بيروت:

شكك محللون في صحة وثائق أعلنت شبكة "سكاي نيوز" التلفزيونية البريطانية حصولها عليها وتتضمن بيانات شخصية لعناصر في تنظيم الدولة الاسلامية، نظرا لوجود اخطاء ظاهرة للعيان وعبارات غريبة عن قاموس التنظيم.

ورجحت برلين من جهتها صحة بيانات متعلقة بجهاديين ألمان من دون ان يحدد ما اذا كانت هذه البيانات هي تلك التي نشرتها صحف المانية اخيرا وتتضمن معلومات شخصية ايضا عن عناصر في تنظيم الدولة الاسلامية..

ونشرت شبكة "سكاي نيوز" البريطانية بيانات انتساب شخصية لعناصر من تنظيم الدولة الاسلامية يتحدرون من 51 دولة، حصلت عليها، كما قالت، من عنصر منشق سرقها من شرطة الامن الداخلي في التنظيم الجهادي.

وبعد مراجعته الوثائق الـ22 الف، وجد موقع "زمان الوصل" السوري المعارض الذي قال انه حصل على الوثائق نفسها، ان البيانات تتعلق في الواقع بـ1700 اسم فقط، وان الاف الاسماء الاخرى مكررة.

والوثائق المسربة عبارة عن استمارات تشتمل على 23 خانة منها اسم المنتسب الى التنظيم واسم عائلته واسمه الحركي وجنسيته وتحصيله الدراسي ومدى المامه بالشريعة، فضلا عن اسئلة حول الخبرات القتالية والدول التي سافر اليها والطريق الذي وصل منه الى التنظيم، وهل سبق له "الجهاد"، وهل يريد الانتساب "كمقاتل ام استشهادي ام انغماسي".

ووجدت وكالة فرانس برس ومحللون ان البيانات تحتوي معلومات متضاربة، اذ كتب على سبيل المثال اسم التنظيم المتطرف بطريقتين مختلفتين في الوثيقة الواحدة، وهما "دولة الاسلام في العراق والشام" و"الدولة الاسلامية في العراق والشام".

ومن بين الخانات الواردة "تاريخ القتل والمكان" بدلا من مصطلح "استشهاد" الذي يستخدمه التنظيم.

واشار الخبير في شؤون الجهاديين رومان كاييه على حسابه على "تويتر" الى شعار جديد لم يستخدمه التنظيم المتطرف من قبل، وهو عبارة عن شعار دائري كتب فيه "دولة الاسلام باقية".

وبحسب الباحث في جامعة جورجيا شارلي وينتر ان البيانات على الرغم من اهميتها، "تحيط بها الشكوك"، وخصوصا في ما يتعلق بالاختلاف في اسم التنظيم المتطرف والشعار والاخطاء اللغوية، الامر الذي "لا ينطبق مع ما اعتاد عليه التنظيم".

ويقول وينتر لفرانس برس "من الضروري ان ننتظر الى امر بهذه الاهمية بكثير من الشك والوعي".

وكتب الصحافي والخبير في الشؤون الجهادية وسيم نصر على حسابه على تويتر ان "بعض المعلومات قد تكون صحيحة الا انها قدمت بتصميم مركب للترويج لها وبيعها بثمن مرتفع لمشترين كثر".

تجارة الانشقاق

وحصلت "سكاي نيوز" على هذه الوثائق من مقاتل سابق في الجيش السوري الحر كان التحق بالتنظيم الجهادي ويطلق على نفسه اسم "ابو حامد"، بحسب ما اوردت.

وسلم ابو حامد الوثائق الى صحافي في تركيا، وظهر في تسجيل فيديو بثته "سكاي نيوز" وقد حجب وجهه واعرب عن الامل في ان تتيح الوثائق تدمير التنظيم. 

ويشكك الباحث ايمن التميمي، الخبير في شؤون الجهاديين في مركز الدراسات الاميركي "منتدى الشرق الاوسط"، بمصداقية هذا المصدر.

ويوضح لفرانس برس ان "ادعاء الانشقاق عن تنظيم الدولة الاسلامية عمل مربح في جنوب تركيا، اذ يطلب المستفيدون مبالغ طائلة مقابل اجراءهم مقابلات او بيع ملفات الكترونية يدّعون انها للتنظيم المتطرف".

وبالنسبة اليه، فان الوثائق التي من الممكن الاعتماد عليها هي "الاصلية وليس المنقولة في ملفات الكترونية"، والتي من الممكن الحصول عليها مباشرة من شخص متواجد في سوريا وليس في تركيا.

في برلين، رجحت الشرطة الجنائية الالمانية صحة بيانات متعلقة بمواطنين المان انضموا الى التنظيم المتطرف. وقال متحدث باسمها 

ان "الشرطة الجنائية الفدرالية على علم بهذه الوثائق العائدة لما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية"، مضيفا "ننطلق من مبدأ ان الامر يتعلق على الارجح بوثائق صحيحة ونحن نأخذها بالاعتبار في اطار ملاحقاتنا الجنائية واجراءاتنا الامنية".

ولم يشر المتحدث الى وثائق "سكاي نيوز". كما رفض اعطاء اي تفاصيل حول عدد الوثائق التي اطلعت عليها السلطات الالمانية.

ومطلع الاسبوع، ذكرت صحيفة "سودوتشي تسايتونغ" الصادرة في ميونخ ومحطتا "ان دي ار" و"دبل يو دي ار" التلفزيونيتان ان لديها اسماء بعشرات الالمان التابعين لتنظيم الدولة الاسلامية.

أقل تعقيدًا

وانضم آلاف المواطنين الاوروبيين الى التنظيم الذي يسيطر على مساحات شاسعة في سوريا والعراق، وتخشى السلطات في الدول التي قدموا منها، ان يقوموا باعتداءات في حال عودتهم اليها.

وحسب جهاز المخابرات الداخلي الالماني، فان 740 شخصا تقريبا غادروا المانيا الى سوريا او الى العراق. وعاد ثلثهم تقريبا وقتل حوالى 120 منهم.

ووردت في وثائق "سكاي نيوز" اسماء جهاديين معروفين مثل عبد الماجد عبد الباري، مغني الراب البريطاني السابق الذي نشر صورة لنفسه على تويتر وهو يحمل رأس انسان. 

وتقول داليا غانم يزبك من مركز كارنيغي للشرق الاوسط في بيروت لوكالة فرانس برس ان البيانات تبدو "اقل تعقيدا" من اخرى سربت في الماضي، مثل الدليل الذي سرب في كانون الاول/ديسمبر 2015 حول استراتيجية التنظيم.

وبحسب قولها، فان الاخطاء اللغوية وهي "قليلة" تعود الى ان التنظيم كان في اول مراحل نشأته في 2013، العام الذي كتبت فيه غالبية تلك البيانات.

وتوضح "من المهم جدا الاشارة الى ان بيانات التسجيل هذه جمعت من مقاتلين في نهاية العام 2013، حين كان تنظيم الدولة الاسلامية لا يزال في اولى مراحله، في مرحلة بناء القدرات".

وبالتالي، "فالمثير للاهتمام هو انهم نجحوا حتى في ذلك الوقت في تجنيد هذا العدد الكبير من المقاتلين: 1736 بيان انتساب على الاقل".