كشف مراسل لوكالة "أعماق" التابعة لتنظيم داعش معتقل لدى السلطة القضائية العراقية، أسرار عمل الاذرع الاعلامية للتنظيم وتعمدها تضخيم العمليات التي تنفذها ضد القوات الامنية والمدنيين واستخدام التصوير الخفي داخل العاصمة لتأكيد وجودها هناك.. واوضح أن نشر المقاطع المصورة يكون فقط للتسجيلات ذات الدقة العالية لتكون صالحة للعرض في القنوات الفضائية الدولية.
إيلاف من لندن: قالت السلطة القضائية العراقية إن مراسلاً صحافيًا يعمل لدى تنظيم داعش ويكنى "أبو صالح" لم تكشف جنسيته، وهو موقوف على ذمة القضاء العراقي، قد اعترف أن الماكنة الإعلامية للتنظيم تركز حالياً على عرض الخروقات الأمنية في بغداد من خلال تعمدها تضخيم وتهويل الهجمات واستخدام التصوير الخفي داخل العاصمة للأشجار والبساتين بحجة أن لديها موطئ قدم فيها.
مسؤولو قواطع العمليات مصدر المعلومات
وأشار المراسل بحسب اعترافات بثتها السلطة القضائية الاحد، واطلعت عليها "إيلاف"، إلى أن مصدر مراسلي الماكنة الاعلامية لتنظيم داعش في المعلومات تأتي من مسؤولي القواطع العسكرية للتنظيم.. موضحًا ان هؤلاء المسؤولين يزودون المراسلين بالمستجدات على الساحة نتيجة الهجمات التي يشنها التنظيم ضدّ القوات الامنية أو المدنيين المتواجدين في الاحياء السكنية أو الاسواق.
وقال إن كل مراسل لديه بحسب قاطعه تعامل مع مخولين بمنحه المعلومات أو الصور ثم يقوم المراسل بنقل الخبر إلى المسؤول الاعلامي للقاطع أو مساعده حصراً، وبدوره يقوم هذا الشخص بتسلم الاخبار من مراسلين عدة داخل قاطعه، كل واحد منهم معني بمنطقة معينة.
وأوضح ان الخبر يرسل من قبله إلى الجهة الاعلامية المركزية لما يعرف بدولة الخلافة لكي يتم التعامل معه إما بنشره أو الاحتفاظ به. وأضاف أن نشر الاخبار يكون عبر البوابات الاعلامية الخاصة بالتنظيم لاسيما وكالة اعماق الاخبارية، حيث ان المقاطع الفيديوية ترسل كاملة لكي تتعرض بعدها إلى التقطيع وعمليات مونتاج من قبل متخصصين في الجانب الفني وفق برامج متطورة.
وأشار إلى أنّ البيانات الميدانية قد يتأخر نشرها يومين أو ثلاثة على اكثر تقدير، وان اخبارًا أخرى تنشر في اليوم ذاته بحسب قوتها وتأثيرها في الشارع وذلك يعتمد ايضاً على كفاءة المراسل في نقله التفاصيل بدقة معززة بالصور أو التسجيلات الفيديوية، بحسب قوله.
ويقول ابو صالح ان الماكنة الاعلامية الرسمية لداعش تعتمد في بياناتها على لجنة فنية متخصصة تقوم بتدقيق الاخبار من النواحي اللغوية والصحفية قبل بثها، حيث يتولى التنظيم التأكد من صحة بعض المعلومات التي ترده قبل نشرها من خلال اتصاله بالمسؤولين العسكريين للقواطع.
تضخيم الانتصارات للتغطية على الهزائم
ويضيف مراسل وكالة تنظيم داعش قائلاً "إن وكالة اعماق ركزت في المدة الاخيرة على احداث بغداد وأن النشر يركز على أي حادث تعرضي على القطعات العسكرية داخل العاصمة حتى لو كان بسيطاً ولم يترك اثاراً كبيرة". واوضح ان رغبة داعش في التغطية على الخسائر التي تعرض لها في المحافظات الشمالية والغربية وراء ذلك، وبالتالي فإنه يتحدث عن انتصارات تحصل على جبهات أخرى.
