بروكسل: جدد المجتمع الدولي ممثلا خصوصا بالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الاربعاء دعمه لافغانستان، واعدا بتقديم مساعدات لهذا البلد الغارق في الحرب بقيمة 13،6 مليار يورو لدعم التنمية فيه، رغم تواصل المواجهات مع حركة طالبان.

وقال المفوض الاوروبي للتعاون الدولي والتنمية نيفن ميميتشا في ختام مؤتمر المانحين في بروكسل، ان قيمة المساعدات التي تم التوصل اليها "قريبة قدر الامكان" من تلك التي سجلت قبل اربعة اعوام خلال مؤتمر طوكيو وبلغت 16 مليار دولار او 14,3 مليار يورو، معتبرا ان هذه النتيجة "لافتة".

ورحب الرئيس الافغاني اشرف غني بالنتائج "المميزة" التي تحققت خلال المؤتمر، في حين قالت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني خلال المؤتمر الصحافي مع غني "ان البعض كان متشككا (...) الا ان المبلغ الذي تم التوصل اليه يفوق توقعاتنا الاكثر تفاؤلا".

وكما كان متوقعا في مؤتمر المانحين السابق في لندن عام 2014، ينبغي أن تنخفض المساعدة "بشكل تدريجي" مع انتهاء عقد التحول (2015-2024) الذي سيكون مرادفا "لاستقلالية (افغانستان) المتصاعدة" بحسب تعبير وزير الخارجية الاميركي جون كيري.

وفي حين يبقى الأمن الهم الرئيسي في البلاد بعد خمسة عشر عاما على اطاحة حركة طالبان من السلطة، حض كيري المتمردين على ابرام سلام "مشرف" مع السلطات في كابول.

واعتبر كيري ان اتفاق السلام الذي ابرم الشهر الماضي بين زعيم الحرب السابق قلب الدين حكمتيار رئيس الحزب الاسلامي وحكومة كابول يشكل "نموذجا لما يمكن القيام به".

وحكمتيار الذي يوصف بأنه "جزار كابول" ولا يزال في المنفى قد ضمن لنفسه حصانة وامكانية العودة الى الحياة السياسية رغم الاحتجاجات.

اما رسالة القادة الغربيين التي برروا من خلالها تقديم المساعدات، فهي انه لا يمكن أن تكون هناك تنمية في أفغانستان من دون أمن أفضل للأفغان، داعين القوى الاقليمية، الصين والهند وباكستان، الى دعم أوسع للسلام.

وكانت موغيريني اعلنت قبل ذلك امام الصحافيين "نحن هنا اليوم لأن الاستثمار بمجال الأمن في أفغانستان وفي نجاح أفغانستان، هو استثمار في أمننا". 

واشارت موغيريني الى ان البلدان الـ28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي يجب أن تلتزم بشكل جماعي بتوفير سقف "1،2 مليار يورو" في العام، أي بنحو 40 بالمئة من المعدل بين عامي 2017 و2020. 

واضافة الى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي فان الثلث الثالث من المساعدات سيأتي من مجموعة من الدول على راسها اليابان.

وقال وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير "ان هذه المساعدة ليست من دون شروط. ننتظر من افغانستان ان تقوم من جهتها بما يتوجب عليها" معربا عن الامل ب"مزيد من الوحدة" داخل الحكومة الافغانية.

من جهته قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "من المهم ان يبعث المجتمع الدولي رسالة دعم قوية الى الشعب والحكومة الافغانية". 

ورغم ان المنظمات غير الحكومية لا تزال غير راضية خصوصا في مسألة مكافحة الفساد، إلا ان الجهد الاصلاحي الذي تقوم به حكومة الوحدة الوطنية الافغانية قد أقر به كل من بان كي مون الذي اعتبر انه "مدهش" في حين قال كيري ان "لا جدال فيه على الاطلاق". 

اعادة المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين 

في الواقع فإن المساعدات المالية المقدمة مشروطة بإصلاحات، بما فيها ضبط أوضاع المالية العامة، وقد استغل الرئيس الافغاني المنبر من اجل التأكيد أن الهدف المحدد لعام 2016 في ما يتعلق بجمع الضرائب قد تحقق "قبل ثلاثة أشهر" من التاريخ المحدد.

وفي تقرير نشر بمناسبة هذا المؤتمر دعت منظمة الشفافية الدولية الرئيس الافغاني الى "تسريع" وتيرة مكافحة الفساد من خلال تحديد عشرين هدفا رئيسيا. 

وتفيد منظمة الشفافية الدولية أن ثُمن المساعدات الدولية تهدر في الفساد او الاثراء الشخصي لمسؤولين كبار.

من جهتها، طالبت منظمة العفو الدولية بألا يكون الدعم الغربي "مشروطا" بإعادة مهاجرين افغان الى بلادهم، في وقت تشكل أفغانستان حاليا ثاني أكبر بلد يتقدم مواطنوه بطلبات لجوء في الاتحاد الأوروبي بعد سوريا.

ووقع الاتحاد الأوروبي الاثنين في كابول مع السلطات الافغانية اتفاقا تم التفاوض بشأنه بسرية ويهدف خصوصا الى اعادة الافغان الذين رفضت طلبات اللجوء التي تقدموا بها. 

لكن موغيريني شددت على ان هذه المسألة "ليست على جدول الاعمال اليوم، وليس هناك أبدا صلة بين المساعدة من اجل الإنماء وبين ما نفعله في ملف الهجرة". 

اما رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك المضيف الرسمي مع غني للمؤتمر فلم يرد التعتيم على الموضوع.

وقال توسك ان "الاتحاد الأوروبي هو رائد في الغرب في دعم اللاجئين. لا نتوقع مديحا، لكن البلدان التي ينطلق منها المهاجرون يجب أن يعاد اليها المهاجرون لاسباب اقتصادية غير الشرعيين".