكتاب. لكن يبدو أن الدوائر المغلقة في داونينغ ستريت بدأت تشن حربًا شعواء على أشكروفت، من خلال مقالات متناثرة، في مرحلة أولى، تشكك في قدراته السياسية، وبالتالي في قدراته التأليفية، كالقول مثلًا إن جل التوقعات التي خرج فيها حين كان نائبًا لرئيس حزب المحافظين عن الانتخابات كانت توقعات خائبة، أثبتت النتائج الانتخابية خطأها.

وبدأ الكلام يخرج إلى العلن عن تركيز أشكروفت أعماله المصرفية في بيليز، المعروفة بأنها ملاذ ضريبي، في تأشير إلى عدم نظافة كفه المالية.

إنها استراتيجية التحضير لضربة ما، غالبًا ما تكون قاضية، وحتى ذلك الحين، يبدو كاميرون اليوم في موقف حرج، خصوصًا إذا تبين في لحظة غفلة أن أحدهم قد خبأ له ولمستقبله العسكري مفاجأة لم تخطر بباله، كأن يبرز له صورة من شبابه، لا يريد لأحد أن يراها.
&