برزت تداعيات وتطورات جديدة من نوعها أخيرًا، عقب الإعلان عن بدء التصالح مع رموز نظام مبارك، على الرغم من تجميد ذلك خلال الأعوام التي تلت ثورتي 25 يناير و30 يونيو بعد استعار الجدال حوله.
&
القاهرة: في إثر التصالح مع رجل الأعمال الهارب حسين سالم مقابل دفع ما يزيد عن 5 مليارات جنيه أموالًا وعقاراتٍ وشركاتٍ مملوكة له، أي ما يعادل ثلاثة أرباع ثروته، وعلى الرغم من أنه كان يواجه تهمًا بينها الاستيلاء على المال العام وإفساد الحياة الاقتصادية بالبلاد، وتصدير الغاز لإسرائيل، تبحث الحكومة التصالح مع 30 شخصية من رموز النظام السابق.

أبرز الشخصيات

يأتي زكريا عزمي، رئيس ديوان الجمهورية الأسبق في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، ثاني شخصية تشملها إجراءات التصالح مع رموز النظام الأسبق، مقابل 1,819 مليون جنيه، وهو مبلغ مجهول المصدر قرره خبراء الكسب غير المشروع، فضلًا عن سداد مثل المبلغ كغرامة، وفقًا لقانون الكسب غير المشروع، في مقابل انقضاء الدعوى الجنائية والاتهام بالحصول على كسب غير مشروع، ليصبح إجمالي المبلغ 3,638 ملايين جنيه.&

وكانت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع كشفت عن تربح عزمي 42,598 مليون جنيه من استغلال نفوذه رئيسًا لديوان رئيس الجمهورية وعضوية مجلس الشعب، علاوة على تقلده مناصب قيادية داخل الحزب الوطني المنحل.

كان جهاز الكسب غير المشروع أعلن خلال الفترة الماضية عن إنهاء إجراءات التصالح مع رموز نظام مبارك لتقديمهم إقرارات التصالح، طبقًا للتعديلات على مشروع قانون أحكام القانون رقم 62 لعام 1975 في شأن الكسب غير المشروع في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.&

وشملت القائمة أكثر من 30 شخصية، بينهم منير ثابت شقيق سوزان مبارك، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى الأسبق، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة الأسبق.

وتطرح فكرة المصالحة العديد من التساؤلات حول أسباب لجوء الدولة للتصالح مع رموز نظام مبارك خلال الفترة الأخيرة، والعائد المادي جراء ذلك، والتداعيات السياسية في حالة إتمام تلك المصالحات على السلطة في مصر.

إجراء قانوني

من جانبه، قال المستشار سيد حسين، رئيس محكمة استئناف القاهرة لـ"إيلاف"، إنه &تم إجراء تعديلات على قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لعام 1975، بهدف إقرار التصالح في إطار قانوني لاستعادة الأموال التي نهبت خلال عهد مبارك، في إثر تأكد الدولة أن عودة الأموال المهربة لرموز نظام مبارك أصبح أمرًا صعبًا ويستغرق وقتًا طويلًا حتى بعد صدور أحكام قضائية نهائية بحق مبارك ونجليه علاء وجمال في قضية القصور الرئاسية.

وأضاف: "التصالح مع حسين سالم يلزم الحكومة بضرورة التصالح مع باقي رموز مبارك أو أي شخصية أخرى في إطار قانون التعامل بالمثل، وفي حال إتمام المصالحة يكون الشخص سقط عنه جميع القضايا والتهم وأصبح مثل غيره من المواطنين، فله مطلق الحرية في ممارسة أعماله ومصالحه المالية والتحرك في الشارع من دون توجيه أي سؤال له؛ لكونه قام بسداد المبالغ المطلوبة للدولة، وكأنه قام بدفع ضريبة كانت عليه، وهو ما يأتي تحت اسم المصالحة، على الرغم من أن ما نهبه خلال عهد مبارك يبلغ أضعاف المبلغ المتصالح عليه خلال الفترة الحالية، مرجحًا أن تأخر التصالح خلال السنوات&الأربع الماضية رغم أنه كان فكرة مطروحة، يرجع إلى رفض الرأي العام لذلك بشدة، وهو ما حمل رجال الأعمال الراغبين على التصالح في تأجيل إجراءات عقدها خوفًا من فشلها".

فوائد مالية

في السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي أكرم بسطاوي إن لجوء الدولة إلى التصالح مع رموز نظام مبارك جاء من منطلق إعادة التوازن الذي أصابه الخلل في ميزان المدفوعات، ومحاولة مواجهة الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد، ودخول الدولة في مشروعات عملاقة تحتاج سيولة مادية.

قال الخبير الاقتصادي لـ"إيلاف": "عائد التصالح مع 30 رجل أعمال من رموز نظام مبارك ينعش خزينة الدولة بـ 26 مليار جنيه".

وأشار إلى أن الكسب غير المشروع يجري تحقيقاتٍ في أكثر ألف&قضية، متهم فيها رجال أعمال ووزراء سابقون في عهد مبارك وصحافيون وغيرهم ممن حققوا ثروات طائلة نتيجة استغلال النفوذ، والتي من المقرر أن يقوم أصحابها بالتصالح مع الجهاز عن طريق التقدم بطلبات لتسوية مع الجهاز مقابل رد الأموال المستولى عليها إلى خزينة الدولة، والتي تصل إلى ما يقرب من 120 مليار جنيه، موضحًا أن التصالح يعود بفوائد مالية كبرى على مصر، وتساهم بشكل واضح في دفع عجلة الاقتصاد بالبلاد، ليس فقط للعائد المادي الذي سيعود على الدولة جراء هذه التصالحات، لكن أيضًا للاستثمارات الكبيرة التي سيقوم بها رجال الأعمال هؤلاء عند عودتهم لمصر.
&