طرابلس: اكدت قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا الاربعاء انها "لم تفقد اي شبر" منذ دخولها الى مدينة سرت رغم المقاومة التي يبديها تنظيم الدولة الاسلامية وتصاعد وتيرة الهجمات المضادة التي يشنها في محاولة لاختراق صفوفها.

حققت قوات حكومة الوفاق وهي خليط من جماعات مسلحة ووحدات من الجيش تقدما سريعا في الاسبوع الماضي وسيطرت على المرافق الرئيسة في المدينة المتوسطية وبينها المطار والميناء.

لكن هذا التقدم تباطأ عند وصول القوات الى مشارف المناطق السكنية الممتدة من وسط المدينة الى شمالها، حيث يتحصن مقاتلو التنظيم الجهادي في المنازل ويستخدمون القناصة والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والهجمات الانتحارية.

وتواجه قوات الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي صعوبات في اقتحام المناطق السكنية التي يطوق فيها التنظيم المتطرف، وتخوض حرب شوارع من منزل الى منزل مع عناصره عند المدخل الغربي لهذه المناطق.

وقالت القوات الحكومية على صفحة عمليتها العسكرية في موقع فيسبوك الاربعاء "قواتنا لم تفقد اي شبر، ولم تتراجع اي خطوة منذ ان اعلنت بدء عمليات دحر عصابة داعش" قبل شهر في حملة عسكرية بطلب من حكومة الوفاق تحمل اسم "البنيان المرصوص".

واضافت انها تواصل ومنذ بلوغها مشارف المناطق السكنية "تعزيز تمركزاتها حول مركز مدينة سرت، وتضييق الخناق على مقاتلي داعش (...) استعدادا للمعركة الفاصلة لاجتثاثهم من بلادنا".

هجمات مضادة 
وفي ظل الصعوبات التي تواجهها القوات الحكومية في محاولتها اختراق حصن "الجهاديين"، يشن تنظيم الدولة الاسلامية هجمات مضادة تهدف خصوصا الى استعادة السيطرة على الميناء، واختراق صفوف القوات الحكومية عند مدخل القسم الغربي من سرت.

واعلنت القوات الحكومية على صفحة العملية العسكرية انها اشتبكت الاربعاء "مع عناصر داعش خلال محاولتهم الوصول الى الميناء" وكبدتهم "خسائر فادحة في الارواح والعتاد"، بينما "فر من تبقى منهم تاركين جثث الدواعش خلفهم". وهذا ثالث هجوم مضاد يشنه تنظيم الدولة الاسلامية لاستعادة السيطرة على الميناء منذ دخول القوات الحكومية اليه الجمعة الماضي.

في موازاة ذلك، فجر انتحاري يقود سيارة مفخخة نفسه قرب تجمع للقوات الحكومية جنوب المدينة، ما اسفر عن سقوط جريحين من هذه القوات. واعلن من جهته تنظيم الدولة الاسلامية على موقع تويتر ان عناصره تصدوا في المنطقة نفسها "لمحاولة تقدم" للقوات الحكومية "في محور منطقة الـ700 جنوب مدينة سرت، وتمكنوا من قتل ما يزيد على سبعة مرتدين واغتنام اربع عربات ثلاث منها مزودة باسلحة رشاشة".

وجاء الهجوم على الميناء والتفجير الانتحاري بعدما تصدت القوات الحكومية لهجوم مضاد لعناصر تنظيم الدولة الاسلامية في المحور الغربي "استخدموا فيه مدافع الهاون ودبابة، بدعم من القناصة المتمركزين فوق المباني العالية، وافشلت محاولة تقدمهم"، بحسب ما اعلنت هذه القوات على صفحة "البنيان المرصوص".

وعلى الجبهة الشرقية في المدينة، تواصل القوات الحكومية بحسب الصفحة نفسها "دك تمركزات لداعش بالمدفعية الثقيلة في محيط قاعة واغادوغو"، اهم حصون تنظيم الدولة الاسلامية في سرت. وقتل خمسة من عناصر القوات الحكومية في معارك الثلاثاء واصيب 15 بجروح، بحسب مصادر طبية في مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز قيادة العملية العسكرية.

لا يجب تسليحها
وتتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سرت من جماعات مسلحة تنتمي الى مدن عدة في غرب ليبيا، ابرزها مصراتة التي تضم المجموعات الاكثر تسليحا في البلاد اذ تملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية.

نشات هذه الجماعات المسلحة في العام 2011 خلال الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بنظام معمر القذافي واحتفظت باسلحتها واصبحت اللاعب العسكري الابرز في ليبيا والاكثر تاثيرا في امنها. كما تخوض قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق معارك مع التنظيم المتطرف شرق سرت.

في مقابل ذلك، يضم تنظيم الدولة الاسلامية الذي يبلغ عديده في ليبيا نحو خمسة الاف عنصر، مقاتلين اجانب في سرت التي وقعت في قبضته في يونيو 2016، يحملون جنسيات شمال افريقية وخليجية، بحسب سكان المدينة. وتحظى عملية "البنيان المرصوص" التي قتل فيها اكثر من 145 من عناصر قوات حكومة الوفاق منذ انطلاقها بدعم واسع في مدن الغرب الموالية لحكومة الوفاق، فيما تتجاهلها السلطات الموازية في شرق البلاد وقواتها التي يقودها الفريق اول ركن خليفة حفتر.

وتعتبر قوات الحكومة الموازية غير المعترف بها، والتي لا تزال تدير مناطق الشرق، وترفض تسليم السلطة الى حكومة الوفاق، ان الجماعات التي تقاتل الجهاديين في سرت "ميليشيات خارجة عن القانون". ودعا رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج الثلاثاء الليبيين الى دعم قوات حكومته في معركتها لاستعادة مدينة سرت من ايدي تنظيم الدولة الاسلامية، قائلا في خطاب متلفز ان "ما يحدث من انجازات على هذه الجبهات يستحق ان يكون نموذجا لمشروع وطني لمحاربة الارهاب".

وغداة دعوة السراج، قال العقيد احمد المسماري المتحدث باسم القوات في الشرق لفرانس برس الاربعاء ان "الحرب في سرت تقودها ميليشيات غير شرعية لا يجب تسليحها".

وتلقى السراج دعما من الأمم المتحدة بعدما اصدر مجلس الامن الثلاثاء قرارا يأذن فيه للعملية البحرية الاوروبية التي تعمل قبالة الشواطئ الليبية بفرض تنفيذ الحظر على السلاح المفروض على ليبيا، بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني على حربها ضد الجهاديين.