قال المعارض السوري عبد المجيد بركات، "إن النظام لا توجد له قوات فعلية مشاركة على الأرض ولا طيران حربي في معارك ريف حلب الشمالي، فمعظم القوات هي ميليشيات أجنبية طائفية مدعومة من الطيران الروسي".

جواد الصايغ: لا تزال المعارك القائمة في الريف الشمالي لمحافظة حلب تسرق أنظار المتابعين، خصوصًا بعد تمدد قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات الحماية الكردية ابرز مجموعاتها، على مقربة من المناطق الحدودية المشتركة بين سوريا وتركيا.
&
وفي هذا الإطار، يقول المعارض والباحث السوري، عبد المجيد بركات، لـ"إيلاف"، إن "ريف حلب الشمالي من أوائل المناطق التي انتفضت في وجه النظام ومن أوائل المناطق التي حررت وبقيت محررة لمدة أربع سنوات، ويعتبر هذا الريف خزانًا بشرياً وتجارياً وزراعياً مهماً، وكان يربط معظم المناطق المحررة مع العالم الخارجي ويعد أهم طريق إمداد لجميع الفصائل في كافة أنحاء سوريا".
&
إحراج تركيا
وأضاف، "ما يحصل اليوم في ريف حلب أمر في غاية الخطورة يمهد لمعطيات جديدة على مستوى جميع الفاعلين، فدوليًا تسعى روسيا لكسب الوقت والإستفادة من تخبط وعدم إتفاق الأطراف الفاعلة على طريقة الحل ، لتكسب نقاطاً اضافية في عملية التفاوض، وفي الوقت نفسه لتحرج تركيا من خلال دعمها لتحركات قوات حماية الشعب الكردية، وديمغرافياً يعتبر ريف حلب الشمالي شبه خالٍ من الأكراد وتقدم قوات الحماية فيه يعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق الإلتقاء مع قواتها في الشرق، حيث تم تهجير معظم سكان الريف الشمالي نتيجة للعمليات العسكرية وللقصف المركز من الطيران الروسي".
&
نقطتان مثيرتان للإهتمام
وتابع، "توجد نقطتان مثيرتان للإهتمام في ما يحدث في الريف الشمالي، أولها أن النظام (خارج التغطية) فلا توجد له قوات فعلية مشاركة على الأرض ولا طيران حربي، فمعظم القوات هي ميليشيات أجنبية طائفية مدعومة من الطيران الروسي، وهذا يدل على أن النظام سلم بالأمر الواقع وحقق مقولة بشار الأسد أن سوريا لمن يدافع عنها، كما أنه فقد السيطرة حتى على حلفائه خاصة بعد مشهد الأعلام التي رفعت في نبل والزهراء، والتي لم نشاهد فيها علماً أو صورة تمثل النظام، والنقطة الثانية هو التناسق الكبير في الأداء والأهداف بين ثلاث جهات هي الطيران الروسي وقوات حماية الشعب الكردي وداعش بعد خروج النظام من المعادلة، وهذا التفاهم ربما يصل لمرحلة التنسيق، حيث أوقفت داعش جميع جبهاتها مع قوات الحماية الكردية، وفي المقابل لم تقصف الطائرات الروسية مواقع داعش المتاخمة لقوات الثوار، ليتوضح حجم التأمر السياسي والعسكري على قوات المعارضة".
&
القضاء على اهم معاقل الثورة
بركات، اشار، "إلى أنه وبالنتيجة ما يحصل بريف حلب هو محاولة القضاء على أهم معاقل الثورة السورية وقطع طريق الإمداد بين الثوار وتركيا، وإضعاف الثورة سياسياً من خلال سحب أوراق مهمة من يد الوفد المفاوض ومحاولة تغيير في البنية الديمغرافية، والضغط بذلك على تركيا، فمعركة حلب وريفها هي في الحقيقة ذات أبعاد عسكرية وسياسية (دولية وإقليمية) تتشابك فيها ملفات إقليمية ربما قد تصل في المرحلة المقبلة لمرحلة التصادم المباشر بدل من حرب الوكالة".
&
تداعيات سقوط مدينة تل رفعت
وعن تداعيات سقوط تل رفعت والكلام عن تسليم مارع؟، قال "بطبيعة الحال سقوط تل رفعت هي خسارة جغرافية وعسكرية ، له تأثير عسكري ولوجستي خطير على المناطق المحيطة لها، حيث تعتبر تل رفعت قوة بشرية وأهم معاقل الجيش الحر في الشمال، ووقوعها على تخوم مطار منغ الذي سقط يعطي المطار ساتراً جغرافيًا&مهمًا ، كما أنها لا تبعد عن مارع أكثر من 7 كيلومترات، وعن إعزاز 10 كيلومترات وسقوط أحد أضلاع هذا المثلث الأهم (مارع تل رفعت إعزاز) في الشمال سيكون له تأثير سلبي على المناطق الأخرى، وذلك قد يجبر الثوار في إعزاز ومارع على إتخاذ خطوات غير متوقعة من قبيل المهادنة مع قوات سوريا الديمقراطية وجيش الثوار ووحدات حماية الشعب أو تسليم مناطقهم لداعش، وهذا يتوقف على سرعة التحرك العربي والدولي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".
