يحير بلوتو العلماء، فيتساءلون إن كان كوكبًا أو كويكبًا، وهل فيه ماء إن كان على سطحه براكين تنبعث منها كتل جليد، أسئلة تصل إلى إجابات عنها يومًا بعد يوم.

تعتبر قصة بلوتو قصة من جليد... فهو الكوكب الوحيد الذي لم يكن مصيره واضحًا. فمنذ اكتشافه، تضاربت الآراء والأقوال حوله، هل هو كوكب أم كويكب؟ هل ينتمي إلى المجموعة الشمسية ام دخيل عليها؟

كانت وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" نشرت في تموز (يوليو) الماضي الصور الأولى التي التقطها المسبار الآلي "نيو هورايزنز” خلال اقترابه من كوكب بلوتو، في رحلة تاريخية استغرقت تسع سنوات ونصف السنة، بلغت تكلفتها 720 مليون دولار، اظهرت وجود منخفضات وصخور ووديان وجبال شاهقة على سطح بلوتو، بعد أن أصبح على مسافة 12550 كيلومترا من الكوكب النائي وأقماره الخمسة.

عمليات غازية

يقول العلماء إن وجود الضباب دليل على دورة مائية على كوكب بلوتو شبيهة بمثيلتها على الأرض، لكنها تتضمن أنواعًا غير معتادة من الثلج، إضافة إلى النيتروجين المجمد، وأنواع من الثلوج الهشة شبيهة بالثلوج الموجودة في قطبي الأرض.‬

نشرت مجلة “ساينتست” هذا الاسبوع خمس أوراق بحثية تؤكد أن الصور والتحاليل الكيميائية التي التقطتها&تمثل عالمًا معقدًا من النشاط الجيولوجي الناشط الذي يبعد عن كوكب الأرض ثلاثة مليارات ميل، علاوة على محيط تحت سطح أرض الكوكب وبراكين تنبثق منها&كميات من الجليد.

‫ويتوقع العلماء حدوث عمليات مختلفة على بلوتو كتبخر الجليد المتطاير مثل غازات النيتروجين وأول أكسيد الكربون والميثان في الحالة الغازية في الغلاف الجوي البارد الكثيف لبلوتو.‬

وعلى الرغم من أن بلوتو أصغر من القمر التابع لكوكب الأرض، فمن المرجح أن يملك طاقة داخلية كامنة كافية بسبب نشأته قبل 4,5 مليارات سنة، تحافظ على أبرز سماته، وهي حوض منبسط مساحته ألف كيلومتر على شكل قلب يسمى "سبوتنيك بلانوم".

ويصعب تفسير وجود جبال حديثة نسبيًا إلى الغرب من حوض "سبوتنيك بلانوم" وتلال إلى الجنوب منه، فيما يتوقع العلماء أن تستقر هذه التضاريس على كتل من الماء في صورة جليد على الرغم من عدم معرفة كيفية وجود هذه التكوينات على بلوتو.

براكين وجليد

عبر آلان ستيرن، كبير الباحثين المشرفين على "نيو هورايزنز”، عن دهشته إذ اظهرت النتائج أن لـ "تشارون"، أكبر أقمار بلوتو، حياة ناشطة على سطحه، لكنه يفتقد الحرارة الإشعاعية التي تحدث طبيعيًا داخل صخوره التي تجمدت منذ نحو ملياري عام.

يرى العلماء أن بلوتو وتشارون وأقماره الأربعة الأخرى ولدت من اصطدام بلوتو بجرم آخر بحجمه وذلك في المراحل المبكرة من نشأة المجموعة الشمسية. ومثلما حدث مع القمر الذي يدور حول كوكب الأرض، يرى العلماء أن الأقمار الصناعية الطبيعية لبلوتو تكونت بفعل الحطام الناتج عقب واقعة التصادم الفضائي تلك.

كما اكتشف العلماء "براكين تنبثق منها كتل جليدية" على سطح بلوتو ما يثير أسئلة بشأن ما إذا كان هذا الكوكب النائي الصغير ناشطًا من الناحية الجيولوجية، تبلغ مسافة بثعد بلوتو عن الشمس نحو 30 مرة مثل المسافة بين الشمس وكوكب الأرض.

ورصدت الصور شقوقًا عميقة كثيرة على سطح بلوتو، ما يوضح أن وجود مثل هذه التصدعات الكثيرة على بلوتو دليل على أن سطح قشرته الخارجية شهدت تمددًا كبيرًا في زمان ما.