جمال شنيتر:&أغلقت الميليشيات الانقلابية التي تحتل العاصمة اليمنية صنعاء قناة السعيدة الفضائية المستقلة، القناة الوحيدة التي بقيت تعمل داخل الأراضي اليمنية، بعدما اغلقت الميليشيات العام الماضي مكاتب اكثر من عشر قنوات فضائية.

وقال مصدر خاص في القناة لـ"إيلاف" إن عناصر مسلحة تابعة لميليشيات الحوثي اقتحمت مساء الأحد مقر القناة واعتقلت مديرها العام مختار القدسي، واقتادوه إلى مركز للشرطة تابع للميليشيات وسط صنعاء.

تهديدات

أضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه خوفًا من الاعتقال أن هذا الإغلاق هو الثاني منذ الانقلاب على نظام الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إذ أغلقت الميليشيات القناة في 25 مارس الماضي.

وأشار المصدر نفسه إلى تعرض قناة السعيدة التي يملكها الدكتور حامد الشميري لمضايقات الانقلابيين وتهديداتهم مرات عدة منذ سيطرتهم على صنعاء، آخرها الانتقادات التي وجهتها وزارة الداخلية التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية للمسلسل التلفزيوني الرمضاني الكوميدي "همي همك" الذي بثته القناة في نسخته الثامنة، قائلة إن المسلسل يُظهر ضباطًا وأفراد أمن الحوثي بصورة هزيلة وساخرة، ويظهر تعاملهم بالرشوة والمجاملة عند أداء أعمالهم.&

ولمحت قيادة الوزارة الانقلابية حينها إلى اتخاذ إجراءات عقابية بحق القناة وأسرة المسلسل، معتبرة أن هذا البيان وما ربما يعقبه من إجراءات قانونية يعد بلاغًا للنائب العام وإيضاحًا للرأي العام، مع احتفاظها بحقها القانوني في مقاضاة كل من يسيء إلى رجال الشرطة ويخالف القانون.

تنديدات

جاءت عملية الإغلاق بعد يوم واحد من بيان للاتحاد الدولي للصحافيين، دعا فيه المنظمات الدولية إلى التضامن مع الصحافة اليمنية والصحافيين وإنهاء استهداف الحريات الإعلامية في البلاد.

وقال أنتوني بلانجي، أمين عام اتحاد الصحافيين الدولي، في بيان صحافي: "نطلب وقف الاغتيالات والهجمات والتهديدات، فالصحافيون ليسوا مقاتلين ولا ينجرون إلى النزاع".

وطالب جميع المنظمات الدولية المعنية بحرية الرأي، برفع الصوت عاليًا، للتعبير عن تضامنهم مع الصحافة اليمنية والصحافيين اليمنيين، والضغط لإنهاء الاستهداف المنظم للحريات الإعلامية في اليمن.

إغلاق قنوات&

أغلقت ميليشيات الحوثي منذ انقلابها مقرات القنوات التلفزيونية في صنعاء، وصادرت أجهزتها، واعتقلت بعض موظفيها، الأمر الذي اضطر بعض تلك القنوات إلى الانتقال إلى خارج اليمن لبث رسالتها الاعلامية في ظل سياسة التعتيم وتكميم الأفواه التي أقدم عليها الانقلابيون.

هكذا، فتحت قنوات سهيل ويمن شباب وبلقيس وأزال وقناتا عدن واليمن الحكوميتان مقرات لها خارج الحدود، فيما عجزت بعض القنوات الأهلية عن الانتقال إلى الخارج فتوقفت عن البث، فيما ظلت& قناة السعيدة الفضائية القناة الأهلية الوحيدة التي تبث من صنعاء تحت ضغط ومضايقات الجماعة الانقلابية، حتى اضطرت القناة إلى وقف نشرة الأخبار اليومية "حصاد السعيدة الإخباري" منذ أشهر عدة.

كما تعرضت مكاتب القنوات الفضائية العربية والدولية في صنعاء لاقتحام عسكر الانقلاب، وتم اغلاق عدد منها، كقنوات الجزيرة والعربية والعربية الحدث وسكاي نيوز.

انتهاكات&

إلى ذلك، أكد مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اليمني تسجيل 530 حالة انتهاك للإعلام في اليمن خلال عام 2015، تعرض لها اعلاميون وصحافيون توزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومؤسسات إعلامية واعتداء بالضرب وإيقاف ومصادرة الصحف، إلى جانب حجب مواقع إلكترونية واختراق أخرى.

وعبر تقرير للمركز - اطلعت "إيلاف" على صورة منه - عن قلقه الشديد من الوضع الذي يمر به الصحافيون وناشطو التواصل الاجتماعي في اليمن، ومن محاولات إسكات الأصوات المعارضة لجماعة الحوثي وتنظيم القاعدة في المحافظات التي يسيطران عليها. وأكد التقرير فقدان 630 من الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام عملهم جراء وقف ومصادرة واجتياح عدد من المواقع والصحف والقنوات والإذاعات في المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها جماعة الحوثي والسلطات التي تخضع لسيطرتها، ونشر قوائم بأسماء الصحافيين تمهيدا لاعتقالهم.

تورط حوثي

أكد التقرير أن حالات الانتهاك التي يمر بها الاعلام تتمركز غالبيتها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، ومناطق الصراع التي تسعى الجماعة إلى السيطرة عليها. وكانت نقابة الصحافيين اليمنيين قد رصدت في وقت سابق من العام الفارط أكثر من 200 حالة انتهاك طالت الحريات الصحافية والإعلامية في اليمن خلال النصف الاول من العام الجاري.

وقال أشرف الريفي، سكرتير لجنة الحريات في نقابة الصحافيين اليمنيين، إن النقابة سجلت أخطر حالات الانتهاكات التي طالت حياة الصحافيين، حيث استشهد عدد من الصحافيين، تورطت فيها جهات مختلفة توزعت بين جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي صالح، وبعض القوى المتطرفة.

أضاف الريفي: "بلغت حالات الاعتقال والحجز والاختطاف والملاحقة والمحاصرة للصحافيين 55 حالة طالت صحافيين ومصورين وموزعين بنسبة 27.5 في المئة من إجمالي الانتهاكات، وما زال هناك حتى اليوم 13 صحافيًا في المعتقلات، وقد تورطت جماعة الحوثي في هذه الانتهاكات بشكل كبير".