واوضح أن نشر المقاطع المصورة يكون فقط للتسجيلات التي فيها دقة عالية، وهو ما يعكس الاهتمام الكبير لتنظيم داعش بالملف الاعلامي وحرصه على اظهار نشاطاته بتقنية عالية تواكب التطور لكي تكون صالحة للعرض في القنوات الفضائية الدولية. وبيّن ان الاخبار اخذت في وكالة اعماق منحى مبالغًا فيه، مشيرًا إلى أنّه "في احدى المرات ارسلت خبراً عن تعرض لبرج مراقبة يعود إلى الجيش العراقي لكن الوكالة نشرته على أنه هجوم كبير طال ثكنة عسكرية في حزام بغداد".
وقال موضحاً "تحدثت مع المسؤول الاعلامي للقاطع الذي اعمل فيه عن سبب هذا التهويل وحذرته بأن ذلك يقلّل ثقة الرأي العام بمعلوماتنا لأن العمل الصحافي يتطلب الدقة في نقل المعلومة التي بات كشف حقيقتها سهلاً للغاية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية التي بامكانها تصوير مكان الحادث".
وأشار إلى أن "الجواب جاء بأن طبيعة المعركة تتطلب زخماً اعلامياً لكي نقنع الشارع بأننا اقوياء على الساحة، وكذلك لرفع معنويات مقاتلينا في المدن التي تشهد معارك طاحنة مع القوات العراقية بأن هناك مشاغلة في المناطق الامنة".
تصوير خفي
وعن الاساليب الاخرى التي يعتمدها اعلام تنظيم داعش، قال ابو صالح " تسلمت كاميرا ذات تقنية عالية خلال هذه السنة للقيام ببعض الواجبات التي تتعلق بتصوير بساتين التمر والفواكه في العاصمة، حيث ان اللقطات تنشر على شكل تقرير مصور مذيل بعبارة المحاصيل في ولاية بغداد التابعة لداعش، وقد كان الغرض من هذه العملية ايصال فكرة للرأي العام بأن لدينا موطئ قدم في العاصمة، ونستطيع أن نصور ما نشاء رغم أن عمليات التوثيق الصحافي تجري خلسة في ساعات الظهيرة وبعيداً عن اعين المواطنين".
وقال مراسل اعماق مؤكدًا "لم اتصور بأنني سأعمل في الاعلام يوماً فكنت بعيداً عن الصحافة ولا اتابع القنوات الفضائية، لكن عدم مقدرتي على حمل السلاح جعلني اقدم هذا النوع من الخدمات"، وأشار إلى أنّه قام بارسال العديد من التسجيلات المصورة لهجمات دموية في بغداد من بينها تفجير ساحة عدن قرب منطقة الكاظمية شرق العاصمة، واقتحام معمل غاز التاجي غربها خلال العام الحالي.
وأوضح ابو صالح أن عرض النشاطات في الوكالة تسبقها عملية تدقيق تتولاها لجنة تتفحص النصوص من النواحي الصحفية واللغوية وتتأكد من بعض الحوادث قبل عرضها على الرأي العام.
وقال مكملاً بحسب السلطة القضائية إن "التنظيم كان يمنحني راتباً شهرياً تحت مسمى الكفالة تصل إلى 400 دولار شهرياً أو ما يزيد عليها لكنها تراجعت بعد ذلك تحت تأثير التقشف إلى 220 الف دينار فقط"، أي (حوالي 200 دولار).
ويذكر أن وكالة "أعماق" الإخبارية (Amaq News Agency) هي وسيلة الإعلام الرسمية للتنظيم وتقوم بمهمة وكالة الانباء المعتمدة لديه.. وكان اول ظهور لها في اغسطس عام 2014 وهي أشهر المواقع التابعة للتنظيم رسميًا ومهمتها نشر أخباره السياسية والعسكرية على مدار الساعة، وبثّ تسجيلات مصورة لمعاركه وما يتعلق بها، ورسومات بيانية إخبارية (إنفوغراف) توضح "إنجازاته" الميدانية، كما أنها تؤكد أو تنفي تبني التنظيم لهجماته في الدول الأخرى.
وتشير الوكالة إلى أنها سُميَت بهذا الاسم تيمنًا بالحديث النبوي الوارد في صحيح مسلم "لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بدابق".
التعليقات