&
وفي رده على سؤال حول حقيقة انضواء مجموعات من الحر بجيش الثوار، لفت المعارض السوري، &"الى انه ليست لديّ معلومات عن هذا الموضوع ولكن كل ماهو مؤكد من خلال تواصلي مع الثوار في الداخل أنهم قاوموا ببسالة وشجاعة ولولا التغطية المكثفة للطيران الروسي لما تجرأت قوات حماية الشعب الكردية وتوابعها من التقدم متر واحد. ولو كانوا إنضووا تحت ما يسمى جيش الثوار لما سقط عدد كبير منهم شهداء في مدينتي مارع وإعزاز .وإن ثبت إنضمام عناصر من الثوار لما يسمى جيش الثوار فبكل تأكيد ستكون حالات فردية".
&
أين النظام؟
وعن مدى حقيقة عودة قوات النظام إلى الريف الشمالي الذي كان يعتبر عاصمة الثورة الحلبية؟ قال، "صدقاً ولست لأنني معارض فأنا ابن الريف الشمالي وأعلم ما يدور هناك ولديّ تواصل مع معظم التشكيلات الثورية، وأكد لك أن النظام لا يشكل ٥٪ من القوات التي احتلت الريف الشمالي، فمعظم القوات التي دخلت هي إما مليشيات إيرانية وعراقية ولبنانية وقوات كردية مستوطنة بغطاء جوي روسي ونشاهد جميع الأعلام إلا علم النظام، هذا إن سلمنا أن القوات الكردية تتبع للنظام، فمن دون ذلك النظام لم يأخذ سوى الطريق الواصل لنبل والزهراء. علماً أن النظام ليست له سيطرة أبداً على القوات التي دخلت نبل والزهراء، والريف الشمالي منذ أربع سنوات& ولم يستطيع النظام التقدم ابداً".
&
مسؤولية تراجع المعارضة
من يتحمل مسؤولية التراجع الذي يحصل ؟سؤال اجاب عليه بركات قائلاً، "نحن في حرب مع قوى متنوعة ومختلفة إجتمعت من أجل القضاء على الثورة ومبادئها، إستطاعت هذه القوى أن تحشد أعداداً ومعدات ضخمة تستطيع بها فتح جبهة عالمية، وفي المقابل نجد أن الدول الداعمة للثورة توقفت منذ فترة عن دعم الجيش الحر بالسلاح الثقيل والنوعي، كما أن الجيش الحر في حلب يحارب على ثلاث جبهات داعش والنظام وقوات الحماية الكردية وأنهك بشكل كبير على جبهة داعش، ولا ننكر أن الجيش الحر في حلب يعاني من حالة تشرذم وعدم توحد قياداته. جميع هذه العوامل مجتمعة أدت الى التراجع الحاصل".
&
التدخل التركي-السعودي
وعن مسألة التدخل التركي السعودي، اعتبر أن "مسألة التدخل مرهونة بمعطيات دولية وإقليمة وداخلية خاصة بكل دولة سواء تركيا أو السعودية، وأعتقد ان الظرف الدولي إلى الآن ما زال غير مجهز لشرعنة تدخل تحت مسمى تحالف إسلامي، وأعتقد أن الجولات المكوكية التي يقوم بها وزيرا خارجية تركيا والسعودية هي من أجل الحصول على شرعية دولية تدعم هذا التدخل بالاعتماد على فكرة مكافحة الإرهاب التي على أساسها تدخلت روسيا، وأعتقد تأخير الحصول على شرعية دولية سببه هو الإنكفاء الغامض للولايات المتحدة عن الملف السوري".
&
وتابع "تركيا لن تتدخل في سوريا بشكل منفرد دون موافقة حلفائها (الناتو وأوروبا وضوء اميركي) رغم ان تأخرها قد يسبب خطراً على أمنها القومي، فهي تحاول الموازنة بين حماية أمنها القومي واستغلال فكرة محاربة الإرهاب لتغطية رغبتها في تحقيق توازن على الأرض بين الثوار والقوى الأخرى المعادية، وكذلك السعودية التي تجزم بأن انتهاء الثورة سيكون ضربة موجعة لأمنها القومي. لذا نلاحظ أن الدولتين تقومان بجهود دبلوماسية كبيرة للحصول على موافقة دولية وموافقة أكبر عدد من الدول لتدخلهم في هذا التحالف الذي ربما سيكون خلال فترة قصيرة لاعباً مهماً في الملف السوري، وسيأخذ أشكالاً متعددة من طلعات جوية ودعم عسكري وغطاء ناري للثوار، ونلاحظ أن تركيا بدأت بالخطوات الأولى من خلال قصفها لمواقع قوات الحماية الكردية خلال الأيام الماضية".
&
عملية التفاوض
واعرب عن اعتقاده "أن التطورات الأخيرة بريف حلب ستؤثر على عملية التفاوض بشكل سلبي، حيث أن هذه التطورات كشفت نية النظام ورغبته بعدم إنهاء الأزمة بشكل سياسي، وأكدت أن النظام لا يجمح للحل السلمي، وبرأيي يفترض على فريق المعارضة المكلف بالتفاوض عدم التركيز والاعتماد على التحولات العسكرية على الأرض والتركيز على قوة الحق للثورة، وسحب ورقة محاربة الإرهاب من يد النظام".
&