وسط تأهب أمني، بدأ انصار الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر في بغداد ومحافظات جنوبية اضرابًا عن الدوام اليوم، استجابة لدعوته للاضراب العام الاحد وغدًا الاثنين احتجاجًا على الفساد المالي والإداري وتصعيدًا للمطالبات بالاصلاح.

إيلاف من بغداد: شهد الاضراب في العاصمة بغداد مشاركة متوسطة المستوى، الا انها كانت واسعة في مناطق نفوذ التيار الصدري وخاصة في حي الصدر الكبير بضواحي بغداد الشرقية، وعدد من المناطق الشعبية وفي محافظات العراق التي يشارك موظفوها في تظاهرات الاحتجاج، التي تخرج ايام الجمعة كل اسبوع& منذ اغسطس عام 2015 للضغط على الحكومة لتنفيذ الإصلاحات.&

واشارت تقارير وكالات محلية الى أن الاضراب في محافظات الجنوب اوسع منها في العاصمة، التي اضرب موظفون فيها من وزارات النقل والصحة والعلوم والتكنولوجيا والصناعة وعدد من الادارات الأخرى حيث امتنع الموظفون من إتباع التيار الصدري عن الدخول الى مقارها، ونظموا الاعتصام أمام بواباتها الرئيسية.

تأهب أمني

وقد بدأ الاضراب وسط تأهب امني، حيث اتخذت القوات الامنية اجراءات احترازية حول مقار الوزارات والادارات المهمة في انحاء مناطق العاصمة ومحافظات العراق، التي يشارك موظفوها في الاضراب.

وسبق بدء الاضراب تداول معلومات عن تهديد رئاسة الحكومة العراقية للموظفين المشاركين في الاضراب، ونقلت عن سعد الحديثي المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بفرض عقوبات ضد الموظفين المتغيبين عن الدوام اليوم وغدًا لمشاركتهم في الاضراب العام الذي دعا له الجمعة الماضي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي ناشد أيضا الاهالي الاضراب عن الطعام الجمعة المقبل احتجاجًا على عدم تنفيذ الاصلاحات الحكومية. لكنّ مصدرًا حكوميًا نفى في وقت لاحق صدور هذه التهديدات او ان يكون الحديثي قد اشار الى طرد المشاركين في الاضراب من وظائفهم.

وفي العراق حوالي سبعة ملايين موظف يثقلون موازنة البلاد بحوالي ثلثي مبالغها، في وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية نتيجة انخفاض اسعار النفط ونفقات الحرب الباهظة ضد تنظيم داعش .&

ومن جهته، هاجم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي دعوة الصدر للإضراب عن الدوام والطعام "انقلاباً على الدستور".. مرجحًا أن يؤدي ذلك إلى حدوث "خلل" في مؤسسات الدولة. وقال القيادي في الائتلاف النائب جاسم محمد جعفر إن "الدستور لم يتبنَّ الإضراب عن الطعام وإغلاق الادارات العراقية وأن آلية التظاهر واضحة".. معتبرًا أن ذلك "سيؤدي إلى حدوث خلل في مؤسسات الدولة". واوضح ان الصدر لديه أكثر من 30 عضوًا في مجلس النواب وعلى الحكومة أن تجلس معهم لإيجاد آلية لهذه القضية .

عن الدوام .. والطعام

وكان الصدر دعا الجمعة الموظفين المدنيين إلى الإضراب عن الدوام يومي الأحد والاثنين من الاسبوع الحالي، احتجاجًا على الفساد المالي والإداري، وحث الأهالي على الإضراب عن الطعام يوم الجمعة المقبل حتى صباح الأحد الذي يليه .. كما طالب بجمع تواقيع مليونية تحت عنوان "الفاسد في الحكومة لا يمثلني".

