بعد الإنطلاق المتعثر لمؤتمر جنيف 3 ومن ثم تأجيله، بدأت الأطراف المعنية بتقاذف الإتهامات، وفيما عبرت روسيا عن أسفها لهذا التطور داعية إلى استكمال المفاوضات، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة إتهامًا لها بتقويض المحادثات، معتبرًا بأن تصعيدها العسكري المفاجئ في سوريا أدى إلى تعليقها.
&
جنيف: في تصريح لافت في شكله ومضمونه، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن التكثيف المفاجئ للقصف الجوي والنشاط العسكري في سوريا قوّض محادثات السلام في مؤتمر جنيف 3، داعيًا جميع الأطراف إلى العودة لطاولة التفاوض لحل الأزمة القائمة.
&
بان أكد بأنه يجب استغلال الأيام المقبلة من أجل العودة إلى المفاوضات وليس بهدف تحقيق مزيد من المكاسب بساحة المعركة في سوريا، وتأتي هذه التصريحات بعد إعلان توقف محادثات السلام السورية، وتأجيلها إلى 25 شباط (فبراير) الجاري.
&
وفي سياق متصل، أعربت روسيا، اليوم الخميس، عن أسفها لتعليق مفاوضات السلام، مشيرة إلى أنها تتوقع جولة ثانية من المحادثات "الصعبة" في الموعد الجديد، وقال الناطق باسم الكرملين: "نأسف لهذا التطور، لكن لم يكن أحد يتوقع أن تجري الأمور بطريقة بسيطة وسريعة"، وأضاف: "لم يكن أحد يتوقع نتائج فورية منذ الجولة الأولى، ونأمل أن يتضح قريبًا متى ستتواصل المفاوضات"، وتابع: "من الواضح أن متابعة المفاوضات ستكون معقدة، ونأمل بعد هذا التوقف أن تجرى فعلاً الدورة المقبلة من هذه المفاوضات البالغة الصعوبة".
&
إلى ذلك، اتهم وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أمس الأربعاء، النظام السوري وحليفته روسيا "بالسعي إلى حل عسكري بدلًا من إتاحة المجال أمام التوصل إلى حل سياسي"، معتبرًا أن هجوم الجيش السوري، مدعومًا بالضربات الجوية الروسية، يهدد العملية السياسية.
&
تصعيد ميداني
&
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات أن الهيئة العليا للمفاوضات تعاملت بإيجابية مع المبادرة الأممية لوقف معاناة الشعب السوري خاصة بعد الضمانات التي حصلت عليها من نائب الأمين العام للأمم المتحدة &بان كي مون، ورسالة المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي مستورا الذي أكد فيها اعتبار تحسين الأوضاع الإنسانية للشعب السوري مسألة فوق التفاوض، وتعهد بالعمل على تحقيقها قبل بدء المفاوضات.
&
وقال حجاب لـ "إِيلاف"، في مؤتمر صحافي عقده &أمس اثر اجتماعه مع دي مستورا: "إن الهيئة &تؤكد على ضرورة العدالة الانتقالية وأن لا مستقبل لبشار الاسد في سوريا"، كما وشكر "مواقف الدول العربية والغربية الداعمة لمطالب الشعب السوري وتأكيدها على ضرورة تخفيف معاناتهم قبل الشروع في المفاوضات، وتعهدها بدفع الجهود الدبلوماسية لتحقيق المادتين 12 و13 من قرار مجلس الأمن 2254 في ما يتعلق برفع الحصار وإيصال المساعدات للمناطق المتضررة ووقف القصف على المناطق الآهلة بالسكان والإفراج عن المعتقلين ووقف تنفيذ أحكام الإعدام".
&
وشدد "أنه على الرغم من الإيجابية التي أبدتها الهيئة؛ إلا أن النظام وحلفاءه قد كثفوا عملياتهم العسكرية وضاعفوا عدد الغارات الجوية التي استهدفت الغوطة والمعضمية وحلب وإدلب وريف حمص وريف اللاذقية ودير الزور، وتوسعوا في عمليات القصف ضد المدنيين لتشمل مخيمات اللاجئين، وأدت إلى إزهاق أرواح المزيد من السوريين الذين قضوا بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والقذائف الفراغية والغازات السامة، فضلاً عن الحصار الجائر الذي يفرضه النظام وحلفاؤه على العديد من البلدات والمدن".
&
وقال حجاب أنه بناء "على سياسة تصعيد القصف واستهداف المدنيين، وما نتج عنها من مجازر مروعة في مدينتي عندان وحريتان وغيرهما من قرى وبلدات ريف حلب الشمالي وريف حمص الجنوبي يومي الثلاثاء والأربعاء ٢ و٣ فبراير ٢٠١٦، فقد أعلن الفريق المفاوض أنه سيغادر جنيف اليوم الخميس ٤ فبراير، ريثما يتوفر المناخ المناسب للبدء في مفاوضات جادة تفضي إلى إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية"، وأضاف: "أعتقد أن الوقت قد حان للضغط على النظام وحلفائه ليوقفوا جرائمهم وانتهاكاتهم في حق الشعب السوري، وأن يضطلع المجتمع الدولي بدوره في وقف هذا العدوان الغاشم على شعبنا".
&
ضمانات
&
وتابع: "تلقيت عدداً من الضمانات الدولية والتعهدات الأممية بوقف المجازر ضد السوريين وبتنفيذ &المادتين ١٢ و١٣ من قرار مجلس الأمن (٢٢٥٤) والعمل على رفع الحصار عن المدن وإطلاق سراح المعتقلين والوقف الفوري للقصف العشوائي، وأعتقد أن الوقت قد حان لوفاء المجتمع الدولي بالتزاماته والضغط على النظام وحلفائه لوقف جرائم الحرب ضد الشعب السوري قبل البدء في العملية التفاوضية"، مؤكداً أن الهيئة ستكون على استعداد للتجاوب مع الجهود الدولية للبدء في عملية الانتقال السياسي فور تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته واتخاذ خطوات حاسمة لوقف جرائم النظام وتوفير مناخ آمن لعملية تفاوضية قبل الموعد التالي الذي حدده دي مستورا".
&
وأكد حجاب &أنه قد أوعز إلى جميع أعضاء الوفد المفاوض بمغادرة جنيف إثر تأجيل موعد المفاوضات، املاً أن تتوقف جرائم القصف ضد المدنيين ويرفع الحصار وتصل المساعدات للمتضررين، مشيرًا إلى أنه سيدعو إلى عقد اجتماع للهيئة العليا للمفاوضات لمناقشة التطورات وسبل تحقيق القرارات الأممية قبل المضي في العملية السياسية.
&
وقال: "أثبت النظام للمرة الثانية (بعد جنيف ٢٠١٤) أنه لا يرغب في أي حل سلمي، حيث أفشل العملية السياسية من جديد واستمر في جرائمه ضد الشعب السوري، وآمل أن لا يمنحه المجتمع الدولي فرصة أخرى تحت مظلة اختبار النوايا، وفي حال استمرار تلك الانتهاكات، وتجاهل المجتمع الدولي لها فإن لدينا بدائل أخرى سنكشف عنها في وقتها".
&
ومن المعروف أن المحادثات بين النظام السوري والمعارضة عُلقت بعد 6 أيام من انطلاقها، وبعد الكثير من المماطلة والتأجيل، الأمر الذي دفع مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا إلى تعليق المفاوضات المتعثرة 3 أسابيع، مؤكدًا بأن "هذه ليست النهاية، وهذا ليس فشلاً للمفاوضات".

&