أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أنه أمر الحكومة بوضع يدها على المصانع المتوقفة عن الإنتاج، وسجن أصحابها، وبإجراء مناورات عسكرية للتصدي لأي "عدوان خارجي"، وذلك غداة إصداره مرسومًا فرض بموجبه حالة الطوارئ لمعالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد.

كراكاس: قال مادورو امام آلاف من انصاره احتشدوا في وسط كراكاس، انه "في اطار المرسوم الساري (...) علينا أن نأخذ كل الاجراءات اللازمة لاستعادة القدرة الانتاجية المشلولة من قبل الطبقة البورجوازية". واضاف ان "من يريد وقف (الانتاج) لتخريب البلد يجب ان يغادر، ومن يفعل ذلك يجب ان تكبل يداه، وان يرسل الى السجن العام الفنزويلي".

وتابع الرئيس الاشتراكي أن "مصنعًا متوقفًا عن الانتاج يعني ان هذا المصنع يتسلمه الشعب! (...) سوف تساعدونني على استعادة كل المصانع المشلولة من قبل الطبقة البورجوازية". وهناك اربعة مصانع تابعة لمجموعة بولار، كبرى شركات التصنيع الغذائي في البلاد، متوقفة عن الانتاج منذ 30 ابريل ويمكن ان يشملها بالتالي اجراء المصادرة.

مناورات احترازية
اثر الخطاب، اجرى مادورو مداخلة تلفزيونية، اعلن فيها انه امر ايضًا باجراء مناورات عسكرية السبت المقبل في 21 مايو للتصدي لأي سيناريو عدوان خارجي. وقال: "لقد امرت باجراء مناورات عسكرية وطنية السبت المقبل، تشمل القوات المسلحة والشعب والميليشيا، لكي نكون مستعدين لأي سيناريو".

واتهم الرئيس الفنزويلي في مداخلته نظيره الكولومبي الفارو اوريبي بأنه "دعا الى تدخل عسكري" في فنزويلا اثناء لقائه في ميامي في جنوب الولايات المتحدة قادة من المعارضة الفنزويلية. وشارك في اجتماع ميامي ايضًا الامين العام لمنظمة الدول الاميركية، التي يتهمها مادورو بأنها أداة في يد الولايات المتحدة الساعية، بحسب قوله، الى "القضاء على التيارات التقدمية في اميركا اللاتينية".

وفنزويلا التي تملك اكبر احتياطي من النفط في العالم، تعاني من ازمة اقتصادية حادة ناجمة من تراجع اسعار الذهب الاسود، المصدر الرئيس للبلاد من العملات الصعبة. وارغمت الازمة الاقتصادية الحكومة على تقنين التيار الكهربائي في معظم انحاء البلاد واغلاق المدارس ايام الجمعة وخفض اسبوع العمل الى يومين فقط لموظفي الحكومة.

وباتت البلاد تعاني من نقص المواد الاساسية وتجاوز التضخم في 2015 نسبة 180%- وهي من الاعلى في العالم، فيما تراجع اجمالي الناتج المحلي بنسبة 5,7% للسنة الثانية على التوالي. اضافة الى الانهيار الاقتصادي، تعيش البلاد ازمة سياسية عميقة بين حكومة تشافيزية (تيمنًا باسم الرئيس الراحل هوغو تشافيز، 1999-2013) وبرلمان معارض يسعى الى اقالة مادورو عبر استفتاء يعمل على تنظيمه.

مطالبة باستفتاء

اشتد الصراع بين الحكومة والبرلمان منذ ان جمعت المعارضة في مطلع مايو 1.8 مليون توقيع من اجل اجراء استفتاء لاقالة الرئيس مادورو، وكان يفترض أن تدقق فيه اللجنة الانتخابية الوطنية في غضون خمسة ايام.&لكن 12 يومًا مرت حتى الان، ويقول قادة المعارضة إن السلطات تمنعهم من الانتقال الى المرحلة المقبلة من العملية التي يفترض خلالها ان يجمعوا اربعة ملايين توقيع اضافي.

وتريد المعارضة اجراء الاستفتاء قبل نهاية السنة، لانه في حال نجاحه، فسيؤدي الى الدعوة الى انتخابات جديدة. لكن اذا نظم بعد 10 يناير 2017 وفازت "نعم"، فإن ذلك لن يؤدي سوى الى استبدال الرئيس بنائبه بموجب الدستور.
&
وقبل ايام، استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لمنع متظاهرين من الوصول الى مقر اللجنة الانتخابية الوطنية.&وقد تراجعت كثيرا شعبية مادورو الذي انتخب في 2013 اذ عبر 68% من الفنزويليين عن رغبتهم في ان يتنحى، وفي اجراء انتخابات جديدة، كما جاء في استطلاع جديد للرأي.&واعتبر زعيم المعارضة توماس غوانيبا ان حالة الطوارئ هدفها "زعزعة استقرار البلاد لمنع الدعوة الى التصويت".
&
القاء المسؤولية على واشنطن
وغالبًا ما يلجأ مادورو الى القاء المسؤولية على الولايات المتحدة ومصالح اعمال محلية في ما تصفه حكومته بـ"حرب اقتصادية" على فنزويلا الغنية بالنفط.&وتملك فنزويلا اكبر احتياطي نفط في العالم، لكن اقتصادها تراجع بنسبة 5,7 بالمئة خلال السنة الماضية.
&
ولطالما اقامت واشنطن علاقات متقلبة مع كراكاس منذ وصول هوغو تشافيز الى السلطة عام 1999 ولم يتبادل البلدان السفراء منذ 2010.&ورغم فتور العلاقات، تعتبر الولايات المتحدة ابرز شريك تجاري لفنزويلا واكبر مستورد لنفطها.&ويرى مسؤولون كبار في الاستخبارات الاميركية أن حكومة مادورو يمكن ان تطيح بها انتفاضة شعبية هذه السنة، كما اوردت صحيفة "واشنطن بوست" السبت.
&
ونقلت الصحيفة عن مسؤول في الاستخبارات قوله "يمكن سماع الجليد يتكسر" مضيفًا أن "الازمة قد وصلت".&وتعتبر الولايات المتحدة ان تأثيرها ضئيل على مجرى الاحداث في فنزويلا، وتتخوف بالتالي من أي انهيار للبلاد، كما تقول "واشنطن بوست" التي تتحدث عن خيبة امل اميركية من معارضة فنزويلية منقسمة وغير منضبطة.
&
وفي كلمته مساء الجمعة، انتقد مادورو لقاء استمر ساعات في ميامي في&الولايات المتحدة بين مسؤولي المعارضة الفنزويلية والامين العام لمنظمة الدول الاميركية لويس ألماغرو.&وخلال هذا اللقاء، اعتبر ألماغرو ان الاستفتاء الذي تطالب به المعارضة، يجب ان يجري قبل نهاية السنة لتمكين "الشعب من التعبير عن رأيه"، وقال انه ينوي دعوة هيئات منظمة الدول الاميركية الى مناقشة الازمة السياسية في فنزويلا.
&
وغالبًا ما يوجه الرئيس مادورو انتقادات الى منظمة الدول الاميركية، متهمًا اياها بأنها تخدم الولايات المتحدة.&وكان مادورو اتهم الخميس واشنطن بأنها تريد "التخلص من التيارات التقدمية في اميركا اللاتينية".