وقال الصدر في بيان اطلعت على نصه "إيلاف"، إن الهدف من هذه الاضرابات هو للضغط على الحكومة لتنفيذ الاصلاحات.. مطالبًا الموظفين بالبقاء امام اداراتهم دون ممارسة اعمالهم باستثناء الامور الطارئة والحساسة .. موضحًا ان الاضراب لن يشمل عناصر الاجهزة الامنية .&

واشار الصدر الى انه بعد مهلة الشهر التي منحها للحكومة اصبح من اللازم تفعيل الاحتجاجات السلمية الاصلاحية، "فما زلنا نمتلك الخيارات التي قد تكون باباً لانهاء ‏الفساد".‏ وناشد الصدر الشعب العراقي عامة ومن وصفهم بالمتعاطفين مع ‏الاصلاح، "وبالاخص التيار الصدري المجاهد والمطالب للاصلاح الخاص ‏والعام للقيام باضراب عام، عدا الأجهزة الامنية ليومي الاحد والاثنين المقبلين، والبقاء في ‏اداراتهم لتسيير الامور الطارئة والحساسة فقط من خارج الدائرة".. مستثنيًا من ذلك اماكن ‏الامتحانات التي تجري للطلبة.

ودعا الصدر الى "اضراب المواطنين الأحبة عن الطعام ابتداء من يوم الجمعة ‏المصادف التاسع من سبتمبر، والاستمرار الى يوم الاحد الذي يليه داخل المساجد ‏والحسينيات والكنائس ودور العبادة وامثالها، وفي المؤسسات الثقافية والاجتماعية".‏ وطالب المواطنين بالعمل على جمع تواقيع مليونية تحت عنوان&"الفاسد من ‏الحكومة لا يمثلني"، ابتداء من العاشر من سبتمبر والى آخر الشهر &نفسه. وشدد الصدر بالقول
"انننا بذلك نثبت أن الاصلاح مطلب من داخل الحكومة كما هو مطلب شعبي ‏من خارج الحكومة".

تصعيد الاحتجاج&

وكان الصدر منع نهاية يوليو الماضي انصاره من التظاهر لمدة شهر، وقال "أرجو من الجميع التفهم فهو ليس تنازلاً ولا تراجعاً، فهذا عهد مني امام الله وامام العراق انني لم اتراجع عن مشروع الاصلاح ولو قيد انملة، لكن استطاعت الالسن المفسدة واعلام المتشددين أن تبث وتشيع بين المصلحين بعض الاشكالات، مما ادى الى تراجع حدة الاصلاح بعض الشيء".

وأضاف الصدر "هذا نهي مني لجميع المنتمين لي، واخص منهم التيار الصدري وامنعهم من التظاهر لمدة اقصاها 30 يوماً فقط، لحين تجلي الحقيقة لنا".. مشيرًا الى ان "ذلك جاء لعدة اسباب منها أن لا تكون التظاهرة الاصلاحية حكراً على الصدريين، وان هناك من لا يخرج للتظاهرات لوجود التيار الصدري كما يشيعون، فلعل عدم حضوركم لمدة شهر يكون منطلقاً لحضورهم". واوضح أن "هذا المنع والنهي لايشمل الاخوة الاعزاء في التيار المدني وغيرهم من محبي الاصلاح والصلاح وانقاذ العراق، وليس بالضرورة ان يكون في يوم الجمعة وفي ساحة التحرير أو قرب الخضراء".

يذكر أن بغداد و10 محافظات أخرى تشهد أسبوعياً، ومنذ اغسطس عام 2015، تظاهرات احتجاجية تنديداً بالفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وللمطالبة بمحاسبة المختلسين والمفسدين وتنفيذ الإصلاحات الحكومية نتج عنها العديد من الإجراءات، التي أعلنها العبادي، لكنها فشلت لحد الان في تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلين، فيما يقول المتظاهرون إن هذه الإصلاحات هامشية وغير مهمة ولم تحقق أهدافهم وهو امر عبرت عنه ايضًا مرجعية المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني، التي تدعم تظاهرات الاحتجاج . &
&