نصر المجالي:&أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن محاولات إطلاق عملية سياسية في سوريا تتعثر، وأن اتفاقاته الشخصية مع نظيره الأميركي باراك أوباما بهذا الشأن لم تنجح. وقال إن تسليح الإرهابيين وتحريضهم ضد الرئيس السوري مازال مستمرًا حتى الآن.
وقال بوتين في كلمة ألقاها أثناء جلسة عامة لـ "نادي فالداي" للحوار المنعقد في مدينة سوتشي الروسية يوم الخميس، إنه "سيتقاعد بنجاح" عندما "يأتي الوقت"، إلا أنه حاليًا لا يزال يبقى "رئيسًا عاملاً لقوة كبرى".
واعتبر الرئيس الروسي& الاتهامات الموجهة إلى بلاده بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية مجرد "هستيريا"، متسائلاً عمّا إذا كانت الولايات المتحدة جمهورية موز.
وأضاف بوتين خلال خطابه:" بين المشكلات الاسطورية والمتخيلة هناك الهستيريا، ولا أجد وصفًا آخر، والتي انتشرت في الولايات المتحدة عن التأثير المزعوم لروسيا على الانتخابات الرئاسية".
وكانت الولايات المتحدة اتهمت الحكومة الروسية رسميًا بمحاولة التدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية عبر قرصنة مواقع مؤسسات سياسية أميركية، وهو ما نفاه الكرملين مرارًا.
ونفى بوتين بقوة الاتهامات، وقال إنها تهدف إلى تشتيت انتباه الناخبين الأميركيين عن المشاكل الداخلية. وتساءل الرئيس الروسي:" هل يعتقد أحد حقًا أن روسيا تستطيع أن تؤثر بطريقة ما على خيار الشعب الأميركي؟ هل الولايات المتحدة جمهورية موز؟ الولايات المتحدة قوة عظمى".
نتدخل فقط في سوريا&
وقال الرئيس الروسي إن بلاده لا تعتزم التدخل العسكري في أي بلد آخر بالشرق الأوسط غير سوريا. وعندما سئل هل تنوي روسيا التدخل في العراق أو ليبيا بنفس الطريقة التي تدخلت بها في سوريا، رد على الحضور في منتدى بجنوب روسيا قائلاً: "لا نحن لا نخطط لذلك بأي حال."
وفي حديثه عن الحرب ضد الإرهاب، قال الرئيس الروسي: " كان يبدو أن جبهة موحدة لمكافحة الإرهاب بدأت تتشكل بعد إجراء مفاوضات طويلة وبذل جهود هائلة وتحقيق حلول وسط معقدة، إلا أن ذلك لم يحدث. ولم تنجح اتفاقاتنا الشخصية مع رئيس الولايات المتحدة".
ونقل موقع (روسيا اليوم) عن الرئيس الروسي أن قوى معينة في واشنطن فعلت كل ما بوسعها لإفشال تنفيذ الاتفاقات الروسية الأميركية، مشيرًا إلى أن ذلك يعكس سعي الغرب غبر المبرر وغير المعقول إلى تكرار أخطائه.
وأضاف في الحديث الذي تم بثه عبر مختلف الفضائيات العالمية: "من الصعب جدًا بالنسبة لنا الحديث مع الإدارة الأميركية الحالية، لأنها لا تنفذ شيئًا تقريبًا، لا تنفذ أي اتفاقات، بما في ذلك حول سوريا، على فكرة. إلا أننا سنكون مستعدين للحديث مع رئيس (أميركي) جديد وللبحث عن حل لأي مسائل معقدة".
الإرهابيون أذكى
وقال بوتين إن جماعات إرهابية لا تزال تتلقى أسلحة ومساعدات من أجل استخدامها لتحقيق أهداف سياسية معينة. وحذر الرئيس الروسي هؤلاء الذين يريدون استغلال الإرهابيين، قائلاً: "المتطرفون أذكى وأقوى منكم، وإنكم ستخسرون دائمًا في حال اللعب معهم".
وتابع أنه لا يزال يجري تسليح الإرهابيين في سوريا وتحريضهم ضد الرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدًا أن هؤلاء الذين ينوون استغلال الإرهابيين في سوريا ويأملون في أنهم سيقضون عليهم في ما بعد، سيفشلون في تحقيق ذلك.
