باريس: بعد ان نشرت صحيفة لوموند في اواخر آب/اغسطس الماضي وثيقة مصنفة ضمن "الاسرار الدفاعية" تفصل خطة لشن ضربات جوية على مواقع للنظام السوري، تحرك القضاء وفتح تحقيقا بتهمة تعريض الدفاع الوطني للخطر.
ورفض كاتبا المقال في صحيفة لوموند فابريس لوم وجيرار دافيه كشف مصادرهما التي اوضحا انها "متنوعة". وهما قاما بعد ذلك بنشر كتاب يتضمن معلومات صادمة للرئيس الفرنسي بعنوان "الرئيس لا يجب ان يقول ذلك".
واذا كان الصحافيان رفضا كشف مصادرهما فان الانظار توجهت مباشرة الى الرئيس الفرنسي الذي التقاهما مرارا، وكشف لهما من جهة ثانية انه "اعطى الاذن لقتل اربعة مسؤولين عن اعمال ارهابية على الاقل" حسبما ورد في هذا الكتاب.
ومنذ صدور الكتاب تشن المعارضة اليمينية حملة عنيفة على الرئيس باعتباره نشر معلومات عن عمليات في غاية السرية ما يعتبر "اخلالا بالمهام الرئاسية".
ودافع رئيس الحكومة مانويل فالس عن رئيسه في الكواليس، الا ان بعض الوزراء لا يخفون "تساؤلاتهم" عن المغزى من الادلاء بتصريحات من هذا النوع.
- تحقيق لوزير الدفاع-
والهدف من فرض السرية في المجال الدفاعي هو ابقاء المعلومات المتعلقة بالامن القومي سرية، وضمان حماية المشاركين في عمليات سرية اكانوا عسكريين او عناصر في جهاز التجسس الخارجي. ومن يخرق السرية الدفاعية يتعرض للسجن سبع سنوات مع غرامة تصل الى 100 الف يورو.
وفي شباط/فبراير الماضي فتح وزير الدفاع جان ايف لودريان تحقيقا لكشف ما اذا كان حصل انتهاك للاسرار الدفاعية بعد مقال في صحيفة لوموند يكشف وجود قوات فرنسية في ليبيا.
ونقل عن الوزير قوله في تلك الفترة "عندما تكون هناك عمليات سرية لا يجب كشف هذه العمليات حفاظا على سلامة العمليات والمشاركين فيها".
اما في ما يتعلق بخطة توجيه ضربات جوية في سوريا رفض الوزير الفرنسي الانتقادات موضحا ان الوثيقة تعود "الى ثلاث سنوات عن عملية لم تجر اصلا".
ففي آب/اغسطس 2013 اتهمت الولايات المتحدة وفرنسا الرئيس السوري بشار الاسد بتجاوز "الخط الاحمر" عندما استخدم اسلحة كيميائية ضد شعبه.&
ووضعت قيادة اركان الجيش الفرنسي خطة كان من المقرر ان تنفذ بين الحادي والثلاثين من آب/اغسطس والثاني من ايلول/سبتمبر لقصف مواقع عسكرية للنظام السوري.
وحسب خطة القصف التي نقلتها صحيفة لوموند كان من المفترض ان يعطي هولاند اشارة انطلاق هذه العمليات في الساعة الثامنة مساء بتوقيت باريس، على ان تنطلق الطائرات الفرنسية في الساعة 22،00 لالقاء صواريخها في الساعة 2،30 .
- الاقالة-
الا ان الرئيس الاميركي باراك اوباما تراجع عن القيام بهذه الضربات الجوية في الحظة الاخيرة، فالغيت بالتالي الضربات الفرنسية.
يبقى معرفة كيف حصل الصحافيون الفرنسيون على هذه الوثيقة ومتى. وقد اكدا في كتابهما ان الامر حصل "بعد اشهر" على الواقعة.
وطلبت النيابة العامة في باريس من وزارة الدفاع، التي يفترض ان تحمي الاسرار الدفاعية، ان تحدد ما اذا كانت هذه المعلومات مصنفة سرية، وتحديد الى اي مدى يمس نشرها بالدفاع الوطني.
ولا يمكن ملاحقة رئيس البلاد الذي يستفيد من حصانة الا بعد انتهاء ولايته وبحالة واحدة : في حال كانت الوقائع التي تؤخذ عليه لا ترتبط مباشرة بمهامه الرئاسية.
وقال النائب اليميني اريك سيوتي الذي كان طلب من النيابة العامة التدخل بعد كشف هذه المعلومات "انه جدال قضائي قد يحمل تفسيرات عدة".
وهناك ايضا امكانية العمل على اقالة الرئيس بتهمة "المسؤولية عن خلل يتعارض مع ممارسة مهماته". الا ان حزب "الجمهوريون" اليميني اطلق مبادرة من هذا النوع اخيرا، فشلت داخل الجمعية الوطنية.
التعليقات