فرض الخلاف بين تركيا وأميركا نفسه على مجمل التطوارات السياسية والعسكرية في سوريا، لا سيما بعد امتعاض أنقرة الكبير من التواصل بين واشنطن والأكراد الذين سيطروا على مناطق حدودية شديدة الحساسية بالنسبة إلى تركيا، فيما ترفض الولايات المتحدة المنطق التركي، معتبرة أن الأكراد يشكلون حجر الزاوية في مواجهة داعش.

إعداد عبد الإله مجيد: تعمل إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما بشكل محموم على ضمان تنفيذ وقف اطلاق النار، الذي اتفقت عليه مجموعة دعم سوريا، في موعده المقرر يوم الجمعة، ويلاحظ مراقبون ان هذه الخطة باتت في غرفة الانعاش الآن بسبب تجدد القتال في شمال سوريا، فيما ترى الادارة الاميركية ان العمليات التركية تعطي موسكو ذريعة لمواصلة حملتها الجوية في وقت تحاول الولايات المتحدة الضغط على روسيا لوقف الحملة. الأمر الذي أحدث انقسامًا ملحوظًا بين واشنطن وتركيا، الدولة الحليفة والوازنة في حلف الأطلسي.&
&
وحين سُئل نائب وزير الخارجية الاميركي توني بلنكن يوم الثلاثاء عن العمليات العسكرية التركية، قال إن من الضروري "ان تبدأ جميع الأطراف بالتهدئة، وبعدم تصعيد ما تفعله"، وفي حين أن بلنكن لم يذكر انقرة بالإسم، فإنه أكد في كلمة ألقاها في معهد "بروكنز" أن الولايات المتحدة تتوقع من جميع شركائها الذين يقفون إلى جانبها، الامتناع عن التصعيد، أو محاولة السيطرة على اراضٍ جديدة قبل تنفيذ وقف إطلاق النار. &
&
&
الأكثر فعالية
&
ويدور الخلاف الجديد، وهو الأحدث في سلسلة الخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها خلال سنوات حرب سوريا الخمس، حول دعم الغرب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا، فالولايات المتحدة تنظر الى المقاتلين الأكراد على انهم من أشد حلفائها فاعلية في الحرب ضد تنظيم داعش، فيما ترى تركيا أنهم امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة ارهابية تريد اقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا. &
&
وإزاء خلاف بمثل هذا العمق، تزداد مقاومة تركيا لضغوط واشنطن من أجل وقف ضرباتها الجوية ضد الأكراد، فيما قال الباحث اندرو تابلر، الخبير بالشؤون السورية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "إن الولايات المتحدة تريد ان يتوقف الأكراد والاتراك وان يروا الصورة الأكبر، لكني لا أعتقد بحدوث ذلك".&
&
وانفجر الخلاف بين واشنطن وأنقرة بشأن القضية الكردية في العلن بعد اجتماع المبعوث الرئاسي الاميركي بريت ماكغرك مع ممثلي وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في مدينة كوباني السورية، وحين نُشرت صور اللقاء حمل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الولايات المتحدة متهما اياها بالوقوف الى جانب أعداء تركيا، وقال: "كيف يمكن ان نثق بكم؟ هل أنا شريككم أم الارهابيون في كوباني؟".&
&
&
خلاف كبير
&
كما تسبب الخلاف بشأن القضية الكردية في تعطيل محاولات وزارة الخارجية الاميركية انهاء النزاع السوري عن طريق المفاوضات، وكادت المحادثات ان تفشل قبل ان تبدأ في كانون الثاني (يناير) عندما هدد الاتراك بمقاطعتها إذا حضرها الأكراد ضمن وفد المعارضة السورية.&
&
إلى ذلك، ترى الولايات المتحدة ان أكراد سوريا يمثلون فصيلًا شرعيًا من فصائل المعارضة السورية، ويجب معاملتهم على هذا الأساس. ولم تكن الولايات المتحدة وحدها التي ترى ذلك، بل اتفق معها وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي قال في مقابلة مع مجلة "فورين بولسي" الاميركية ان الأكراد "جزء أساسي من المعارضة، وهم شديدو الفاعلية ضد داعش، وكنا ندعو دائما الى ان يكونوا جزءًا من العملية".&
&
وقال الباحث تابلر، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن هناك خلافا بين واشنطن وأنقرة "على حجم دور حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في الحرب السورية، وان تركيا لا تريد ان يشمل دعمه أي اراضٍ غرب الفرات، كما ولا تريد ان يتلقى أسلحة ثقيلة، وهذا خلاف كبير". &
&
وكانت تركيا قد أعربت عن غضبها بعد أن سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية، المدعومة من حزب الاتحاد الديمقراطي، على قاعدة جوية سابقة قرب الحدود التركية، والتي كانت سابقًا تحت سيطرة المعارضة السورية، الأمر الذي دفعها إلى قصف المنطقة والمطالبة بانسحاب المقاتلين الأكراد منها، لكن الأكراد رفضوا الانسحاب، فيما طلب النظام السوري من روسيا أن تثير قضية القصف التركي في مجلس الأمن الدولي بوصفه انتهاكًا للسيادة السورية.&

&