إيلاف من بيروت: فيما يشهد الوضع الأمني هدوءًا ملحوظًا، بعد الإجراءات المشدّدة للجيش اللبناني في مختلف المناطق، ما زالت تردّدات الهجوم الإرهابي على بلدة القاع تتفاعل، وطنيًا، ومسيحيًا، مع تنامي خوف المسيحيين على موقعهم ودورهم ومصيرهم في لبنان، ولأسباب كثيرة، زادتها الهجمة "الإرهابية" التي يُخشى منها أن تستنسخ الصور السود وما تعرّض له المسيحيون في العراق وسوريا وسائر المشرق، كما بات واضحًا، فإن الهجوم الإرهابيّ على القاع، زاد قلق المسيحيين في لبنان على مصيرهم، في ظلّ محاولات مجموعات كثيرة تحاول استضعافهم وتريد محو تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم، وهذا ما عبّرت عنه المرجعيات الروحية والسياسية التي سارعت إلى الحديث عن الخطر الذي يحدق بالمسيحيين في لبنان، ودعت إلى توفير كل شروط القوة والحماية لأحد المكوّنات الأساسية للبنان، أي المسيحيين.

عن وضع المسيحيين اليوم في ظل التهديد والتفجيرات الأخيرة يؤكد النائب سليم سلهب في حديثه ل"إيلاف" أن وضعنا اليوم كمسيحيين في المشرق يتمحوّر حول عدم رؤية واضحة تجمعنا، ولكن كتكتل تغيير واصلاح لدينا موقفنا وهو ضد التطرّف الديني مهما كان الدين ومن أي طرف كان، جميعنا مع الاعتدال ومع الوصول إلى دولة مدنيّة أكثر من كوننا دولة طائفيّة ذات طابع ديني حتى لو كان طابعًا معتدلاً.

مسيحيو لبنان

هل فعلاً هناك خوف على مسيحيي لبنان كما هُدّد مسيحيو المشرق ككل في سوريا والعراق؟ يؤكد سلهب أن الخبرة علّمتنا بعد الأحداث التي جرت في العراق حيث كان الجيش الأميركي متواجدًا، وهو أقوى جيش في العالم كان يحتل العراق، رغم ذلك رأينا النتائج على مسيحيي العراق وما الذي حصل معهم، أكبر جيش في العالم لم يستطع أن يحمي الأقليات المسيحيّة الموجودة في العراق، وقد اضطرت هذه الاقلياّت إلى الهجرة بطريقة مأساوية، من هنا الخوف كبير على مسيحيي المشرق ككل لأن ما يحصل اليوم حرب طائفية مذهبيّة مع مختلف الفرقاء، وهو أمر مخيف، أن تدخل كل الأحزاب والطوائف بحرب في ما بينها، من أجل أن تبقى اسرائيل دولة يهوديّة مرتاحة على وضعها، ولا أحد اليوم يطالب بما يضرها.

لأنهم أقليّة

لماذا هذا الاستهداف الدائم للمسيحيين في الشرق الأوسط؟ يجيب سلهب لأنهم أقليّة، واليوم أصبحوا ضعفاء، إن كان في الإدارة أو الحكم أو السياسة، والضعيف دائمًا مُستهدف أكثر من غيره، ولا نزال نسبيًا صامدين إذا ما قارنا أنفسنا ببعض الدول العربيّة، لا يزال مسيحيو لبنان يتمتعون بمراكز في الإدارة والقرار السياسي ولا نزال نتعاطى بأمورنا السياسيّة، بينما في دول أخرى الأقلية المسيحيّة لا تتعاطى بأي شأن سياسي، ولا يُنتخبون بل يتم تعيينهم، وهذا يعني ألا حقوق مدنية لهم مكتسبة بالحد الأدنى، لذلك نشهد أن الأقليات المسيحيّة في المشرق العربي هي التي تدفع الثمن في البدء.

وفي ظل غياب أي دعم غربي لمسيحيي المشرق يرى سلهب أن دول الغرب لا يهمها سوى مصالحها الآنية، من هنا لا يمكن الاتكال على الغرب والقول إنه سيحمينا كمسيحيين، إذا استطعنا وضع أنفسنا بموقع يكون للغرب مصلحة فيه، عندها يهتم الغرب بنا، وحتى الآن لم نضع أنفسنا بموقع يكون الغرب بحاجة إلينا اقتصاديًا ولهم مصالح عندنا.

هل يبقى المسيحي مستضعفًا في الشرق؟ يرى سلهب أن الأمر يعود إلى كيفية تصرّف المسيحيين في لبنان خصوصًا، إذا عرفنا تثبيت موقعنا في البلد، من الممكن أن يكون لبنان مرآة لسائر الدول، من خلال أخذ لبنان نموذجًا كي يعود مسيحيو المشرق لمواقعهم ونفوذهم.