«إيلاف المغرب» من مراكش: تسلم المغرب رسمياً، صباح اليوم الاثنين، رئاسة الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (كوب 22). وسلمت سيغولين روايال، رئيسة مؤتمر (كوب 21)، رئاسة الدورة لصلاح الدين مزوار، وزير الخارجية والتعاون المغربي، ليصير، رسمياً، رئيسا للدورة 22، التي تعقد فعالياتها بعد أربعة أيام من دخول "اتفاق باريس" حيز التنفيذ.
وافتتحت روايال، الجلسة الافتتاحية، في قاعة الاجتماعات مراكش، بالمنطقة الزرقاء لباب إغلي، بالتعبير عن سعادتها بمصادقة 100 دولة على "اتفاق باريس"، منوهة بـ"الجهود المبذولة، من دون كلل، من أجل الوصول إلى أجرأة هذا الانجاز التاريخي". كما "دعت إلى إيجاد حلول للمشاكل المناخية التي يعرفها العالم"، مركزة كلامها على القارة السمراء، التي قالت عنها إنها "أكثر المناطق معاناة بفعل التغيرات البيئية التي تحصد في كل سنة العديد من الوفيات"، مشددة على أن "ارتفاع سكان أفريقيا إلى مليارين، في 2050، يجعل من المستعجل اتخاذ إجراءات ملموسة للحد من مخاطر التغيرات المناخية".
جانب من الجلسة الافتتاحية |
المغرب...أرض الملتقيات
من جانبه، خاطب مزوار المشاركين، مباشرة بعد تسلمه رئاسة الدورة من روايال، قائلاً: "إن المملكة المغربية، بكل مكوناتها وقواها الحية، تستضيفكم في مراكش، المدينة الحمراء، الضاربة جذورها في عمق التاريخ، أرض الملتقيات والانفتاح والتلاقح الحضاري" ، مشيراً إلى أن بلاده "وفرت كل الإمكانات من أجل ضمان أحسن ظروف الاشتغال، حتى نكون في مستوى هذا الحدث العالمي ونحقق سوياً النجاح المرجو".
وتحدث مزوار عن الرهانات والانتظارات من قمة مراكش، فقال: "الضمير يسائلنا جميعاً لإيجاد حلول ملموسة كي لا نخيب انتظارات البلدان التي تعاني بفعل تغير المناخ، وبالتالي فالموعد المناخي العالمي الذي تحتضنه مراكش يحث الجميع على أن يكون في مستوى الالتزامات، وبرغبة طموحة لاتخاذ إجراءات ملموسة".
ولم يفت مزوار أن ينوه بالدور الذي لعبته فرنسا، على مدى رئاستها للدورة السابقة، حيث قال، أمام الحضور الرفيع الذي تابع الجلسة الافتتاحية: "إذا كانت باريس أعطت العالم اتفاقاً ملزماً للحكومات، فإن مراكش تدشن جولة شاملة جديدة تستوعب كافة الأطراف من أجل العمل".
وبعد أن وصف مسؤولية كل هذه الأطراف، أمام الإنسانية، اليوم، في ما يخص قضية المناخ، بـ"الجسيمة"، شدد مزوار على أنه "يتعين علينا أن نتحد لتلبية احتياجات الفئات الأكثر هشاشة، على وجه الخصوص، وأن نوفر لهم وسائل التكيف مع العواقب الوخيمة المترتبة عن التغيرات المناخية".
اسبينوزا تتحدث في الجلسة الافتتاحية |
تطلعات
وأبرز مزوار أن مؤتمر مراكش "يأتي في سياق واعد، مفعم بالأمل والتطلعات المشروعة للبشرية جمعاء، حيث تواجه شرائح واسعة معاناة يومية وتطرح تساؤلات حول مصيرها بل ووجودها". وأكد، في هذا السياق، أن "التعبئة غير المسبوقة للمجتمع الدولي وإرادته السياسية التي تم التعبير عنها، على أعلى مستوى، توجت بدخول سريع لـ"اتفاق باريس" حيز التنفيذ، تشكل، في حد ذاتها، تقدماً كبيراً وغير مسبوق"، داعياً إلى توظيف هذه الدينامية "من أجل إعطاء بعد ملموس لهذا التطور الكبير باتخاذ قرارات تهدف إلى تفعيل "اتفاق باريس".
واعتبر مزوار تنظيم (كوب 22) في أرض أفريقية "ترجمة لانخراط قارة بأكملها للمساهمة في المجهود العالمي من أجل المناخ، وتأكيدًا على عزمها على تحديد مصيرها بنفسها للتقليص من هشاشتها وتعزيز قدراتها على التحمل". كما التزم بــ"أن تعمل الرئاسة المغربية، باستمرار، لتحقيق تقدم ملحوظ وملموس على مدى 2017"، مشدداً على أن هذه الرئاسة "ستسعى جاهدة، مسترشدة برؤيتها الاستراتيجية، خلال المؤتمر وطيلة السنة القادمة، للعمل بكل حزم لتنفيذ ولايتها بطريقة شفافة ومنفتحة على الجميع".
جانب من الحضور الرفيع المستوى الذي تابع الجلسة الافتتاحية لـ(كوب 22) في مراكش |
من جهتها، عبرت باتريسيا اسبينوزا، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، عن سعادتها باحتضان مراكش، للمرة الثانية، قمة حول المناخ بعد مؤتمر (كوب 7)، فيما استعرض محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش، الارتباط التاريخي لسكان المدينة الحمراء بهاجس البيئة والتنمية المستدامة، مستشهدًا بالعدد الكبير من الحدائق التاريخية التي تتميز بها مراكش.
واختتمت الجلسة بلوحات فنية استعراضية، أدتها فرقة "أوستينا تونو"، مانحة بذلك إيقاعاً مختلفاً لقمة المناخ التي تحتضنها مراكش، إلى غاية الثامن عشر من الشهر الجاري.
ويعرف مؤتمر مراكش، الذي يتميز بمشاركة تناهز 30 ألفاً، من نحو 196 دولة، فيما يرتقب حضور عشرات قادة الدول ورؤساء الحكومات، فضلاً عن أشغال (كوب 22)، تنظيم الدورة 12 لأطراف بروتوكول كيوتو، وأول مؤتمر لأطراف "اتفاقية باريس"؛ والتي ستتطرق جميعها لقضايا رئيسية، من قبيل التكيف والتخفيف مع التغيرات المناخية، فضلاً عن تلك المرتبطة بتنفيذ وأجرأة "اتفاق باريس"؛ كما تناقش قضايا أخرى تتعلق، أساساً، بالفلاحة والأمن الغذائي والتجمعات البشرية والطاقات والغابات والصناعة والأعمال والمحيطات والنقل والماء.
جانب من الحضور |
التعليقات