لندن: في غضون العقد القادم ستتمكن شبكة الانترنت من ربط أكبر قدر ممكن من الأشياء في بعضها البعض ومن الممكن أن تصل الى ٢٠٠ مليار ربط، ولا يقتصر هذا على ربط آلات مثل السيارات أو الأجهزة المنزلية بل كل ما يمكن ان توضع فيه رقائق الكترونية أو حساس تكنولوجي، بما في ذلك البشر.

ويطلق على هذه التكنولوجيا إسم «إنترنت الأشياء» وهو مفهوم متطور لشبكة الإنترنت بحيث تمتلك كل الأشياء في حياتنا قابلية الإتصال بالإنترنت أو ببعضها البعض لإرسال و إستقبال البيانات لأداء وظائف محددة من خلال الشبكة، ويُفترض بهذه التكنولوجيا ان تجعل حياتنا أبسط بل وحتى تحسين حالتنا الصحية ولكن هل نستطيع ان نثق بها وتقدم لنا العناية اللازمة؟

ماذا ننتظر بعد من إنترنت الأشياء؟

بدأت هذه التكنولوجيا كتقنية متنقلة ثم تطورت الى أن أصبحت تكنولوجيا قابلة للإرتداء، وهي الآن تُزرع في الجسم. فما الجديد القادم في إنترنت الأشياء التي تغير كل ما حولنا الى نظام بيئي من المعلومات وبذلك تغيير طريقة حياتنا. فمن الثلاجات والسيارات الى ساحات وقوف السيارات والبيوت يأتي إنترنت الأشياء بمزيد من الابتكارات التي تنضم الى التكنولوجيا الرقمية المستخدمة في حياتنا اليومية. 

وعلى سبيل المثال ان بيوتنا ستكون عما قريب قادرة على رصد كل شيء يومياً، من غلق الباب الأمامي وفتحه الى طلب البقاليات آلياً حين تكون الثلاجة فارغة.

وشئنا أم أبينا فإن هذه التكنولوجيا ستدخل حياتنا وبيوتنا وتكون هي القاعدة في ما نفعله. والسؤال هو كيف ستؤثر في عالمنا وهل تغير طريقتنا في التفاعل مع بعضنا البعض؟ 

كيف ستبدو الحياة اليومية؟

انها الساعة السادسة صباحاً من يوم عمل عادي في عام 2025. الجهاز الذي ترتديه تحسس استيقاظك فوجه رسالة الى آلة إعداد القهوة للبدء بتحضيرها، تؤجل القهوة وتقرر الخروج لممارسة رياضة الركض اولا. وفي هذه الأثناء تلتقط حساسات في سماعة الأذن ضربات قلب غير منتظمة. فيرسل الجهاز قراءة لتخطيط القلب الى طبيب مختص يرى انها مجرد ضربات قلب شاذة غير مؤذية ويقرر الاكتفاء بذلك دون اجراء آخر.

لدى العودة الى البيت تتناول القهوة وتضع الكوب في غسالة الصحون التي تبدأ عملها لأنها مليئة. حساس يلاحظ ان موعد صيانة غسالة الصحون قد حان ويتفق مع مهندس على يوم المجئ لصيانتها الذي يسجله في مذكرتك وتؤكده أنت لاحقا.

كانت غسالة الصحون حتى فترة قريبة من أكبر اسباب الحريق في البيوت ولكنها لم تعد مصدر خطر لأن انترنت الأشياء تربط الأجهزة في ما بينها لتجعل العالم أكثر أماناً. 

ومن السيارة ذاتية القيادة الى الحبوب الذكية التي تقيس حالتنا الصحية من داخل جسمنا اصبح الانترنت حامي صحتنا والأمين على سلامتنا.

ليست هذه إلا البداية

قد يبدو هذا السيناريو خيالياً ولكن بذوره غُرست من اليوم وطورت شركة ال جي الكورية الجنوبية سماعات أذن تقوم ايضا بدور الجهاز الذي يراقب نبض القلب وهناك شركات توفر تكنولوجيا قادرة على ارسال قراءات تخطيط القلب عن بُعد الى مراكز طبية لتقييمها.

وتعمل شركات أخرى على تطوير حبوب تحوي رقائق مجهرية تعرف إن تناول المريض دواءه أم لا. وهناك في السوق حبوب ذكية تحوي كاميرات وحساسات مختلفة لقراء مستوى الحموضة وضغط الدم ودرجة الحرارة.

وتواصل شركات صناعة السيارات اختبار سيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة وفي مساحات مسيجة. وتريد شركات مثل تيسلا وغوغل ان تكون السيارات ذاتية القيادة هي السائدة بحلول عام 2020. 

وهناك ملايين الأجهزة والمعدات التي تغطيها انترنت الأشياء ، من الخوذ الواقية الى الرقائق المجهرية اللاسلكية التي تُزرع في الجسم ، كلها تهدف الى رفع مستوى السلامة في حياتنا.

يقول اوليفييه ريبت نائب رئيس شركة داسو سيستمز الفرنسية للتكنولوجيا المتطورة ان هذه الأجهزة كانت حتى الآن تسأل المستخدم إن كان يريد ان تفعل ما تفعله. والآن نرى بصورة متزايدة اشخاصاً يقولون اننا يجب ألا نشك بقدرة الأجهزة على اتخاذ القرار نيابة عنا. وفي هذه الحالة يجب ان نتأكد من اننا نستطيع الثقة بالأجهزة. وباستخدام منصة 3DEXPERIENCE التي طورتها شركة داسو مثلا، فهي تسمح للمصممين ان يحاكوا كل شيء في بيئة افتراضية، من السيارة ذاتية القيادة الى الحبوب الذكية لفهم كل السيناريوهات المحتملة وغير المسبوقة قبل انتاج الأجهزة واستخدامها في الحياة اليومية.

تقليل المخاطر

نقطة الضعف في الأجهزة المشمولة بإنترنت الأشياء هي تدني المستوى الأمني المرتبط باستخدامها، فعلى سبيل المثال ان مدير شركة آرم الأمنية كريس فلونتر يقول انه ليس متأكدا من مستوى خطر القرصنة الالكترونية والاختراق الذي يواجه اجهزة انترنت الأشياء. من جهة اخرى يرى الخبير روب ريغان من شركة بيشوب فوكس للاستشارات الأمنية ان خطر القرصنة والاختراق مضخم مشيرا الى خوف الأشخاص الذين لديهم منظومة منزلية من الأجهزة المرتبطة بالانترنت من ان يستطيع مجرمون الكترونيون دخول منازلهم وتعطيل أجهزة الانذار وسرقة ممتلكاتهم. وقال ريغان ان هذا ليس سيناريو واقعياً لأنه لا يحدث كثيرا رغم ان العديد من المنازل تستخدم اجهزة الكترونية متطورة لحمايتها. ولكن هناك دائماً مخاطرة، كما هي الحال مع كل تكنولوجيا جديدة.

أعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن موقع شركة داسو. المادة الأصلية منشورة على الرابط التالي:

http://ifwe.3ds.com/enabling-experience-driven-innovation#beyond-limits