بعد نحو ربع قرن من الزمن، حرص الكازاخ على أن يكونوا غالبية بين الجماعات الإثنية الأخرى في كازاخستان بما يتناسب مع اسم البلد، بعد عودة ذوي الأصول الروسية إلى روسيا، لتصاغ ديموغرافية أخرى في البلاد، ويشكل الكازاخ الآن نحو 70 في المئة من السكان، بحسب أحدث الإحصاءات.
أستانة: حين نالت كازخستان استقلالها من الاتحاد السوفيتي في أواخر عام 1991 كانت تتفرد بكونها الوحيدة بين الجمهوريات السوفيتية السابقة التي لم يكن الكازاخ يشكلون غالبية فيها، رغم تسمية البلد باسمهم، بل كان الكازاخ بالكاد يمثلون الجماعة الإثنية الأكبر في كازاخستان بنحو 40 في المئة من سكان البلاد، وهي نسبة تزيد قليلًا على نسبة السكان من أصل روسي وقتذاك.
تبدلات إثنية
وارتفعت نسبة الكازاخ في كازاخستان بموازاة هبوط عدد السكان من ذوي الأصل الروسي، الذين يشكلون الآن نحو 20 في المئة، ويتركزون في شمال كازاخستان وشمالها الشرقي. &&
&
لم يكن هذا التغيير الديموغرافي غير متوقع. فغالبية الجمهوريات السوفيتية السابقة شهدت تغييرات في تركيبتها الإثنية، ولكن كازاخستان تمثل حالة فريدة. وتناولت تقارير أخيرًا كيف تمكن الكازاخ من استعادة هذه النسبة، بحيث أصبحوا الغالبية العظمى من سكان البلد في مثل هذا الوقت القصير نسبيًا.&
&
هجرات متبادلة
ونشرت صحيفة أستانة تايمز أخيرًا سلسلة من الإحصاءات السكانية عن كازاخستان بعد استقلالها. وبحسب هذه الأرقام فإن زهاء مليون شخص نالوا الجنسية الكازاخية منذ عام 1992، وكان 90 في المئة منهم ذوي أصول كازاخية. وطبقًا لتقرير أستانة تايمز، فإن الصين وأوزبكستان كانتا أكبر مصدر للكازاخ العائدين إلى وطنهم الأصلي. كما عاد نحو 5000 شخص ذوي أصول كازاخية من روسيا منذ عام 2010. &
&
في المقابل شهدت هذه الفترة هجرة أشخاص ذوي أصول روسية إلى بلدهم الأصلي. وأشار بروس بانير مراسل إذاعة أوروبا الحرة إلى أن نحو 20 ألف روسي عادوا إلى روسيا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، وهو رقم يزيد قليلًا على عددهم في عام 2014.&
&
لكن وزارة الاقتصاد الكازاخية قالت إن أواسط العقد الأول من الألفية الثالثة شهدت عودة ضعف هذا العدد سنويًا إلى روسيا. وهذا ما أكدته موسكو أيضًا قائلة إن نحو 40 ألف روسي كانوا يغادرون كازاخستان سنويًا في تلك الفترة.
&
سلبيات العودة
لكن لعودة الروس إلى بلدهم سلبياتها أيضًا. فهؤلاء ليسوا في الغالب من ذوي المهارات والمهنيين، مثل الأطباء والمعلمين وغيرهم فحسب، كما لاحظ مراسل إذاعة أوروبا الحرة بانير، بل إن هجرتهم تشير إلى مصاعب أكبر تواجه الحكومة الكازاخية في الإبقاء على أقليات كازاخستان الإثنية ومكافحة الشوفينية التي تستهدف غير الكازاخ. وهناك أدلة متزايدة على أن هذه الاحتقانات الإثنية أصبحت قضية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.
&
تقترن هذه الاحتقانات بحقائق خارج سيطرة أستانة، منها تشديد روسيا على الإثنية بدلًا من المواطنة، كما تبدى ذلك بضمها شبه جزيرة القرم، وانهيار أسعار النفط الذي أضرّ كثيرًا بنمو الاقتصاد الكازاخي. وترتبط الظاهرتان ببعضهما البعض، لأنه كلما تردت آفاق التطور الاقتصادي في روسيا وكازاخستان ازدادت التوترات المالية والإثنية. &
&
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن ما سماها مشاعر عداء للروس في كازاخستان يمكن أن تدفع موسكو ذات النزعة التوسعية إلى الرد، لا سيما أن لدى الكرملين مخططات تجاه شمال كازاخستان. ومع تصاعد النزعات القومية على جانبي الحدود من المؤكد أن تزداد حدة التوترات.&
&
في هذه الأثناء تزداد كازاخستان تجانسًا من الناحية الإثنية، ويستمر رحيل الأشخاص ذوي الأصول الروسية. وهو اتجاه مستمر منذ 25 عامًا، وليس هناك ما يشير إلى توقفه.
&
التعليقات