تقف أوبك اليوم موقفًا لم تواجهه من قبل، فالخبراء يتوقعون أن ينتقل الموقف في المنظمة بين إيران والسعودية من اللاتعاون إلى المواجهة، بعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الرياض وطهران.

تضع الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وايران منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" امام امتحان جديد، بينما تمر في وقت عصيب. ولعل أوبك تجد نفسها اليوم في وضع أصعب مما واجهته في السابق، سواء خلال الحرب الايرانية - العراقية في الثمانينات أو بعد غزو صدام للكويت عام 1990. فالاحتقان الطائفي الذي يعمّ المنطقة اشتد بعد اعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر، في بلدان تعاني هبوط اسعار النفط.&
&
موقف عصيب
&
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مندوب دولة خليجية في أوبك قوله: "لم نواجه موقفًا كهذا من قبل".&
&
أضاف المندوب أن الفارق هذه المرة هو قوة انتاج النفط الاميركي الذي أبقى الأسواق متخمة، "ومنع أوبك من استخدام أداتها الرئيسية لتهدئة الأسواق، وهي ضبط امدادات النفط. فالاسعار هبطت بنسبة تزيد على 60 في المئة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، وانخفض سعر البرميل الاثنين تحت 38 دولارًا".&
&
وكانت السعودية وايران، اقوى عضوين في أوبك، مختلفتين في ما بينهما حول سياسة الانتاج قبل التطورات الأخيرة.&
&
ومن المتوقع أن تزيد ايران صادراتها النفطية في مطلع هذا العام، بعد رفع العقوبات الغربية عنها. وفي اجتماع أوبك الأخير في فيينا، دعا مسؤولون ايرانيون الدول الأعضاء إلى خفض الانتاج لمنع الأسعار من الاستمرار في الانخفاض حين يعود النفط الايراني إلى السوق. ورفضت السعودية هذه الدعوة، فيما تخلت أوبك عن أي إدعاء بأنها تتحكم بانتاج الدول الاعضاء، صارفة النظر عن الهدف الذي حددته بانتاج 30 مليون برميل في اليوم. وكان الانزعاج باديًا على وزير النفط الايراني بيجان زنكنة، حين غادر الاجتماع.&
&
استراتيجيا جديدة
&
ضخت السعودية مستويات قياسية من النفط خلال العام الفائت، مشجعة الدول الأخرى الأعضاء على الاقتداء بها في استراتيجيا تختلف عن سياستها السابقة المتمثلة بالحفاظ على استقرار السوق من خلال خفض الانتاج.&
&
وكانت السعودية وايران تتفاوضان بشأن التنسيق في تحديد الانتاج سابقًا، بما في ذلك اواخر التسعينيات. وقال محللون إن الآمال ضئيلة الآن بالتوصل إلى اتفاق مماثل.&
&
وأوضح محمد الصبان، المستشار السابق لوزير النفط السعودي: "قبل التطورات الأخيرة، كان هناك امكان لتوصل أوبك إلى اتفاق أو عمل منسق، أما الآن فإن ايران ترفض التنسيق بشأن اجراء تخفيض والسعودية لن تساوم".&
وكان المزاج في بعض الأوساط في طهران على القدر نفسه من التشاؤم خوفًا من الأضرار التي يمكن أن تلحق بأوبك.&
&
وقال روزبه علي آبادي، المسؤول في شركة غلوبال غروث أدفايزرز الاستشارية، التي تساعد الشركات الراغبة بالعمل في ايران: "ان السعودية أصلًا لم تكن تنسق مع ايران في السوق النفطية، وأتوقع الآن أن ينتقل الموقف السعودي في أوبك من اللاتعاون إلى المواجهة مع إيران".&
&
شريك أكثر ندية
&
قال أولي هانسن، رئيس قسم الاستراتيجيات السلعية في بنك ساكسو، إن السعودية ستتفاوض مع "شريك أكثر ندية" حين تزيد ايران انتاجها. واضاف هانسن: "هذا قد يكون صعبًا في ظل الاضطراب الحالي".&
&
وتسبب هبوط اسعار النفط بزيادة الضغط على دول أوبك، التي تعتمد اقتصاداتها على النفط. وكشفت الرياض أخيرًا عن عجز قياسي قدره نحو 367 مليار ريال (زهاء 98 مليار دولار) في ميزانية عام 2015، أو نحو 15 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. وتتوقع المملكة عجزًا قدره 326.2 مليار ريال في عام 2016، لأن المتوقع أن تهبط عائدات النفط إلى 513.8 مليار ريال. كما شرعت شركة أرامكو في خفض الانفاق مطالبة متعهديها باجراء تخفيضات بنسبة 20 في المئة.&
&
في إيران، يواجه المسؤولون النفطيون إمكان زيادة الانتاج في وقت تستمر الاسعار في الهبوط. وقال زنكنة أخيرًا إن ميزانية السنة المالية الايرانية التي تبدأ في آذار (مارس) تفترض أن يكون متوسط سعر النفط 40 دولارًا للبرميل بالمقارنة مع 72 دولارًا في ميزانية 2015.&
&
وهبط سعر النفط الايراني الثقيل إلى أقل من 30 دولارًا للبرميل في منتصف كانون الأول (ديسمبر)، بحسب وزارة النفط الايرانية.&
&