يدخل الإنفاق العسكري طورًا جديدًا من النمو مع تجديد العقود بين شركة «بي إيه إي سيستمز» والسعودية، التي ترصد حوالى ٢٥ مليار دولار لتعزيز قواتها البحرية.
واشنطن: من المتوقع أن تمدد «بي إيه إي سيستمز» اتفاقية الإسناد العسكري والصيانة مع السعودية لخمس سنوات أخرى. تبلغ قيمة عقود هذه الاتفاقية حوالى تسعة مليارات دولار، وتتضمن في جزء منها تزويد الرياض بثمان وأربعين طائرة مقاتلة متعددة المهمات من طراز تايفون، بقيمة تتجاوز خمسة مليارات دولار، وفقا لمجلة «إيكونومست».
تأتي هذه الاتفاقية تنفيذاً لاستراتيجة تتبناها المملكة، وتقضي بتوسيع وتعزيز قواتها البحرية، حيث تُقدر قيمة عقود المرحلة الأولى من عملية التوسيع هذه بنحو 25 مليار دولار، سوف يكون لشركة «بي إيه إي سيستمز» فرصة كبيرة للفوز بحصة غابة منها.
تلاقي السعودية بهذه الاستراتيجية حلفاءها في منتصف الطريق، وفي طليعتهم الولايات المتحدة الأميركية، التي أعلن رئيسها المنتخب دونالد ترامب التزامه زيادة ميزانية البنتاغون، وحث حلفاء أميركا على المساعدة في تمويل الإنفاق العسكري. وإلى جانب الاضطراب المستمر في الشرق الأوسط، يواجه الغرب تحديات استراتيجية من روسيا والصين اللتين تعززان قدراتهما العسكرية، ما يمثل دافعاً قوياً لتعزز شركات السلاح الغربية أعمالها بعد ركود سببه هبوط الإنفاق العسكري في الدول الغربية.
دفاعات الهند وبريطانيا
في لندن، تعهدت الحكومة تنفيذ الهدف المحدد لدول حلف الناتو بإنفاق اثنين في المئة من إجمالي ناتجها المحلي على الدفاع. كما تعتزم الحكومة تنفيذ برنامج واسع النطاق لتجديد العتاد العسكري. ومن المرجح أن توقع «بي إيه إي سيستمز» العملاقة عقد إسناد طويل الأمد لحاملتي طائرات تبنيهما لندن راهناً. كما ستزود الشركة سلاح البحرية الملكية البريطاني بمجموعة من الفرقاطات. وتسهم دول أخرى تتعامل مع الشركة مثل الهند بجزء كبير من مبيعاتها.
الخليج أساس
تعتمد «بي إيه إي سيستمز» بشكل أساس على أعمالها في الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، حيث توظف نحو ستة آلاف من كوادرها، وتسهم أعمالها في الخليج بأكثر من خُمس إيراداتها. ويهدف برنامج الاصلاحات الاقتصادية الطموح الذي أطلقه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يونيو الماضي إلى إعداد المملكة لحقبة ما بعد النفط. ويتضمن البرنامج توفير مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة في قطاع التكنولوجيا والهندسة للمواطنين السعوديين. وتعني خطة "السعودة" أن على شركة «بي إيه إي سيستمز» أن تستعيض عن الكثير من كوادرها البريطانيين بمواطنين سعوديين، مثل هذا التغيير سيكون شديد الدقة في بلد يعد وازناً في تعاملات الشركة.
تحقيق النمو
يدير دفة الشركة راهناً ايان كنغ، ومن المرجح أن يخلفه في منصب الرئيس التنفيذي تشارلس وودبرن، الآتي من قطاع النفط. وبفضل التعامل مع السعودية وانتعاش أسواق التسلح الغربية، فإن وودبرن سيرث سجلًا تمتلئ صفحاته بالطلبيات والعقود. لكن الغائب الأبرز في شركة «بي إيه إي سيستمز» منذ فترة هو نمو الأعمال. وستكون مهمة وودبرن الفوز بعقود في أسواق جديدة، ولا سيما في آسيا، حيث كانت «بي إيه إي سيستمز» تواجه أحياناً صعوبات بسبب النفوذ السياسي الأميركي هناك. ولن تكون تلك بالمهمة السهلة. فكنغ قد لا يكون كاريزمياً، لكنه يعرف الصناعة الدفاعية كما يعرف راحة يده، ويتحلى بأعصاب من حديد في الأوقات العصيبة. وهو اختير من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة السير روجر كار الذي يريد أن يضخ دمًا جديدًا على ما يبدو في إدارة الشركة.
المشكلة البريطانية
إلى جانب السعودية، فإن الجوهرتين الأخريين في تاج «بي إيه إي سيستمز» هما اتفاقية العمل المشترك مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية، وتنص على إنتاج طائرتها الشبحية من طراز أف-35، ووحدة المنظومات الإلكترونية للشركة البريطانية نفسها في جنوب إنكلترا، وستزود طائرة أف-35 بالأجهزة الإلكترونية الحربية. وستكون طائرات أف-35 حجر الزاوية في القوات الجوية الغربية لربع القرن المقبل في أقل تقدير. ومن المتوقع بيع ثلاثة آلاف طائرة من الطراز أف-35، الأمر الذي سيزيد أرباح «بي إيه إي سيستمز» بنسب كبيرة.
لكن غيوماً تتلبد في هذا الأفق المشرق. فنقص التمويل البريطاني لأغراض البحث والتطوير (تذهب نسبة أربعة في المئة من الإنفاق العسكري أغراض البحث والتطوير بالمقارنة مع نحو 12 في المئة من ميزانية البنتاغون، وهي أكبر بما لا يقاس) يعد مشكلة مزمنة تعانيها «بي إيه إي سيستمز»، كما تنقل «ايكونومست» عن بين مورس، المحلل المختص بالصناعة الجوية الفضائية في مجلة آي اتش أس جين للشؤون الدفاعية. يشكل ذلك أحد الأسباب وراء عدم وجود قسم لصناعة الطائرات الحربية من دون طيار فيها. وعلى الرغم من أن الحكومتين البريطانية والفرنسية التزمتا هذا العام برصد نحو ملياري دولار لإنشاء مثل هذا القسم، فإن شيئًا يُذكر لم يتحدد حتى الآن.
سيف ذو حدين
يمكن أن يعرقل نقص التمويل الحكومي للبحث والتطوير في «بي إيه إي سيستمز» قدرة الشركة على المساهمة في استراتيجية الولايات المتحدة الرامية إلى الجمع بين خليط من التكنولوجيات المتطورة لوقف تراجع التفوق العسكري الغربي أمام تنامي القوة العسكرية لبلدان مثل الصين. كما أن «بي إيه إي سيستمز» مقيدة بضرورة الحفاظ على نسبة من الأرباح، مخصصة للتوزيع على المساهمين والاستمرار في دفع أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني سنوياً، لسد ثغرة في صندوق التقاعد لمنتسبيها. وتشارك «بي إيه إي سيستمز» في برنامج تجديد غواصات ترايدنت البريطانية بعقد كبير قيمته أكثر من 25 مليار جنيه استرليني ولكن من المتوقع أن يكون هامش الربح فيه ضئيلًا.
أعدت «إيلاف» هذه المادة بتصرف عن مجلة "إيكونومست" على الرابط أدناه:
التعليقات