يعقد الصحافيون جمعيتهم العمومية الطارئة، اليوم الأربعاء، وسط حالة شديدة من الغضب والتوتر، بسبب اقتحام مقر نقابتهم من قبل قوات الشرطة، وإصدار النائب العام قرارًا بحظر النشر في القضية، لاسيما ما يتعلق باعتقال صحافيين من مقر النقابة. ويدرس الصحافيون مقترحات عدة للتصعيد منها احتجاب الصحف أو تسويدها.

القاهرة: تتواصل أزمة الصحافيين المصريين مع وزارة الداخلية، بعد اقتحام قوات الأمن مقر النقابة، واعتقال صحافيين اثنين. وتستمر قوات الأمن في حصار مقر النقابة في شارع عبد الخالق ثروت في وسط القاهرة، ومنع غير الصحافيين الحاملين لبطاقة العضوية من الدخول.

حجب النشر
ازدادت الأمور توترًا مع دخول النائب العام على خط الأزمة، وإصدار بيان أعطى فيه "شرعية لانتهاكات قوات الأمن"، على حد تعبير نقيب الصحافيين يحيي قلاش.

وقال النائب العام إن "إجراءات ضبط وإحضار الصحافيين عمرو بدر ومحمود السقا، اللذين ألقي القبض عليهما داخل نقابة الصحافيين، قبل أيام عدة، في ضوء الإذن القضائي الصادر بضبطهما وإحضارهما – يتفق وصحيح القانون، لكونه تنفيذًا لإذن النيابة العامة صاحبة الولاية في إصدار تلك القرارات، خاصة وأن المتهمين منسوبة إليهما جرائم جنائية معاقب عليها وفقًا لقانوني العقوبات و"الإرهاب"، وهي جرائم غير متعلقة بعملهما الصحافي والمهني".

أضاف النائب العام في بيان له، مساء الثلاثاء، أنه "قرر حظر النشر في التحقيقات التي تجري بمعرفة النيابة، في جميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، وكذلك الصحف والمجلات القومية والحزبية اليومية والأسبوعية، المحلية والأجنبية وغيرها من النشرات أيًا كانت، وكذا المواقع الإلكترونية، وذلك إلى حين انتهاء التحقيقات، عدا البيانات التي تصدر من مكتب النائب العام بشأنها".

"جرم" إضافي
وأكد النائب العام أن "مقر نقابة الصحافيين لا يستعصي على ضبط وإحضار المتهمين، اللذين اعتصما فيه، باعتبار أن هذا الضبط كان تنفيذًا للقرار القضائي الصادر من النيابة، وهو الأمر الذي أباحه الدستور والقانون، حتى لحرمة المسكن الخاص الذي تتعاظم حرمته عن أي مكان آخر".

أضاف: "وإذا كان الأمر كذلك، وإذ أظهرت التحقيقات على لسان المتهمين اتفاقهما مع نقيب الصحافيين على الاحتماء بمقر النقابة، ووعده لهما بالتوسط لدى سلطات التحقيق سعيًا إلى إلغاء القرار الصادر بضبطهما وإحضارهما، وهو الأمر الذي لو حدث لشكل جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات، فضلًا عن أن موافقة نقيب الصحافيين على اعتصامهما في مقر النقابة تفاديًا لتنفيذ أمر الضبط والإحضار، رغم علمه بصدور هذا القرار، فهو يشكل أيضًا جرمًا يعاقب عليه وفق قانون العقوبات".

وقال النائب العام إن النيابة العامة "توضح حقيقة هذه الأمور، اعتدادًا بدور ورسالة نقابة الصحافيين، ودرءًا لما قد يثيره تناول البعض لوقائع التحقيقات، بما قد ينتهي باقتراف ما يعاقب عليه القانون، ويؤثر في سير التحقيقات، لاسيما وأن الأوراق تحوي اتهامات ماسّة بسلامة وأمن البلاد، وهو ما اقتضى صدور قرار حظر النشر، الذي يتعيّن على جميع الجهات والأشخاص الالتزام به".

