دمشق: تواجه الهدنة في سوريا خطر الانهيار عشية استئناف مفاوضات السلام في جنيف، في ظل استعدادات يقوم بها النظام وجبهة النصرة لمعركة حاسمة في محافظة حلب في شمال البلاد.

من جهة اخرى، تنظم السلطات السورية الاربعاء انتخابات تشريعية هي الثانية منذ بدء النزاع السوري في آذار/مارس 2011، لا يتوقع ان تحمل اي مفاجأة، كونها محسومة سلفا لصالح النظام.

واعربت واشنطن عن قلقها بشأن "تصاعد العنف" في الاونة الأخيرة في سوريا، واحتمال انتهاك وقف إطلاق النار الذي تم بتوافق اميركي روسي وهو سار اجمالا مع خروقات منذ نحو شهر ونصف.

ميدانيا، قتل الثلاثاء عسكريان روسيان في تحطم مروحيتهما قرب مدينة حمص في وسط سوريا، على ما اعلنت وزارة الدفاع الروسية.

ويشارك الطيران الحربي الروسي منذ ايلول/سبتمبر في العمليات العسكرية الى جانب قوات النظام السوري ما سمح لهذه القوات بتحقيق تقدم على الارض، ومكنها من استعادة مدينة تدمر من تنظيم الدولة الاسلامية الاسبوع الماضي.

وتكثفت المعارك حول مدينة حلب (شمال) الثلاثاء بين القوات النظامية من جهة وجبهة النصرة وعدد من الفصائل المقاتلة من جهة اخرى على جبهات تقع على امتداد الطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق.

تجدد القتال 

ويستثني اتفاق وقف الاعمال القتالية تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة اللذين يسيطران حاليا على اكثر من نصف الاراضي السورية، الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة، ومشاركة الفصائل في المعارك وتوسع هذه المعارك، عناصر من شأنها ان تهدد الهدنة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "هناك تجدد ملحوظ للعمليات العسكرية وبخاصة في محافظة حلب بالمقارنة مع شهر اذار/مارس".

وتتقاسم القوات النظامية والجهاديون والاكراد السيطرة على محافظة حلب "التي تملك مفتاح السلام او الحرب في سوريا"، بحسب عبد الرحمن. واشار المرصد الى ان القوات النظامية ارسلت الاثنين تعزيزات الى جنوب وشرق وشمال محافظة حلب. كما عززت جبهة النصرة وحلفاؤها مواقعهم في المنطقة.

 واشنطن قلقة 

وكان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي اعلن الاحد من موسكو ان القوات النظامية السورية و"حليفها الروسي" يعدان عملية لاستعادة حلب في شمال البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر الاثنين "نحن قلقون جدا من اشتداد اعمال العنف في الاونة الاخيرة بما في ذلك عمليات تنتهك، في راينا، اتفاق وقف الاعمال القتالية" الساري منذ 27 شباط/فبراير.

وتابع "تحدثنا عن وجوب ان يركز الجميع على جبهة النصرة وداعش لكن دون حدوث تداخل او انتهاك (للهدنة) من خلال محاربة مجموعات انخرطت في وقف اطلاق النار".

واشار المتحدث الى ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري هاتف نظيره الروسي سيرغي لافروف الاحد حول هذا الموضوع.

وفي جنيف، تستأنف المفاوضات بين وفدين من الحكومة والمعارضة السورية الاربعاء.

وكان الموفد الدولي الى سوريا ستافان دي ميستورا وصف هذه الجولة بانها "بالغة الاهمية"، بعد مضي ثلاثة اسابيع على جولة سابقة استمرت عشرة ايام لكنها لم تحرز اي تقدم ملموس من اجل ايجاد حل للازمة المستمرة في البلاد منذ خمس سنوات.

وشدد دي ميستورا خلال لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق الاثنين على أهمية حماية وقف الأعمال القتالية.

وقال انه بحث مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم "أهمية حماية واستمرار ودعم وقف الأعمال القتالية الذي كما تعرفون لا يزال هشا لكنه قائم"، مضيفا "نحن بحاجة للتأكد من استمرار تطبيقه على رغم بعض الخروقات".

ووصل دي ميستورا الى طهران الثلاثاء، وسيلتقي نائب وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان الذي تلعب بلاده دورا اساسيا في سوريا حيث تقدم الى جانب روسيا دعما عسكريا لنظام الرئيس بشار الاسد.

واشار ان التركيز خلال المفاوضات غير المباشرة المرتقبة سيكون "على عملية الانتقال السياسي وعلى مبادئ الحكم والدستور".

ويتزامن استئناف المفاوضات مع انتخابات تشريعية في سوريا يتنافس فيها اكثر من 3500 مرشح بعد انسحاب اكثر من 7 الاف مرشح، على 250 مقعدا، حسبما نقلت صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات عن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات هشام الشعار.

وبين المرشحين خمسة من اعضاء الوفد الحكومي المفاوض الى جنيف. ودعت المعارضة السورية الى مقاطعة الانتخابات، واصفة اياها بانها "غير شرعية".

ولا يزال مستقبل الرئيس بشار الاسد نقطة الخلاف الرئيسية بين طرفي التفاوض، اذ تصر المعارضة على رحيله مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما تعتبر دمشق ان مستقبله ليس موضع نقاش ويتقرر عبر صناديق الاقتراع فقط.