طوكيو: حذر محللون من أن فوز رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ب"غالبية ساحقة" في الانتخابات التشريعية الاحد لا يعني انه كسب قلوب او عقول الناخبين القلقين من ميوله القومية ولا يشاركونه الرأي حول تصميمه على تغيير الدستور السلمي للبلاد.

بات لدى آبي (63 عاما) الذي حصل على غالبية من ثلثي المقاعد بعد فوزه على المعارضة غير المنظمة، العدد الكافي من المقاعد النيابية لاطلاق عملية من أجل تعزيز دور الجيش وهو امر يطمح اليه منذ زمن.

لكن انتصاره كان أقرب الى فوز بالتزكية مما هو تأييد كاسح لهذا السياسي المخضرم.

وقال توبياس هاريس خبير السياسات اليابانية لدى مكتب "تينيو" للاستشارات الاستخباراتية في واشنطن ان الانتخابات أكدت "العلاقات الصعبة بين آبي والشعب الياباني". واضاف "هناك نوع من التقدير لبعض جوانب العمل الذي أداه" لكنه "ليس محبوبا".

وأظهر استطلاع للرأي عند خروج الناخبين من مراكز الاقتراع ان اكثر من نصف الناخبين (51 بالمئة) لا يثقون في رئيس الحكومة بينما كشف استطلاع نشرته الصحيفة الليبرالية "اساهي شيمبون" ان 47% من الناحبين يفضلون ان يتولى شخص آخر السلطة في اليابان.

حزب (اللا) أمل 

قبل اشهر فقط، كان ذلك يبدو ممكنا اذ كان آبي يناضل لاستمراريته على خلفية فضائح وبعد انتكاسة محرجة في انتخابات بلدية طوكيو.

وعندما اعلن عن تنظيم انتخابات مبكرة الشهر الماضي، رأى النقاد في هذه الخطوة مناورة لاستغلال ضعف المعارك وصرف الانتباه عن مشاكله بما فيها شبهات حول معاملة تفضيلية لصديق في صفقة اعمال وهو ما نفاه رئيس الحكومة بشدة.

وبدا لفترة قصيرة وكأن مناورة آبي سترتد عليه. فقد أعلنت رئيسة بلدية طوكيو يوريكو كويكي تشكل حزب جديد عبر حملة اعلامية مكثفة طغت على الاخبار وتصدرت الصفحات الاولى لايام.

وشكل تأسيس حزب الامل تحولا غير مسبوق في عالم السياسة الرصين والممل في اليابان، اذ أدى الى تفكك الحزب الديموقراطي أبرز أحزاب المعارضة مع انضمام اعداد كبيرة من اعضائه الى حزب كويكي.

في المقابل، شكل اعضاء الحزب الديموقراطي الاخرون ذوو الميول اليسارية حزبا تقدميا اطلقوا عليه اسم الديموقراطيون الدستوريون.

لكن أيا من هذين الحزبين لم يتمكن من تنظيم حملة على مستوى البلاد في الوقت القصير المتاح. وعلق مايكل كوسيك من جامعة "تيمبل" انه "كما تبين لم يكن هناك أمل يرجى من حزب الامل".

وقال هاريس ان عشر سنوات يمكن ان تمضي قبل ان تصبح هناك معارضة قادرة على تشكيل حكومة.

معركة دستورية 

بعد فوز آبي بغالبية الثلثين في مجلس النواب، بات يسيطر فعليا على السلطتين التنفيذية والتشريعية. ومن المرجح ان يستغل الفوز لبدء عملية طويلة لتعديل الدستور وهو طموح شخصي لابي ولمجموعة من مؤيديه اليمينيين لكنه امر لا يريده غالبية السكان.

يريد آبي تغيير الدستور الذي فرضته الولايات المتحدة والذي يراه المحافظون إرثا للهزيمة في الحرب العالمية الثانية، من أجل ان تصبح "قوات الدفاع الذاتي" المدربة والمجهزة بشكل جيد جيشا حقيقيا بشكل رسمي.

لكن المشكلة بالنسبة الى آبي هي ان العديد من اليابانيين يشعرون بالفخر بالدستور السلمي الذي يقولون انه كان لصالحهم طيلة العقود السبع الماضية.

كما تعارض الصين والكوريتان وكلها عانت من مطامع اليابان في القرن العشرين، اي تعديل للدستور يمكن ان تعتبر عودة الى التسلح.

ورغم طموحاته الشخصية، يدرك آبي موقف الرأي العام ازاء هذه المسألة وهو يعلم انه ليس بوسعه فرض تغيير دستوري، كما يقول ناوتو نوناكا من جامعة "غاكوشوين".

وتعهد آبي فور فوزه باجراء نقاش برلماني "معمق" حول الموضوع وبانه لن يستغل غالبيته الساحقة لفرض اي تغييرات.

في كل الاحوال، لا بد من اجراء استفتاء حول اي تعديلات. وتظهر استطلاعات الرأي باستمرار انه لن يكون من الحكمة ان يعتبر فوزه الكبير في الانتخابات كنوع من التأييد لآرائه القومية، بحسب ميكيتاكا ماسيوياما الاستاذ في المعهد الوطني للدراسات السياسية.

وقال ماسيوياما ان آبي فاز في انتخابات الاحد "لان المعارضة فشلت في تشكيل جبهة موحدة"، وان "ذلك ليس معناه ان الناخبين اليابانيين يؤيدون القضايا التي يدعو اليها المحافظون".