على مر العصور، والعلاقات بين الساسة ونجوم البوب دائماً ما تتسم بالحرج، فكلاهما يحتاجان أشياء من بعضهما البعض: الساسة يريدون الأضواء، ونجوم البوب يريدون التعامل معهم على محمل الجد، ما يصل بهم لطريق مسدود في كثير من الأحيان.

وربما يتذكر البعض ذلك اللقاء الشهير الذي جمع عام 1970 بين إلفيس بريسلي والرئيس ريتشارد نيكسون، بعدما طلب الأول مقابلة الرئيس لبحث السبل التي يمكن إتباعها بغية مواجهة مشكلة تعاطي المخدرات بين الشباب. كما سعى بريسلي في تلك المقابلة لأن يطلب من نيكسون منحه شارة الإف بي آي ليصبح "عميلاً فيدرالياً طليقاً".&

وأدى الخطاب الذي بعث به بريسلي لطلب مقابلة الرئيس نيكسون إلى تبادل مذكرات بين مختلف مساعدي الرئيس آنذاك بصورة تشوبها حالة من الذعر والخوف. ورغم سير اللقاء بشكل جيد، لكن بريسلي عرج في حديثه لانتقاد فرقة "البيتلز"، وهو ما وضع نيكسون في موقف حرج، حيث لم يكن يعلم ما الذي يمكنه أن يقوله.

فقال بريسلي وقتها "أتصور أن فرقة البيتلز من نوعية الفرق المعادية للولايات المتحدة. فقد أتت إلى هنا ( أميركا ) وكسبت الكثير من الأموال، ثم عادت إلى إنكلترا، وبدأت في ترديد بعض الأغنيات المناهضة للولايات المتحدة لدى عودتها". وهو التصريح الذي لم يستطع نيكسون أن يجد رداً مناسباً عليه، طبقاً لرواية ايغل كروغ، الذي كان يعمل كمساعد في البيت الأبيض في ذلك الوقت، والذي كان حاضراً خلال اللقاء.

ومع هذا، توصلت الشخصيتان الغريبتان إلى تسوية، حيث نال بريسلي شارة الإف بي آي التي كان يريدها، فيما التقط الرئيس نيكسون صورة له برفقة ألمع نجوم الشبان وأصغرهم في ذلك الوقت، حيث كان يبلغ بريسلي من العمر وقتها 35 عاماً فقط لا غير.

وفي نهاية المقابلة، بادر نيكسون بسؤال بريسلي " ملابسك تبدو غريبة، أليس كذلك ؟"، ليرد عليه بريسلي بقوله " أنت لديك مظهرك، وأنا لدي مظهري". وهو الموقف الذي جاء ليلخص على نحو تام حقيقة الانقسام الواضح بين السياسي ونجم البوب.

وفي المقابل، بادر زعيم المعارضة في بريطانيا، هارولد ويلسون، بالاحتفاء بفرقة البيتلز خلال شهر مارس عام 1964، حيث أهدى الفرقة جائزة "شخصية العام". وبينما بدت الفرقة مسترخية وهادئة خلال حفل تسلم الجائزة، فقد بدا ويلسون متوتراً وذليلاً بصورة كبيرة، وهو ما ظهر بشكل جليّ من اللقطات المسجلة للحفل.

وأشار تقرير نشرته بهذا الصدد صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن توجهات نجوم البوب السياسية بدأت تتزايد بحلول النصف الثاني من ستينات القرن الماضي، وأنه خلال ربيع عام 1967، قام الشاعر الأميركي ألين غينسبيرغ بترتيب لقاء بين ميك جاغز والنائب العمالي المنشق توم دريبيرغ. ووقتها كانت بريطانيا على شفا حدوث ثورة، وقام في ذلك الوقت دريبيرغ بإبلاغ جاغر أن حزب العمال هو المكان الذي يجب أن يتواجد به الشباب، ليعترف دريبيرغ بعدها باندهاشه لسماعه نفسه يقول ذلك، لعدم إيمانه به. وفي خضم تحاورهما بشأن إمكانية انضمام جاغر لحزب العمال، تلفظ دريبيرغ بكلمات غير مهذبة بحق جاغر، حين أخبره بأنه يمتلك محيط ورك كبيراً، وهو ما أصاب جاغر وغينسبيرغ بالصدمة، قبل أن يعود الحوار ثانية للسياسة. وبعد مرور سنوات، يتضح أن جاغر لم يكن يريد سوى أن يتم التعامل معه باحترام.&

وعلى غرار زيارة بريسلي للبيت الأبيض، استقبل الرئيس رونالد ريغان مطرب البوب الشهير، مايكل جاكسون، في البيت الأبيض عام 1984، وطُلِب وقتها من جاكسون أن يتبرع بأغنيته Beat It لإحدى الحملات المناهضة للقيادة تحت تأثير الخمر. وهو ما وافق عليه جاكسون شريطة أن يمنحه الرئيس جائزة لدوره في مكافحة القيادة تحت تأثير الخمر وكذلك المخدرات في حفل خاص يتم تنظيمه في البيت الأبيض.&

وكشفت وثائق تم الكشف عنها مؤخراً أن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" وافق على إسقاط تحقيق في مزاعم تتحدث عن تعدي جاكسون على طفلين مكسيكيين منعاً لإحراج الرئيس ريغان، الذي اختاره ليمنحه جائزة "الإنجاز الخاص"، ليتم الكشف بعدها بسنوات اثر تشريح جثمان جاكسون أنه كان يتعاطى مواد مخدرة.&

إلى ذلك، كشف بيتر ماندلسون في مذكراته عن أن توني بلير قام في احدى حفلات العشاء بالذهاب إلى ميك جاغر ليقول له " فقط أود أن أخبرك بقيمتك الكبرى التي تعنيها لي".

وكشفت أيضاً هيلاري كلينتون في مذكراتها عن أن النجم ستيفي واندر اتصل بها هاتفياً في خضم فضيحة زوجها مع مونيكا لوينسكي ليسألها عمّا إن كان بمقدوره أن يقابلها وأن يُسمِعُها أغنية قام بتلحينها من أجلها خصيصاً وتتحدث عن قوة التسامح.

إعداد أشرف أبوجلالة عن صحيفة الغارديان
https://www.theguardian.com/film/2016/jun/19/elvis-presley-nixon-michael-jackson-reagan-beatles-jagger-blair-pop-politics