صورة سيئة
في المقابل، اعتبر نقيب الصحافيين يحيي قلاش بيان النائب العام بمثابة "تحصين لانتهاكات وزارة الداخلية"، معبّرًا عن حزنه وأسفه "للصورة السيئة التي صدرت حول مصر خارجيًا في اليوم العالمي لحرية الصحافة، بعد قرار النيابة بحظر النشر في اقتحام نقابة الصحافيين.&

وقال في تصريح له: "حينما تكون هناك وقائع، ويصادر على بلاغ نقابة الصحافيين ضد الداخلية، فلمن نلجأ الآن؟"، مشيرًا إلى أن "بيان النائب العام مصادرة على بلاغ الصحافيين ضد الداخلية.. النائب العام حكم وحصن كل قرارات، وانتهاكات الداخلية غير المسبوقة".

وتستمر قوات الأمن في محاصرة مقر نقابة الصحافيين في وسط القاهرة، ومنعت وفود الأحزاب والمنظمات والشخصيات العامة من الوصول إليه، وترفض دخول أي شخص إلى شارع عبد الخالق ثروت، الكائن فيه مقر النقابة، إلا أعضاء النقابة فقط. كما منعت قوات الأمن اليوم الأربعاء، موظفي النقابة من الدخول.

جمعية طارئة
ويعقد اليوم الصحافيون الجمعية العمومية الطارئة، وقال خالد البلشي عضو مجلس إدارة النقابة، إن الصحافيين هم من سيقررون الاجراءات التصعيدية تجاه الأزمة اليوم.

أضاف لـ"إيلاف" إن هناك مقترحات عدة مقدمة لتصعيد الأمور، حماية لكرامة وحقوق الصحافيين ونقابتهم، مشيرًا إلى أن الجمعية العمومية ستخرج بقرارات مصيرية اليوم. ولفت إلى أن هناك مقترحات باحتجاب الصحف أو تسويدها وتنظيم أسبوع احتجاجي، مشيرًا إلى أن الهجمة التي تتعرّض لها الصحافة في مصر، بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، غير مسبوقة، وتستلزم اتحاد القوى المدنية لصيانة حرية التعبير.

وقال الصحافي علي سعيد، لـ"إيلاف" إن الصحافيين مصرّون على حماية كرامتهم، لافتًا إلى أن "الاعتداء على النقابة واختطاف الصحافيين من مقرها، وتلفيق الاتهامات إليهم أمور لم تحدث في عصور سابقة".

ولفت إلى أن الجمعية العمومية سوف تنتصر لحرية الصحافة، وحق المجتمع كله في الحرية والمعرفة، وأكد أن دفاع الصحافيين عن حرية الرأي ليس دفاعًا عن أنفسهم، ولكنه دفاع عن المجتمع المصري ككل.

شارة حداد
وتوافد أعضاء نقابة الصحافيين على مقر النقابة منذ الصباح، وسط حالة شديدة من الحصار الأمني، بينما اتشحت النقابة باللون الأسود، ووضعت شارة سوداء على طول مدخل المبنى، مكتوب عليها "الصحافة ليست جريمة". كما اتشحت المواقع الإلكترونية الاخبارية باللون الأسود، ووضعت شارة الوفاة على جانبها، وكتب عليها "حدادًا على حرية الصحافة".

وأطلق الصحافيون هاشتاغ "الصحافة ليست جريمة" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتقطوا صورًا يظهرون فيها، وهم يحملون لافتة كتبت عليها العبارة نفسها.

إدانات دولية
ودخل وزير الخارجية الأميركي جون كيري على خط الأزمة. فقال بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة: "علينا التصدي لكل من يحاول ترهيب أو تخويف الصحافيين، لأن كشف الحقائق ليس عملًا إجراميًا، بل هو وسام شرف وخدمة للشعب"، في إشارة إلى ما يحصل مع الصحافيين في مصر.

كما نددت منظمة "مراسلون بلا حدود" بالهجوم على الصحافيين في مصر، وقالت إنها تشجب مناخ الرعب الذي يعيشه الصحافيون في مصر، وطالبت السلطات بالإفراج فورًا عن الصحافيين المعتقلين ظلمًا، في الوقت نفسه قالت "لجنة حماية الصحافيين الدولية"، إن "مصر ثاني أسوأ دولة بالعالم في حبس الصحافيين"، بينما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن اقتحام النقابة "تطور مقلق"، داعيًا إلى "إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، وتعديل قانون التظاهر".