الأمم المتحدة تستعد لاستقبال أعدادا متزايدة من النازحين مع اقتراب إطلاق عملية تحرير الموصل بعد عامين من سيطرة تنظيم الدولة

يستعد الجيش العراقي لشن هجوم لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف باسم داعش، الأمر الذي قد يؤدي إلى نزوح ما يزيد عن مليون عراقي من منازلهم.

وذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لبي بي سي، أنها تجري استعدادات بالتنسيق مع الجيش العراقي للتعامل مع الأزمة الإنسانية المتوقعة بإقامة مخيمات لتوطين هؤلاء الذين سيحتاجون إليها.

ومن المتوقع أن تنطلق معركة تحرير ثاني أكبر المدن العراقية من قبضة تنظيم الدولة الشهر الحالي، وذلك بعد أكثر من عامين من استيلائه عليها.

وقال برونو جيدو، مسؤول شؤون اللاجئين في العراق، إن المفوضية الأممية وشركاءها يكثفون خطط الطوارئ، وذلك في إطار الاستعدادات والدروس المستفادة من العمليات العسكرية السابقة مثلما حدث في مدينة الفلوجة من قبل.

وحث الجيش العراقي سكان الموصل على البقاء في منازلهم كلما كان هذا متاحا.

ويضيف جيدو "يعرف مسلحو التنظيم الطرق المؤدية إلى خارج المدينة وسيقتل الذين سيهربون منها".

وأوضح أن هناك طريقا وحيدة ضيقة وهي آمنة للخروج، "لكن إذا ما حاول عدد كبير استخدامها ستصبح مثل عنق الزجاجة وتكون خطيرة دائما، ومن السهل مهاجمتها".

ولفت إلى أنه في حاله تم ترتيب الوضع في المدينة بطريقة سليمة، فسيكون كل شيء تحت سيطرة الجيش العراقي ولن يُسمح للمواطنين بترك الموصل.

وحذر المسؤول الأممي من أنه في حال تدفق المواطنين خارج المدينة بدون تنظيم ستسود حالة من "الفوضى واليأس".

"نزوح"

 

تشير التقديرات إلى تهجير 3.3 مليون شخص، حوالي 10 بالمئة من سكان العراق، من مناطقهم بسبب القتال الذي اندلع في 2014

وتشير التقديرات إلى تهجير 3.3 مليون شخص، حوالي 10 بالمئة من سكان العراق، من مناطقهم بسبب القتال الذي اندلع في 2014.

وينضم الذين يفرون من الموصل والمناطق المحيطة بها إلى حوالي نصف مليون شخص تركوا المدينة في يونيو/ حزيران 2014.

ولا توجد أرقام موثوق بها حول عدد السكان الباقين في المدينة، لكن المعروف أنه كان هناك أكثر من مليوني شخص عندما استولى التنظيم المتشدد عليها قبل عامين.

ويقدر جيدو عدد السكان حاليا بما يتراوح بين 1.2 و1.5 مليون نسمة.

ونتيجة لهذا تعتقد الأمم المتحدة أن تهجير أكثر من مليون شخص خلال المعارك المقبلة، سيحتاج حوالي 700 ألف منهم لمأوى.

وفي ظل القدرات المالية الحالية لا تستطيع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين استيعاب حوالي 20 ألف عائلة أو 120 ألف شخص فقط.

بينما تقدر منظمات أخرى تعمل بجانب الأمم المتحدة قدرتها على مساعدة 50 ألف عائلة إضافية.

مخيمات الطوارئ

الأمم المتحدة كشفت إنشاء خمسة مخيمات مؤقتة وتسعى لإنشاء 20 مخيما للطوارئ لن تكشف عن مكانها خوفا من قصفها

ويقول جيدو "سيكون لدينا خمسة مخيمات مؤقتة جديدة بنهاية أكتوبر/ تشرين أول ونأمل إقامة 20 مخيم طوارئ إضافي بالقرب من ميدان الصراع".

ولا يمكن حاليا الكشف عن مواقع مخيمات الطوارئ هذه بسبب مخاوف أمنية.

وحذر جيدو من احتمال تعرض مخيمات الطوارئ لهجوم بالقذائف أو الصواريخ، وذلك لأن الموقف يتطلب أن تكون قريبة من المدينة لتقديم العون للمدنيين فور هروبهم.

