نيويورك: في 20 يناير 2017، يُخلي باراك اوباما البيت الأبيض. ويعرف العالم الآن مَنْ سيحل محله على الرغم من أن أحدًا لا يعرف من سيأتي بعده. لكن نظرة العالم إلى نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية تتلخص في أن عشرات الملايين من المواطنين الاميركيين فقدوا رشدهم على ما يبدو بانتخاب دونالد ترامب.&
على سبيل المثال، من يزور موقع صحيفة "بيلد" الألمانية يطالعه عنوانان رئيسان: "ترامب رئيسٌ الآن" وتحته "كيف حدث ذلك؟". كانت الصحيفة نفسها قد تساءلت بعد الكشف عن سلوك ترامب مع النساء: "هل دونالد ترامب وحش جنسي؟" بل إن الاهانة التي يمثلها ترامب لمشاعر الأوروبيين أوحت لهم بتسميته "موسوليني أميركا الأشقر" أو "المهرج المرعب" في نعوت عابرة للحدود.&
ينهار.. يولد..
لم يكن العالم كله منزعجًا من نتيجة الانتخابات الرئاسية الاميركية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسل أحر تهانيه مراهنًا على أن ينفذ الرئيس الجديد وعده بخفض الدعم الأميركي لحلف الأطلسي، وبذلك فتح الطريق للتوسع الروسي.
وغردت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرف مارين لوبان على تويتر بتهانيها الاميركيين جميعًا على "تحررهم"، وكأنها تريد أن تقول إنهم كانوا مقيدين بالأغلال قبل ذلك. وذهب رفيقها في الجبهة الوطنية فلوريان فيليبو شوطًا أبعد قائلًا: "عالمهم ينهار وعالمنا يولد". واضاف أن الاميركيين رفضوا أن تملي عليهم خياراتهم "اوليغارشية" منيت بالهزيمة مرة ثانية، في اشارة إلى تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي قبل انتخاب ترامب.
ولا شك في أن هناك اوجه شبه بين ما حدث في الانتخابات الاميركية وما تمخض عنه الاستفتاء البريطاني على بريكسيت، اولها النتيجة غير المتوقعة وثانيها استثمار مخاوف قطاعات في المجتمع من الهجرة وتأثيرها في فرص العمل، وثالثها الاستياء من النخبة التقليدية الحاكمة.&
أشار احد مراسلي "بي بي سي" إلى أن مشاعر الاستياء هذه كانت موجودة نارًا تحت الرماد منذ الأزمة المالية (2008)، يذكيها الاعتقاد أن المسؤولين عنها، سواء أكانوا في الحكومة أو في القطاع المصرفي، لم يُحاسبوا عليها.
اختلافات
تبدت مشاعر الاستياء وانعدام الثقة بالقيادات التقليدية والوجوه القديمة في الكثير من الاجتماعات الانتخابية الحاشدة لمؤيدي ترامب خلال الحملة الانتخابية.
لكن، على الرغم من أوجه الشبه بين ما حدث في اميركا وقبله في بريطانيا، فهناك اختلافات لا بد من اخذها&في الاعتبار، منها أن موقف المتذمرين البريطانيين لم يكن ضد حكومة منتخبة بل ضد تكتل اقتصادي غير منتخب في اوروبا القارية.
وعلى الرغم من بعض الحوادث المتفرقة، فإن العنصرية لم تكن بارزة في بريطانيا كما برزت خلال الحملة الانتخابية الاميركية، ولم تكن هناك دعوات مسموعة إلى تسوير الشواطئ البريطانية بجدار يمنع دخول المهاجرين أو المسلمين. ولم تكن في بريطانيا شخصية منفردة يستطيع الناقمون أن يصبوا جام غضبهم عليها كما في الولايات المتحدة حيث الرئيس اوباما (والتهمة الضمنية القائلة "تنتخبون اميركيًا اسود ليحكمنا ثماني سنوات وتريدون الافلات من العقاب؟") أو هيلاري كلينتون (وتهمتها انها محتالة كذابة يجب أن تُرمى في السجن). كما غابت عن حملة بريكسيت مظاهر العداء السافر للمرأة عمومًا وليس امرأة محددة فحسب.&
مفارقات
لا بد من الوقوف عند حقائق عدة. فألمانيا تحكمها مستشارة قوية وبريطانيا سلمت مقاديرها لامرأة للمرة الثانية، وهناك رئيسات في ليبيريا وليتوانيا وتشيلي وتايوان وكرواتيا وايستونيا وموريشيوس ونيبال وكوريا الجنوبية.
وفي بنغلاديش، تمسك مقاليد الحكم رئيسة الوزراء شيخة حسينة منذ عام 2009، وقبل ذلك من 1996 إلى 2001 تولت غريمتها خالدة ضياء رئاسة الوزراء خمس سنوات من 1991 ومرة اخرى من 2001 إلى 2006.
وإذا شاء ترامب أن يعلم، فإن المرأتين مسلمتان. وتلقى ترامب من شيخة حسينة برقية تهنئة رقيقة دعته فيها مع زوجته ميلانيا لزيارة بنغلاديش في موعد يتفقان عليه.&
الذين يعيشون خارج الولايات المتحدة مندهشون من العلاقة الوثيقة بين التلفزيون الاميركي والسياسة الاميركية. ومن هنا الاحساس الغريب الذي استحوذ على المشاهد، وهو يتابع نتائج الانتخابات الرئاسية تتوالى من الولايات المختلفة على الشاشة الصغيرة. وكان ما تابعه المشاهد زلزالاً جيوسياسيًا بحق، لكنّ شكًا أعمق وأخطر كان يكمن وراء ذلك هو أن ما كنا نراه ليس حقيقيًا، كله صحيح ولكنه ليس حقيقيًا. وإذا أمكن لمثل هذا الأمر أن يحدث فإن كل شيء جائز.&
على الرغم من المفاجأة التي فجرها فوز ترامب، فإن اسباب مجيئه أو حدوث شيء مماثل لمجيئه كانت تتجمع منذ فترة طويلة. &&
أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلاً عن «نيويوركر». المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:
http://www.newyorker.com/news/news-desk/watching-the-trump-spectacle-overseas?mbid=nl_Daily%20Newsletter%20091716%20(3)&CNDID=31115831&spMailingID=9860166&spUserID=MTMzMTgzMTU4MzUxS0&spJobID=1040911923&spReportId=
التعليقات