واعتبر الموقف الغربي بشأن حلب غير منطقي، قائلاً إن هناك خيارين فقط، يتمثل أحدهما في ترك وكر الإرهابيين بحلب، والثاني في تدمير هذا الوكر بعد اتخاذ كل الإجراءات المطلوبة لتجنب سقوط ضحايا بين المدنيين.
تذكير بالموصل والرقة&
وذكّر الرئيس الروسي بأن تنامي الإرهاب لم يحدث بسبب ما يجري في حلب، داعيًا إلى عدم نسيان الموصل والرقة عند الحديث عن سقوط ضحايا في حلب. وقال: "نسمع من شركائنا دائما أنه يجب التقدم نحو الرقة، ويجب تدمير هذا الوكر الإرهابي. لكنّ هناك أيضًا مدنيين يعيشون في الرقة".
ودعا بوتين، إلى دق الأجراس ليس على القتلى في حلب فحسب، وإنما الموصل أيضًا، قائلاً: "أريد أن أشير إلى ما يحدث مثلاً في فنلندا، حيث تدق أجراس الكنائس على القتلى في حلب. دعونا ندق الأجراس الآن على قتلى& الموصل. عملية الموصل تبدأ، وقتل الإرهابيون قرابة 200 شخص أملاً في وقف الهجوم. دعونا لا ننسى هذا". وأكد أنه لا يجوز التخلي عن قواعد ميثاق الأمم المتحدة، لأن ذلك سيؤدي إلى الفوضى، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة خرقته من خلال استخدام القوة في يوغوسلافيا والعراق وسوريا.
وقال الرئيس الروسي: "الحرب في سوريا بدأت قبل تدخلنا بكثير. لقد بدأوا بتزويدهم بالأسلحة وبدأوا بتربيتهم وتحريضهم ضد الأسد، وما إلى ذلك من إمكانيات أخرى، وهم الأكثر فاعلية. وهذا مستمر حتى الآن، لأن هذه الوحدات القتالية هي الأكثر فاعلية، ويمكن توجيهها كما يعتقد البعض، ثم التصرف معها. لن يتسنى ذلك".
تجاهل دعوات موسكو
وأضاف بوتين أن الغرب تجاهل دعوات موسكو المتكررة إلى مكافحة الإرهاب بشكل مشترك، مجددًا دعوة الجانب الروسي إلى توحيد الجهود لمواجهة هذا الخطر العالمي. وأضاف "أن الإرهاب تحول من خطر بعيد للعديد من المواطنين في العالم إلى خطر حقيقي على حياتهم".
وقال الرئيس بوتين إن منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من نزاعات دموية بحاجة إلى وضع خطة شاملة للتنمية الاقتصادية على غرار "خطة مارشال" لتنمية أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأكد بوتين أن الولايات المتحدة تخلت عن الحوار على أساس مبدأ المساواة مع غيرها من الدول، وقررت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي أنه لدى اتخاذ القرارات لا ينبغي التوصل إلى اتفاق مع أحد.
التعاون الروسي الأميركي&
وأضاف الرئيس الروسي أن التعاون الروسي الأميركي في المجال الأمني ليس سيئًا، لكنه كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير، موضحًا أن موسكو وواشنطن تعاونتا بشكل جيد في ضمان أمن الألعاب الأولمبية في سوتشي، إلا أن الجانب الأميركي امتنع عن التعاون في قضية الشقيقين تسارنايف اللذين نفذا تفجيرات بوسطن في عام 2013.
وقال إن روسيا لا تسعى إلى المواجهة مع أي كان أو التوسع أو الهيمنة في العالم، مؤكدًا: "تعلمنا أن نقيم هويتنا والحرية والاستقلال". وأضاف أن الدعاية الغربية تتحدث عن "خطر عسكري روسي" من أجل استغلال ذلك في توسيع حلف الناتو ونشر قوات تابعة للحلف بالقرب من حدود روسيا.
وأضاف أن روسيا لا ترى أن حلف الناتو يتكيّف بالفعل للظروف الجديدة في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، مشيرًا إلى زيادة التناقضات بشأن إعادة توزيع القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي في العالم.
وفي الختام، دعا الرئيس الروسي إلى الإلتزام بميثاق الأمم المتحدة، قائلاً: "إذا تخلينا عنه الآن، فإن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى الفوضى"، لأنه لا توجد في العالم منظمة عالمية أخرى مثل الأمم المتحدة. وفي ذات الوقت أكد بوتين أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بحاجة إلى إصلاحات، "إلا أن ذلك يمكن تحقيقه فقط على أساس تحقيق توافق دولي واسع النطاق".
التعليقات