بدأ نواب عراقيون بالتحرك ضد قرار القضاء العراقي بإعادة النواب الثلاثة للرئيس العراقي إلى مناصبهم في إلغاء لقرار العبادي باعفائهم منها، داعين إلى تحريك مشروع قانون ينص على ان يكون للرئيس نائب واحد.. فيما كشف تقرير اقتصادي أن استئناف الثلاثة لوظائفهم يكلف خزينة الدولة اكثر من أربعة ملايين دولار شهريًا.

إيلاف من لندن: قررت المحكمة الدستورية العراقية العليا أمس إعادة نواب الرئيس العراقي الثلاثة إلى مناصبهم، وهم رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ورئيس ائتلاف متحدون للاصلاح أسامة النجيفي ورئيس ائتلاف الوطنية أياد علاوي، معتبرة قرار اقالتهم مخالفًا للدستور، ما وجه ضربة قاسية للاصلاحات التي يقوم بها رئيس الوزراء، والذي اصدر قرارات في اغسطس عام 2015 قضت باعفاء نواب رئيس الوزراء الثلاثة ونواب رئيس الجمهورية الثلاثة من مناصبهم من اجل توفير اموال إضافية للموازنة الاتحادية التي تعاني أزمة حادة نتيجة لانخفاض موارد البلاد المالية، بسبب انخفاض اسعار النفط والتكاليف الباهظة للحرب ضد تنظيم داعش، الذي مازال يحتل مساحات من الاراضي العراقية.

دعوة لتحديد نائب واحد لرئيس الجمهورية

ودعا النائب عن التحالف الكرستاني ماجد شنكالي رئاسة الجمهورية إلى ارسال مشروع قانون تعديل للقانون رقم 1 لسنة 2011 الخاص بنواب رئيس الجمهورية إلى البرلمان، موضحًا أن منصب رئيس الجمهورية تشريفي، وبالتالي فإن وجود اكثر من نائب له قضية تضر بالموازنة العامة وتمثل هدرًا واضحًا للمال العام في ظل الازمة الاقتصادية الكبيرة التي يمر بها البلد".

وأشار النائب في بيان صحافي الثلاثاء، اطلعت على نصه "إيلاف"، إلى أنّ قرار المحكمة الاتحادية أمس، بالغاء قرار مجلس الوزراء الصادر ضمن حزمة الاصلاحات الاولى بإلغاء مناصب نواب الجمهورية دستوري، رغم انه لا يصب بالمصلحة الوطنية.. مشددًا بالقول "لكننا لا نستطيع تجاوز الدستور كونه رسم الخارطة العامة لسياسة الدولة بانتظار ما نصل اليه من تعديلات دستورية بضمنها هذه الفقرة".

واوضح شنكالي أن قانون نواب رئيس الجمهورية الصادر في عام 2011 يتضمن اخطاء كثيرة واجبة التغيير، حيث تمت كتابته انذاك لينسجم مع المحاصصة التي كانت سببًا في ما وصل اليه العراق حاليًا من خلال المادة الاولى - الفقرة اولاً منه، والتي تحدثت عن اختيار رئيس الجمهورية عند تسلمه مهامه الدستورية نائباً أو أكثر على أن لا يزيد على ثلاثة.. مؤكدًا بالقول لذلك "نعتقد أن هنالك ضرورة لتحديدها بنائب واحد فقط ".

وعن دور مجلس النواب في هذه القضية، اوضح النائب أن الامر الآخر في القانون النافذ حاليًا هو خلوه من أي فقرة تتحدث عن حق البرلمان بإقالة نواب رئيس الجمهورية كونه تحدث في المادة الخامسة - الفقرة خامسًا منه عن حق مجلس النواب بمساءلة نائب رئيس الجمهورية بناء على طلب مسبب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، ولم يتحدث بالمطلق عن حق البرلمان بالتصويت على الاقالة.

وطالب الرئيس العراقي فؤاد معصوم "بصفته المعني بالدفاع عن حقوق الشعب العراقي وضمن صلاحياته إلى ارسال مشروع قانون تعديل للقانون النافذ وبما ينسجم مع الاصلاحات والمطالب الجماهيرية"، بحسب قوله.

