اسطنبول: بدأت محاكمة الداعية والمفكر الاسلامي التركي فتح الله غولن الحليف السابق الذي اصبح العدو اللدود للرئيس رجب طيب اردوغان، الاربعاء في اسطنبول، في غيابه لكن بحضور عشرات من عناصر الشرطة المتهمين بالتآمر معه على الرجل القوي في البلاد.

ويحاكم الامام غولن (74 عاما) الذي يعيش في مأمن منذ اكثر من 15 عاما في الولايات المتحدة، بتهمة "تشكيل منظمة ارهابية" وتلفيق اتهامات خطيرة بالفساد هزت الحكومة الاسلامية المحافظة التي كان يرأسها اردوغان قبل سنتين.

وفي غياب الداعية، يشكل القائد السابق لشرطة اسطنبول يعقوب سايجيلي ومساعده للشؤون الجنائية كاظم اكشوي اللذين يتصدران هذا التحقيق منذ انطلاقه في كانون الاول/ديسمبر 2013، ابرز عناوين هذا الملف المسيس جدا.

وقد رفض الرجلان الموقوفان منذ 17 شهرا، بتهذيب صباح الاربعاء، الكشف عن هويتيهما امام القاضي قبل ال 66 متهما الاخرين.

وفي ختام مرافعة تضمنت 1453 صفحة طلب المدعي العام لاسطنبول انزال عقوبة السجن المؤبد بحق الداعية وسايجيلي واكسوي، وهي اقصى عقوبة ينص عليها القانون التركي.

وطلب انزال عقوبة السجن بشركائهم المحتملين من سبع الى 330 سنة.

ومنذ افتتاح المرافعات، رد احد محامي فتح الله غولن الاتهامات الموجهة الى موكله.

وقال نورالله البيرق "لا يتوفر اي دليل ملموس على ان موكلي شارك في اي نشاط غير شرعي، ولا اي وثيقة". واضاف "لم نر ابدا اي تحقيق يتسم بهذا القدر من الاضطراب على امتداد تاريخ بلادنا".

واضاف زميله مراد اردوغان الذي يدافع عن المسؤولين السابقين الكبيرين في الشرطة، وقد استدار الى قفص الاتهام، "انه لمن العار ان يتم اعتبار جميع هؤلاء الاشخاص الذين لا يؤذون حتى الذبابة ارهابيين". وشدد على القول ان هذه المحاكمة "ليست سوى عملية اعدام قضائية".

ويتولى غولن الذي يدعو الى اسلام معتدل، ادارة شبكة واسعة من المدارس والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات ووسائل الاعلام، التي استند اليها اردوغان فترة طويلة لإحكام قبضته على تركيا بعد وصول حزبه الى السلطة في 2002.

لكن اردوغان الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء اشهر عليه رسميا الحرب ابتداء من كانون الاول/ديسمبر 2013، لاقتناعه بأن حليفه السابق اوحى بالتحقيقات ضد الفساد التي بدأت ضد عدد كبير من وزرائه وافراد عائلته.

وتسببت هذه الفضيحة بتنحي اربعة وزراء وشكلت مادة دسمة لشبكات التواصل الاجتماعي التي تناقلت مقتطفات من المكالمات الهاتفية المحرجة لاردوغان ونجله بلال.

ورغم الضرر الذي لحق باردوغان الذي كان رئيسا للوزراء في تلك الاونة، الا ان ذلك لم يحل دون فوزه في الانتخابات البلدية في اذار/مارس 2014، وانتخابه بعد خمسة اشهر رئيسا للدولة.
&لكن اردوغان شن حملة تطهير غير مسبوقة في اوساط المقربين من الامام غولن شملت خاصة دوائر الشرطة والقضاء وشبكته الواسعة من المدارس والشركات ووسائل الاعلام اضافة الى المنظمة غير الحكومية المعروفة باسم "حزمت" اي "الخدمة" بالتركية.

وبعد بنك آسيا الشبكة المصرفية العاشرة في البلاد، وضع القضاء التركي في تشرين الاول/اكتوبر تحت وصايته مجموعة كوزا-ايبك المالكة لصحيفتين وشبكتي تلفزة. وقد اثار هذا التدبير الانتقاد واعتبر انتهاكا لحرية الصحافة.

وتقول وسائل الاعلام القريبة من الحكومة، انه تم بالاجمال اعتقال حوالى 1800 شخص يشتبه بانهم من المقربين من الداعية بينهم 750 شرطيا منذ العام 2014. وينتظر 280 منهم محاكمتهم في السجن.

واكدت لائحة المدعين التي كشف عنها الاربعاء لدى افتتاح الجلسة، الطابع السياسي جدا للتصدي لما يعتبره اردوغان "دولة موازية".

وبالاضافة الى رئيس الدولة، برزت في اللائحة اسماء نجله بلال ورئيس الوزراء احمد داود اوغلو وعدد كبير من الوزراء والوزراء السابقين ورئيس اجهزة الاستخبارات حقان فيدان.