وشدد على أن الأمم المتحدة حددت أربعة مواقع لمخيمات طوارئ، لكنه تحدث عن تحديات العثور على أماكن آمنة يتوفر بها الأرض الملائمة للملاجئ بالإضافة لتوافر إمدادات المياه.

وفي السابق كان هناك أزمات مع أصحاب الأراضي الخاصة الذين لم يرغبوا في تركها للأمم المتحدة.

وفي إطار سعيها لتوفير المزيد من الأماكن للعائلات النازحة، تسعى الأمم المتحدة إلى نقل السكان من المخيمات سريعا حتى يمكنها استيعاب المزيد منهم مؤقتا.

وقال مفوض الأمم المتحدة إن "ترتيب الرعاية" هو أحد الخيارات المتاحة، وأوضح أن المدنيين سيحظون من خلاله برعاية أحد أفراد العائلة أو شركة أو مؤسسة خيرية.

وإذا ما تمكن النازحون من اثبات أن هناك من سيتولى أمرهم في منطقة يريدون التوجه إليها، فإن الأمم المتحدة سوف تساعدهم على بلوغها وترعاهم طوال الرحلة.

وكشف جيدو عن مشكلة أخرى تواجه الأمم المتحدة تتمثل في احتمال هروب مدنيين إلى سوريا، وهو ما تعمل المنظمة الدولية مع جماعات أخرى لضمان عدم حدوثه حرصا على سلامة المدنيين.

وأوضح جيدو أن هذا الأمر سيكون أكثر صعوبة، مضيفا أن ذلك "قد يخفف بعضا من الضغوط على مخيماتنا في العراق".

 

نظرا لطول فترة التجهيز لمعركة الموصل فقد نجحت الأمم المتحدة في توفير نصف الأموال التي تريدها بالفعل وهي 284 مليون دولار

برونو جيدو، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالعراق

زيادة التمويل

وتمثل عملية زيادة التمويل لجهود الإنقاذ تحديا آخر، لكنها تحسنت منذ الأزمات السابقة، بحسب ما قال جيدو.

ونظرا لطول فترة التجهيز لمعركة الموصل فقد نجحت الأمم المتحدة في توفير نصف الأموال التي تريدها بالفعل وتستهدف جمع 284 مليون دولار.

ويشدد المفوض الأممي على أنه لا يمكن توفير المال الكافي لأي موقف إنساني، "لكننا أفضل استعدادا هذه المرة".

"كشف"

ومن الدروس الأخرى التي تعلمتها الأمم المتحدة التدقيق في هؤلاء الذين يدخلون المخيمات.

ونظرا للشكاوى السابقة من سوء معاملة المليشيات الشيعية أثناء عمليات التفتيش الأمنية، فإن هذا يعني أن الجيش العراقي هو من سيتولى الإشراف على تنفيذ خروج المدنيين.

جميع الرجال الفارين من الموصل سيخضعون لفحص أمني للتاكد من عدم انتماءهم لتنظيم الدولة

ويقول جيدو "عملية الفحص هامة بالتأكيد، سيكون هذا أول احتكاك للكثير من المواطنين بعد عامين من سيطرة تنظيم الدولة، ويجب أن يكون من الواضح تمام أننا نقدم المساعدة وإجراءتنا طبيعية".

وحول طبيعة تلك الإجراءات قال إنه "لن يُسمح لأي رجل بدخول مخيمات الأمم المتحدة قبل الفحص الأمني، وقد يستغرق الأمر عدة أيام".

دروع بشرية

وتحدث جيدو أيضا عن وجود مؤشرات معاناة تنظيم الدولة في الموصل من نفاد التمويل، وذلك من خلال ما قاله بعض الفارين عن قبول أعضاء التنظيم بالحصول على المال للسماح لهم بالهرب.

وتابع "كان الطريق الوحيد للهرب من خلال مهربين، وكان الشخص يدفع 2000 دولار وكان الأمر خطيرا جدا، وقد يتعرض المدنيون والمهربون للقتل حال القبض عليهم".

وأضاف "مؤخرا سمعنا روايات، وإن كانت معلومات غير مؤكدة، عن أن مقاتلي التنظيم يقبلون الحصول على 10 آلاف دولار مقابل السماح للمدنيين بالهروب".

لكن ربما يريد التنظيم الإبقاء على السكان بالمدينة حتى بداية المعركة للاستفادة من ذلك تكتيكيا، بحسب المسؤول الأممي.

واستطرد جيدو "سيحاول التنظيم إبطاء حركة قوات التحالف من خلال استخدام المدنيين دروعا بشرية".