إهانة للشعب العراقي

ومن جهتها، اعتبرت كتلة الاحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري قرار القضاء بإعادة نواب الرئيس العراقي إلى مناصبهم بأنه إهانة للشعب العراقي. وقال النائب عن كتلة الأحرار النيابية رسول صباح الطائي إن الجماهير ستقول كلمتها بخصوص عودة نواب رئيس الجمهورية بعد الانتهاء من مراسيم زيارة عاشوراء (غدًا الاربعاء).&

وأضاف في بيان صحافي الثلاثاء حصلت "إيلاف" على نصه، أن "الجماهير ستقول كلمتها بعد الانتهاء من مراسيم زيارة عاشوراء بخصوص قرار المحكمة الاتحادية بعودة نواب رئيس الجمهورية".. منوهاً إلى أن مجلس النواب كذلك سيكون له موقف من القرار بعد استئناف جلساته في الأسبوع المقبل.

واعتبر النائب الصدري الطائي قرار المحكمة الاتحادية بإبطال قرار إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية "إهانة لرئيس الوزراء حيدر العبادي والشعب العراقي على حد سواء".. وقال إن "التصريحات التي خرجت من بعض الشخصيات والتي كانت سببًا في دمار العراق وهدر المال العام وسقوط الموصل، لا تعني شيئًا.. وهي دليل على إفلاسهم السياسي"، في إشارة إلى نائب الرئيس العراقي المعاد إلى وظيفته نوري المالكي الذي هاجم امس دعوة زعيم التيار التيار الصدري للشعب بالخروج في مظاهرات عارمة ضد قرار إعادة نواب الرئيس معصوم إلى وظائفهم.&

صفقة خاسرة

ومن جانبه، اعتبر النائب عن التحالف المدني الديمقراطي وأمين عام حزب الشعب، فائق الشيخ علي، قرار المحكمة الإتحادية بإعادة نواب رئيس الجمهورية إلى مناصبهم قرارًا خاطئًا.. وقال إنه جاء مقابل عدم تشريع قانوني مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الإتحادية العليا في البرلمان.

وقال إنه لذلك "علينا تنبيه الشعب العراقي ونوابه بضرورة الضغط للإسراع بتشريع القانونين.. وإن أي تأجيل أو تسويف أو إبطاء في السير بهما سوف يحقق الغاية المرجوة من قرار المحكمة الإتحادية المخيب للظنون الذي إتخذته للأسف".

وأمس، اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قرار إعادة نواب رئيس الجمهورية إلى مناصبهم تكريساً للفساد، داعيًا إلى تظاهرة حاشدة ضده مهددًا بإعتصام مفتوح، ومقررًا تأجيل مفاوضات عودته إلى التحالف الشيعي.
&
عودة النواب تكلف الدولة أربعة ملايين دولار شهريًا

وكشف النقاب في بغداد اليوم أن عودة نواب الرئيس العراقي الثلاثة لمناصبهم ستكلف الدولة اكثر من اربعة ملايين دولار شهريًا، في وقت يمر فيه العراق بأزمة مالية حادة.&

وقال الخبير الاقتصادي محمد جميل البياتي إن عودة نواب الرئيس الثلاثة إلى مناصبهم دليل على الفساد المالي والاداري، الذي مازال ينتهجه القضاء العراقي والتشجيع على هدر الاموال، وكذلك الضحك على ارادة الشعب. واكد البياتي في تصريح لوكالة "دنانير" العراقية المهتمة بالشؤون الاقتصادية أن مناصب نواب رئيس الجمهورية يستلمون نحو اكثر من 5 مليارات دينار شهريًا (اكثر من 4 ملايين دولار شهريًا) من خزينة الدولة موزعة على نفقات مكاتبهم ومستشاريهم وحماياتهم وايجارات مقرات سكنهم وسفراتهم.

وأشار إلى أنّ "لكل نائب من الثلاثة فوج حماية يتكون من 200 شخص، بالإضافة إلى موظفي التشريفات والحرس الخاص".. مبينًا أن "هذه المناصب كونها مناصب غير تنفيذية تكلف الدولة الكثير لأنها جاءت لإرضاء كتل وشخصيات معينة وليس لأجل العراق واليوم العراق يمر بأزمة مالية كبيرة تتطلب من الجميع ان يتنازل عن استحقاقه ويقف مع العراق".

وأوضح أن الفساد والسرقات التي كانت مستشرية بصورة علنية في زمن الحكومة السابقة لنوري المالكي ومن دون رقابة، قد سببا ازمة مالية في البلد يتحملها رئيس الحكومة السابق. ولفت إلى أنّ قرار اعادة نواب معصوم لوظائفهم سيفتح الباب نحو نواب رئيس مجلس الوزراء الثلاثة المقالين ويمكن عودتهم إلى مناصبهم.

