رغم وحشية حركة طالبان، لا يثق كثير من الأفغان في مؤسسات الدولة ويتهمونها بالفساد، وهذه هي الحال مع قرية "قره غويلي" التي تحرّرت مؤخرا من حكم طالبان لها والذي استمرّ 5 سنوات من التضييق على الحريات وتطبيق الحدود.


قره غويلي: يتباهى القائد غلام فاروق الذي يحيط به مقاتلوه بأهم انجاز عسكري حققه بصفته زعيم حرب افغانيا: فقد استعاد قرية قره غويلي من حركة طالبان بعد احتلال استمر خمس سنوات يكشف في الواقع عيوب حكومة كابول.

وعندما استعاد غلام فاروق اقوى زعيم حرب في ولاية فارياب في شمال غرب افغانستان، كره غويلي في آب/اغسطس، أبلغه سكانها انهم لا يثقون بالحكومة على رغم وحشية طالبان.

وخلال احتلال القرية الذي استمر خمس سنوات، لم تنشىئ حركة طالبان "سجنا. لم تحتج اليه. فقد كانت تقطع رؤوس الموقوفين هناك"، كما قال فاروق، مشيرا الى موضع وسط الكروم.

والحريات الفردية لم تكن موجودة الى حد كبير. فقد نسي الناس الموسيقى ومنع الشبان من حلق ذقونهم، وألغيت تصفيفات الشعر "الغربية". وحاول وجهاء قره غويلي طوال خمس سنوات ان ينسخوا قواعدهم عن القواعد التي كانت مطبقة خلال فترة حكم طالبان على كامل افغانستان (1996-2001).

لكن هذه النظرة التي اقل ما يقال فيها انها متقشفة للاسلام، لم تمنع طالبان من اجتذاب تأييد سكان القروية الذين لا يثقون بمؤسسات نطام كابول التي يعتبرونها فاسدة وغير فعالة.

والقضاء مثال حي على ذلك. ومن اجل استبدال النظام القضائي الذي يضرب المثل ببطئه، أنشأت حركة طالبان محاكمها الخاصة التي كانت سريعة في إحقاق الحق في كل المجالات، من الزنا الى السرقة. ولم تلصق بقضاة حركة طالبان تهمة طلب الرشوة.

وقال احد سكان قره غويلي طالبا بعدم الكشف عن هويته "اذا ما رفعت شكوى الى محكمة نظامية، كان القاضي ينهبك، وكاتب المحكمة يسرق ثيابك ويأخذ الحراس ما يتبقى لك". واضاف "يفضل الناس التسامح مع قساوة طالبان بدلا من ان يتعرضوا للسلب".

لكن هذه الشهادة تلقي خصوصا الضوء على عجز الحكومة الافغانية المدعومة من حلفائها الغربيين الذين عرفت حركة طالبان كيف تستغلهم في الاشهر الاخيرة.

واذا كانت شعبية المتمردين ما زالت متدنية جدا في المدن، فهم يتمتعون ببعض النفوذ لدى شعب يشعر ان كابول قد تخلت عنه.

لن يستقر الوضع

والدليل على ذلك، سيطرة حركة طالبان اليوم على مزيد من الاراضي اكثر من اي وقت مضى منذ سقوط نظامهم في 2001.

ويقول مراقب غربي ان العمليات العسكرية للجيش الافغاني المدعوم من قوات الحلف الاطلسي، والرامية الى "تنظيف" الاقاليم التي ينتشر فيها عناصر حركة طالبان "لا تؤدي إلا الى نقل التمرد الى مكان آخر، لكنها لا تستأصله".

واعتبرت ساره شايس مؤلفة كتاب "لصوص الدولة: لماذا يهدد الفساد الامن الشامل"، ان "التركيز فقط على اعنف المتمردين يتيح خفض الحمى. وما لم يعالج المريض بالكامل، ويتم ايلاء تحسين الاداء الحكومي اهتماما متساويا، لن يستقر الوضع بصورة دائمة". وتشير المؤلفة في كتابها الى كيفية استفادة حركة طالبان من فساد المؤسسات.

والقائد غلام فاروق هو واحد من قادة العدد الكبير من الميليشيات التي تؤازر القوات الافغانية في معركتها ضد المتمردين. لكنها غالبا ما تتهم بارتكاب اسوأ التجاوزات وتدفع ايضا المدنيين الى احضان متمردي طالبان للاحتماء بهم.

لكن غلام فاروق الذي قاتل الى جانب القائد مسعود، يعتبر متراسا ضد طالبان.

وقد فر عناصر طالبان على دراجات نارية من دون ان يعمدوا قبل ذلك الى تلغيم الحدائق ومنازل القرويين.

وانضمت حوالى 60 عائلة من القرية التي يبلغ عدد سكانها الفي نسمة الى حركة طالبان لدى هروبها. والقرويون الذين لازموا القرية، يرتابون كثيرا من قوات القائد غلام فاروق ويتخوفون من ان يحل عليهم غضب حركة طالبان اذا ما عادت.

وقال غلام فاروق "طمأنتهم. وقلت لهم: +سأكون الى جانبكم لدى جني المحاصيل، وسأكون الى جانبكم عندما تعدون وجبة العيد+". واضاف "سنبقى".