القاهرة: يشكل الاعتداء على كنيسة تابعة للأقباط الأرثوذكس في القاهرة، والذي أوقع 24 قتيلًا الأحد، ضربة قوية للمسيحيين في مصر موجّهة في الوقت نفسه لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحسب محللين.

وصباح الاثنين ترأس البابا تواضروس الثاني القداس الجنائزي للضحايا الذين سقطوا في الكنيسة البطرسية الملاصقة لكاتدرائية الاقباط الارثوذكس، مقر بابا الاقباط، في وسط القاهرة. واعتبر ان "المصاب هو مصاب مصر كلها وليس الكنيسة فقط". فيما شارك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مراسم تكريم الضحايا.

ولم تعلن أي جهة بعد مسؤوليتها عن الاعتداء، ونفت حركة "حسم" التي تتهمها السلطات بانها تابعة لجماعة الاخوان المسلمين اي تورط لها في التفجير. ويجمع الخبراء على ان الاعتداء يضع الحكومة في حرج على أكثر من مستوى.

فالهدف الاول للاعتداء، بحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فيكتور سلامة هو ضرب تأييد الكنيسة القبطية للحكومة المصرية. ويقول سلامة "الاسلاميون يمكنهم ان يقولوا اننا نريد ان يدفع الاقباط ثمن تأييدهم لاطاحة الاخوان المسلمين" من السلطة في العام 2013.

يشاركه الرأي المحلل السياسي الكاتب في صحيفة "الشروق" الخاصة عبد الله السناوي الذي يرى ان الاعتداء عو نوع من "الانتقام من الاقباط لمشاركتهم في اطاحة الاخوان المسلمين" عام 2013. ومنذ إسقاط الرئيس الاسلامي محمد مرسي، تمت مهاجمة 42 كنيسة على الاقل خصوصا في صعيد مصر، بينها 37 كنيسة أشعلت فيها النيران او أتلفت محتوياتها. كما تمت مهاجمة عشرات المدارس والمنازل والمحلات التجارية لاقباط، بحسب ما اكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي تتهم قوات الامن بأنها كانت غائبة اثناء هذه الهجمات الطائفية. ويقول سلامة "هناك عنف غير مرئي معظم الوقت ضد الاقباط خصوصا في صعيد مصر".

نقاط ضعف الشرطة
وكشف الاعتداء على الكنيسة كذلك نقاط ضعف الشرطة. ويقول سلامة ان هذا التفجير "صفعة للحكومة. فالكنيسة مسيحية بالطبع، ولكنها مؤسسة مصرية تم تفجير 12 كيلوغراما من المتفجرات داخلها بسهولة تامة".

ويعتقد السناوي انه اضافة الى "دعاوى الانتقام من موقف الاقباط" من الاخوان المسلمين، فإن شظايا انفجار الاحد موجهة أيضا الى نظام السيسي بغرض التشكيك في قدرته على الحفاظ على سلامة دولار العبادة المسيحية".

يكشف الاعتداء "غياب اي استراتيجية لمواجهة الارهاب، فالاخطاء نفسها تتكرر: نقاط تمركز ثابتة للشرطة (كانت إحدها هدفا لتفجير اوقع ستة قتلى الجمعة) ودور العبادة غير مؤمنة بالقدر اللازم، وهناك تراخ امني".

والمشكلة وفقا له ان "تدخل الامن في الحياة العامة والخروج عن وظائفه الطبيعية يؤدي الى خلل في مواجهة الارهاب. مثل هذه الحوادث يمكن ان تتكرر اذا لم يعاد النظر في دور الامن". ويخدم تفجير الكنيسة هدف المجموعات الاسلامية التي تسعى، وفقا للسناوي، الى "ضرب اي احتمالات للتعافي الاقتصادي وعودة السياحة".

ويهدف الاعتداء على الكنيسة، مثل تفجير الطائرة الروسية في اكتوبر 2015 الذي أوقع 224 قتيلا وتبناه تنظيم الدولة الاسلامية، الى زعزعة قدرة الدولة على خلق مناخ آمن للسياحة والاقتصاد.

ويرى استاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني ان الهجوم على الكنيسة "له اثر دولي مضاعف، لان المستهدف هم المسيحيون" في بلد شهد ايضا في الفترة الاخيرة سلسلة اعتداءات على قوى الامن. وكان آخرها تفجيران تسببا الجمعة بمقتل ستة رجال شرطة في القاهرة، ومدني شمال العاصمة المصرية. وتبنت حركة "حسم" العمليتين.

وكشف السيسي بعد ظهر الاثنين في الجنازة الرسمية التي اقيمت امام النصب التذكاري للجندي المجهول في حي مدينة نصر في شرق القاهرة انه تم تحديد هوية مرتكب الاعتداء، مشيرا الى انه انتحاري "فجر نفسه بحزام ناسف". واضاف انه تم توقيف اربعة اشخاص بينهم امرأة يشتبه في تورطهم في الاعتداء، من دون ان يحدد الجهة التي تقف وراءه.

ويخلص حسني الى ان الهدف الحقيقي "من هذا الاعتداء لن يعرف على وجه الدقة الا اذا تم تحديد المسؤولين عنه او اذا تبنته جهة بعينها وافصحت عن اهدافها".