ومن جهتهم، فقد اعرب عدد من النشطاء والمدنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن استغرابهم من اصدار هذا القرار بعد مرور نحو عام او اكثر على اقالة النواب الثلاثة، مهددين بتظاهرات عارمة في عموم البلاد واضراب عام اذا لم تتراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها.

وكان العبادي أصدر في اغسطس من العام الماضي قرارات ألغى فيها مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس مجلس الوزراء، وذلك ضمن سلسلة إصلاحات أعلنتها الحكومة بعد مظاهرات شعبية غاضبة احتجاجًا على الفساد والنقص في الخدمات العامة.&

وتضمنت الاجراءات ايضًا تقليص عدد أفراد حماية المسؤولين في الدولة وإلغاء مخصصات أصحاب الدرجات العليا من الموظفين والمتقاعدين، فضلاً عن تقليص تأثير المحاصصة في اختيار المناصب العليا في مؤسسات الدولة ليكون التعيين فيها على أساس الكفاءة والمهنية.. كما أصدر العبادي قرارًا بفتح تحقيق شامل في ملفات الفساد السابقة والحالية لكن اي نتائج مثمرة لهذه الاصلاحات لم تظهر بشكل حقيقي، الامر الذي دفع بالمرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني، الذي دعم الاصلاحات في بدايتها، للتعبير في ما بعد عن خيبة امله من عدم جديتها، فيما استأنف المتظاهرون احتجاجاتهم الاسبوعية ايام الجمعة لحد الآن، مطالبين باصلاحات حقيقية وتقديم الفاسدين إلى المحاكم واسترجاع اموال الشعب التي نهبوها منهم.&

نص قانون نواب رئيس الجمهورية

وكان البرلمان العراقي شرع في عام 2011 قانوناً جديداً ينص على ان يكون لرئيس الجمهورية ثلاثة نواب، وذلك لتوزيع المناصب الثلاثة، وفقًا للمحاصصة المعمول بها في البلاد منذ عام 2003 :

باسم الشعب&
رئاسة الجمهورية&
استنادًا الى إحكام البند (أولا) من المادة(61) والبند(ثانيا) من المادة(69) والبند (ثالثا) من المادة( 73) من الدستور:

صدر القانون الأتي:&
رقم (1) لسنة 2011 قانون نواب رئيس الجمهورية
المادة -1-
يختار رئيس الجمهورية عند تسلمه مهامه الدستورية نائبًا أو أكثر على أن لا يزيد على ثلاثة، ويعرض هذا الترشيح على مجلس النواب للمصادقة عليه بالأغلبية.
المادة -2-&
يشترط في نائب رئيس الجمهورية ما يشترط في رئيس الجمهورية طبقًا لإحكام المادة(68) البند الثالث من المادة (135) من الدستور وان يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية أو ما يعادلها.
المادة -3- يؤدي نائب رئيس الجمهورية اليمين الدستورية امام مجلس النواب بالصيغة المنصوص عليها في المادة(50) من الدستور.
المادة -4-&
تبدأ ولاية نائب رئيس الجمهورية بعد انتهاء أداء اليمين الدستورية أمام مجلس النواب وتنتهي بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية.
المادة -5-&
أولا- يمارس نائب رئيس الجمهورية الصلاحيات التي يخولها رئيس الجمهورية له من الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور.
ثانيا- يحل نائب رئيس الجمهورية محل الرئيس عند غيابه.
ثالثا - يحل النائب الاول لرئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سبب كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز (30) يومًا من تاريخ الخلو.
رابعا - أ - لرئيس الجمهورية قبول استقالة نائبه وإعلام مجلس النواب واختيار بديل عنه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ قبول الاستقالة.
&ب - لرئيس الجمهورية طلب اعفاء نائبه على ان يكون الطلب مسببًا ويعرض على مجلس النواب للتصويت عليه بالاغلبية المطلقة.
خامسا - لمجلس النواب مساءلة نائب رئيس الجمهورية بناءً على طلب مسبب بالاغلبية لعدد اعضائه.
المادة - 6 -
&لرئيس الجمهورية إصدار نظام داخلي لتسهيل تنفيذ أحكام هذا القانون.
المادة - 7 -
&ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
الاسباب الموجبة
لتنظيم احكام اختيار نائب رئيس الجمهورية والتعريف بمهامه اعمالاً لأحكام البند (ثانياً) من المادة (69) من الدستور، شرع هذا القانون.