إيلاف - متابعة: بات الزعيم المسيحي ميشال عون الذي انتقل من قيادة الجيش الى رئاسة الحكومة، ثم الى أبرز زعيم مسيحي في لبنان، ومن العداء لسوريا الى التحالف مع حزب الله، ابرز حلفاء سوريا، على قاب قوسين من الوصول الى رئاسة الجمهورية.
بعد شغور منصب الرئاسة لنحو عامين ونصف جراء الانقسامات السياسية الحادة في لبنان، ضمن عون الخميس اكثرية نيابية قد تحقق له حلمه بأن يصبح رئيسا في نهاية الشهر الحالي، بعدما انضم رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري الى لائحة الداعمين له، وفي مقدمهم حزب الله والقوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع.
ويعيد هذا الدعم المتعدد الاطراف السياسية والطائفية خلط التحالفات السياسية القائمة في لبنان منذ العام 2005، إذ تمكن عون من إقناع الحريري وجعجع، عدويه السابقين اللدودين بتأييده.
ويتحدر عون (81 عاما) من أسرة متواضعة في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعد اليوم المعقل الرئيسي لحزب الله. وبدأ مسيرته المهنية بالالتحاق بالمدرسة الحربية كتلميذ ضابط في العام 1955.
ثم تدرج في صفوف الجيش وعين في مناصب عدة وصولا الى تشكيل وقيادة "اللواء الثامن" الذي خاض معارك بارزة في الحرب اللبنانية، ابرزها معركة سوق الغرب في العام 1983 في مواجهة هجوم للحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط مدعوما من الجيش السوري في إطار ما عرف بـ"حرب الجبل".
في يونيو 1984، عين عون قائدا للجيش اللبناني، وبات لقب "الجنرال" منذ ذاك الحين ملتصقا باسمه.&
عون قائدا للجيش |
&
حكومة انتقالية
شكل العام 1988 التحول الاول في مسيرته، حين كلفه رئيس الجمهورية آنذاك أمين الجميل تشكيل حكومة انتقالية تتولى التحضير لانتخابات رئاسية تعذر اجراؤها في موعدها. فشكل عون حكومة عسكرية واتخذ من القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت مقرا، وبقي فيه لمدة سنتين خاض خلالها حربين مدمرتين.
كانت الحرب الاولى ضد "القوات اللبنانية"، الطرف المسيحي الاقوى عسكريا في تلك الفترة، من أجل تجريدها من سلاحها الذي كان يدعو الى حصره في "يد الشرعية". وتركت هذه الحرب أثرا عميقا بين المسيحيين الذين انقسموا منذ ذلك الحين بشكل حاد بين الزعيمين.
في مارس 1989، شن عون "حرب التحرير" ضد القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان منذ 14 عاما. وعلى الرغم من انه لم ينجح في حينه في إخراج السوريين من لبنان، الا ان تلك الحرب كرسته زعيما بين المسيحيين الذين كانوا يشكون من التدخل السوري في كل تفاصيل الحياة السياسية اللبنانية.
شن عون "حرب التحرير" ضد القوات السورية |
&
اتفاق الطائف
وأدى تدخل دولي وسعودي خصوصا الى التوصل الى اتفاق ينهي الحرب الاهلية اللبنانية (1975-1990)، عرف ب"اتفاق الطائف". لكن عون رفضه، واعتبره يمس بالسيادة اللبنانية,&كما رفض عون انتخاب النواب للرئيس رينيه معوض كنتيجة لاتفاق الطائف، ثم الياس الهرواي بعد مقتل معوض في نوفمبر 1989.&
وضيق السوريون الخناق عليه واستهدفوا القصر الرئاسي مرارا. تحت ضغط التصعيد العسكري السوري في اكتوبر 1990، غادر عون القصر الرئاسي، وتوجه الى السفارة الفرنسية في بيروت حيث بقي تسعة اشهر قبل ان يغادر الى فرنسا ويبقى منفيا فيها لمدة 15 عاما.
في العام 1996، اسس عون "التيار الوطني الحر" من باريس.
اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الأهلية اللبنانية |
&
تسونامي
وكان لاغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005 وما تلاه من اندلاع احتجاجات شعبية دفعت القوات السورية الى الانسحاب من لبنان، الدور المباشر في عودة عون من منفاه الباريسي.
بعد شهر على عودته، شكل عون مفاجأة كبرى بفوزه بـ21 مقعدا من أصل 128 في المجلس النيابي، ما دفع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الى وصفه بـ"التسونامي". وقد خاض الانتخابات وحده من دون حليف.
منذ ذلك الحين، بدأ أنصاره يطلقون عليه اسم "الزعيم المسيحي القوي"، ويطالبون بأن يصبح رئيسا.
ويعتبره محبوه بمثابة أيقونة في نضاله العسكري والسياسي، ويتحدثون عن "قائد شجاع نظيف الكف" وزعيم برز من خارج العائلات السياسية التقليدية ونجح في تحقيق تطلعات المسيحيين في بلد ذي تركيبة طائفية بامتياز.
أما خصومه فيرون فيه شخصا عصبيا ومتقلبا في مواقفه و"متجاوزا المبادىء" من أجل الوصول الى الرئاسة، مشيرين الى انه بدوره سلك طريق العائلات التقليدية عبر اعطاء ادوار سياسية لافراد من عائلته وعلى رأسهم صهره النائب جبران باسيل.
الجنرال عون مع السيد حسن نصرالله |
&
تفاهم مع حزب الله
في خطوة مفاجأة قلبت موازين القوى في لبنان، وقع عون في السادس من فبراير العام 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله الذي يعد ابرز حلفاء النظام السوري،&وبعد عداء طويل، زار عون سوريا ثلاث مرات في الاعوام 2008 و2009 و2010، واستقبله الرئيس السوري بشار الاسد.
في العام 2009، عاد عون الى البرلمان على رأس كتلة نيابية من عشرين نائبا، هي اكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني.
في يناير العام 2016، أعلن جعجع دعمه ترشيح عون الى الرئاسة، ما أحدث توترا بينه وبين حليفه سعد الحريري الذي عاد وانضم اليوم الى مؤيدي عون في ظل انسداد الافق السياسي والحل على خلفية نزاع في سوريا المجاورة يترك تأثيراته السلبية على الوضع اللبناني.
الجنرال عون مع سمير جعجع |
&
التعليقات