من بين كل الطرق التي تمكن دونالد ترامب من هز النظام السياسي الاميركي بها فان طريقته الأهم هي كيفية الفوز في الانتخابات التمهيدية جولة تلو أخرى بميزانية من أصغر الميزانيات لتمويل الحملات الانتخابية في بلد يقوم التمويل بدور حاسم في انتخاباته.
وما زال ترامب بلا لجنة عمل سياسي تدعمه ولديه الحد الأدنى من التنظيم على الأرض والمكاتب الميدانية لادارة الحملة. &والأهم من كل ذلك انه انفق على الدعاية التلفزيونية اقل مما انفقه أي من منافسيه الرئيسيين رغم ان هذا الشكل من الترويج السياسي يستهلك تقليديا أكبر حصة من انفاق المرشحين على حملاتهم في الولايات المتحدة ، بحسب تحليل اجرته شركة أس أم جي دلتا التي تتابع الاعلانات التلفزيونية.&
ولكن ترامب لا يغيب&تقريبا عن موجات الأثير. &وهو يستفيد مثل سائر المرشحين مما يُعرف في الصحافة بأنه "الاعلام المكتسب"، أي الأخبار والتعليقات التي تتناول حملته على التلفزيون وفي الصحف والمجلات وشبكات التواصل الاجتماعي. &والاعلام المكتسب عادة يقزّم الاعلام المدفوع. & والفارق الكبير بين ترامب والمرشحين الآخرين انه أفضل بكثير منهم ـ بل ربما من أي مرشح آخر في تاريخ الانتخابات الاميركية ـ &حين يتعلق الأمر بالاعلام المكتسب.
ولتكوين فكرة عن هذا التفوق فان ترامب نال ما تعادل قيمته 400 مليون دولار من الاهتمام الاعلامي المجاني في شباط/فبراير وحده ، أو حوالي ما أنفقه جون ماكين على حملته الرئاسية كلها في عام 2008. &وفي مجرى الحملة الانتخابية نال ترامب ما تعادل قيمته نحو ملياري دولار من اهتمام الاعلام ، ويبلغ هذا نحو ضعف ما كلفته أغلى الحملات الرئاسية في تاريخ الانتخابات ، بحسب صحيفة نيويورك تايمز في تحليل لتغطية الحملة الانتخابية في الاعلام مشيرة الى ان هيلاري كلنتون المرشحة الرئاسية الديمقراطية نالت ما يعادل قيمته 746 مليون دولار من الاهتمام الاعلامي ، أو حوالي نصف ما ناله ترامب.&
وشهدت الاسابيع الأخيرة حملات شنتها لجان العمل السياسي لمنافسي ترامب ضد الملياردير العقاري لمنعه من الفوز في الانتخابات التمهيدية التي جرت يوم الثلاثاء في خمس ولايات بينها الجائزة الكبري فلوريدا حيث فاز ترامب بكل مندوبيها البالغ عددهم 99 مندوبا الى مؤتمر الحزب الجمهوري. & كما فاز في ولايات نورث كارولاينا والينوي وميزوري فيما هُزم في ولاية واحدة هي اوهايو حيث فاز منافسه جون كايسك.&
وكانت ملايين أُنفقت مالئة موجات الأثير في ولاية فلوريدا بإعلانات عن ترامب والقائمة الطويلة لعربداته واستفزازاته. &وأسفرت هذا الحملة عن تقدم ترامب بنسبة 6 في المئة على اقرب منافسيه وفوزه في ولاية الشمس المشرقة كما تُسمى فلوريدا.&
ولاحظ خبراء ان مسؤولية الاعلام في صعود ترامب اصبحت قضية شائكة في الولايات المتحدة حيث يتمتع الملياردير العقاري بموقع ممتاز في المنافذ الاخبارية وتلفزيون الكابل. &وكثيرا ما يُتاح له بالاتصال هاتفيا للمشاركة في البرامج الحوارية الصباحية الى جانب ظهوره شخصيا في وسائل الاعلان المرئية ، الأمر الذي يمكنه من الاستئثار بالموجات بعد كل مناظرة أو خطاب. &
والسبب ان ترامب يزيد عدد المشاهدين في هذه المنافذ الاعلامية ، كما يؤكد هو نفسه. وترد وسائل الاعلام قائلة انها ملزمة باقتطاع وقت لتغطية المرشح الجمهوري المتقدم على منافسيه مشيرة في الوقت نفسه الى ان الوصول اليه أسهل من الوصول الى سائر المتنافسين الآخرين على البيت الأبيض. &وان الذنب ليس ذنبها إذا كان ترامب يزيد عدد متابعيها اثناء تغطية حملته. &
كما تجدر الاشارة الى ان الولايات المتحدة ، بخلاف بريطانيا مثلا ، ليس&لديها محطة بث عامة مثل بي بي سي يمكن ان تقوم بدور الحَكَم بين المرشحين المتنافسين على أكبر عدد من المشاهدين أو المستمعين أو الضربات على مواقع الانترنت.
ولاحظ الكاتب والصحافي الاميركي الكسندر ستيل &"ان مؤسسات اعلامية حكومية ما زالت تهيمن على موجات الأثير في بريطانيا والمانيا وفرنسا ، وتعمل بمثابة حَكَم لصالح الخطاب المتمدن وتأكيد حقائق مقبولة من الجميع".&
اما في الولايات المتحدة فان ترامب ليس قادرا على ان يقول ما يشاء دون وجود حَكَم &يحجمه فحسب ، بل يكون في احيان كثيرة &لصالحه ان يفعل ذلك بضمان بقائه اللاعب الرئيسي في الاخبار. &وهي لعبة مارسها ترامب بدهاء.
&
التعليقات