تطرح اليوم إمكانية إنشاء مجلس شيوخ في لبنان كما جاء في اتفاق الطائف، وقد طُرحت المسألة جديًا كبند خلافي على طاولة المتحاورين في اليوم الثاني للحوار الوطني في لبنان.

إيلاف من بيروت: منذ 27 عامًا على اتفاق الطائف وساسة لبنان يحاولون تدوير الزوايا لبسط الإستقرار، وعند كل استحقاق وطني يكون الخلاف سيد الموقف، واليوم وبعد تفجر الوضع السياسي نتيجة الخلاف حول قانون الإنتخاب ورئاسة الجمهورية يأتي طرح تأسيس مجلس للشيوخ كبند خلافي جديد على طاولة المتحاورين، فهل يكون لنا مجلس شيوخ في لبنان؟&

أول وآخر مجلس شيوخ في لبنان شكّله المفوض السامي الفرنسي عام 1926، ليلغى بعد عام، بعدما تبين انه يعرقل أعمال الحكومة ويعوق الحياة البرلمانية، بايعاز من سلطات الانتداب حينها، وعاد الحديث عن إنشاء مجلس للشيوخ بعد 63 عامًا في مؤتمر الطائف وتطبيقًا انتخب أول مجلس للنواب على أساس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، عام 1992، من دون تأليف الهيئة الوطنية التي كانت مهمتها درس إلغاء الطائفية السياسية، ما جعل المادة 22 من الدستور التي تنص على انتخاب مجلس للشيوخ مجمّدة.

المناورة

في هذا الصدد يرى النائب سليم سلهب في حديثه لـ"إيلاف" &إن ما يجري اليوم حول الحديث عن إنشاء مجلس للشيوخ يدخل ضمن إطار المناورة أكثر مما هو حديث جدي، بمعنى أنهم يحاولون إلهاء الناس بمجلس الشيوخ، من اجل إبعادهم عن القانون الانتخابي، ومجلس الشيوخ إذا تزامن مع الانتخابات النيابية، يعني انه يجب تأجيل تلك الانتخابات لإنشاء مجلس الشيوخ، ويضيف سلهب: "رغم ذلك أؤيد مجلس الشيوخ وإعطاءه بعض الصلاحيات كما في الخارج، ليصبح مجلس الشيوخ طائفيًا ومذهبيًا، للذهاب نحو الحكم المدني.

اما هل يمكن اليوم إلغاء الطائفية السياسية لإعادة طرح مجلس الشيوخ؟ يجيب سلهب: "سنلغيها على مراحل، من أجل الوصول إلى حكم مدني، ولا نستطيع البقاء في النظام ذاته، لذلك وجب التحضير، وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً".

في الطائف

النائب السابق اسماعيل سكرية يؤكد لـ"إيلاف" أيضًا أن مجلس الشيوخ مطروح في الطائف، ولكن طرحه في هذا الوقت يدخل ضمن التنافس في طرح الشكل القانوني للانتخابات والمخرج لطرح آخر مختلف، ويتم توظيفه أكثر مما يطرح جديًا.

ويضيف سكرية أن مجلس الشيوخ في حال أنشئ سيشكل تنفيسًا طائفيًا، ويستبعد سكرية إلغاء الطائفية السياسية في لبنان كشرط لإنشاء مجلس الشيوخ وطرح مجلس الشيوخ اليوم برأيه توظيف للإلهاء عن القوانين الانتخابية.

قوننة&

وكما بات معروفًا فإن مجلس الشيوخ اللبناني هو الغرفة الثانية في البرلمان اللبناني أنشئ بموجب الدستور اللبناني الصادر في 23 مايو 1926 وتم إلغاؤه بموجب القانون الدستوري الصادر في 17 اكتوبر 1927 بإيعاز من سلطات الانتداب وضُمّ أعضاؤه لمجلس النواب بعدما تبيّن أنه يعرقل الحياة البرلمانية، جرى الحديث في الأوساط اللبنانية عن إعادة إحيائه في الآونة الأخيرة خصوصًا بعد اتفاق الطائف وصدور القانون الدستوري رقم 18 بتاريخ 21 سبتمبر 1990 والذي أقر إعادة إنشائه بموجب المادة 22 من الدستور كمخرج للخروج من الطائفية السياسية في مجلس النواب اللبناني.

عن الخطوات القانونية المتبعة لإنشاء مجلس الشيوخ في لبنان، يقول الخبير القانوني الدكتور صلاح حنين لـ"إيلاف" إن ذلك يتم بحسب الأصول والدستور الذي ينص أولاً على ضرورة إلغاء الطائفية، وبعدها الطائفية السياسية، ومن ثم انشاء مجلس نيابي على قيد غير طائفي، وبعدها انشاء مجلس للشيوخ.

ويجب العمل جديًا برأيه على إلغاء الطائفية ومن ثم الطائفية السياسية، ومع وجود مجلسين يجب تحديد صلاحيات كل مجلس على حدة.

ويضيف حنين: "مجلس الشيوخ في لبنان يجب أن يدرس قانونيًا، ويصبح المجلس للأمور التي لها علاقة بالطوائف وديمومة لبنان من خلال تعدديته، وعندما يدرس بطريقة جيدة وما هي وظيفته الحقيقية، ويجب أن يكون توفيقيًا بمكان ما، ويكون عدده لا يفوق الـ40 شخصًا كي لا يكلف لبنان مصاريف إضافية، ومع تحديد صلاحياته القانونية، يكون ضامنًا للتعددية اللبنانية، وصونًا للدولة المدنية المقبلة.

ويلفت حنين إلى أنه من الضروري تحديد وظيفة مجلس الشيوخ وأن تكون دائمة وأساسها الحفاظ على تعددية الطوائف بشكل جدي.

الأول والأخير

أول وآخر مجلس شيوخ في لبنان شكّله المفوض السامي الفرنسي بموجب القرار 305 تاريخ 1926/5/24 وهو يتألف من 16 عضوًا على الشكل التالي: عبد الله بك بيهم (بيروت)، الشيخ محمد الجسر (طرابلس)، محمد الكستي (بيروت).

ابراهيم بك حيدر (بعلبك) عزل في 25 يونيو 1926 وعيّن بدلا عنه أحمد الحسيني (جبل لبنان)، فضل بك الفضل (الجنوب)، حسين بك الزين (الجنوب).

الأمير سامي إرسلان (جبل لبنان)، البير بك قشوع (بيروت)، اميل اده (بيروت)، يوسف بك نمور (زحلة) توفي وعين بدلا منه بشارة خليل الخوري (الشوف)، حبيب باشا السعد (جبل لبنان) يوسف بك اسطفان (طرابلس).

جبران بك النحاس (طرابلس)، وقد انتخب هذا المجلس الشيخ محمد الجسر رئيسًا له وحبيب باشا السعد نائبًا للرئيس وفضل الفضل وسامي ارسلان أمينين للسر.
&