«إيلاف»من دبي: خلال فعاليات اليوم الأول من "قمة المعرفة 2017" تحدث رئيس قسم الابتكار في "زينيث ميديا"، توم غودوين، عن الأفكار السائدة في عالم اليوم الذي تتخلل فيه الثورة الرقمية جميع مناحي الحياة وتحكم علاقاتنا الاجتماعية وأساليب عملنا وتفاعلنا مع بعض ومع العالم المحيط بنا. 

وقدم غودوين خلال محاضرته سرداً مفصلاً للتوجهات الرقمية في العام 2018، وما بعده، والتي تمثل من وجهة نظره العوامل الرئيسة التي ستترك أثرها على المجتمعات الإنسانية وتواصلها فيما بينها، بالإضافة إلى علاقة الأفراد مع مجتمعاتهم ومع الابتكارات التكنولوجية المختلفة في حياتهم اليومية.

التغيير سمة العصر 
وبحسب غودوين، لم تمر البشرية في تاريخها الطويل بفترة حصلت فيها التغييرات بالسرعة الهائلة التي تتغير فيها اليوم، إلا أنه ومن جهة أخرى، فإن وتيرة التغيير السريعة هذه، لن تعود إلى سابق عهدها مرة أخرى، فالسرعة في التغيير هي الصفة الأساسية لعصرنا الراهن.

ومن أبرز هذه التوجهات بحسب غودوين انتفاء الفصل بين العالم الرقمي والواقعي، إذ أضحت التكنولوجيا جزءاً لايتجزأ من عالمنا، ودخلت في أدق تفاصيل حياتنا اليومية إلى الدرجة التي لم يعد بمقدورنا الحديث عنها بشكل منفصل، بل هي أمر ضروري لا غنى عنه، ويمثل امتداداً لذواتنا وتفكيرنا وتواصلنا مع بعض. كما يتم استخدام بعض الوسائط كالصوت البشري بشكل متزايد في التواصل مع الأجهزة المختلفة المرتبطة بالإنترنت، ليشكل الجسر الافتراضي الذي يربط نشاطاتنا اليومية.

الشاشة الالكترونية مرآة لحياتنا
كما أصبحت الشاشات الإلكترونية المرآة التفاعلية الحقيقية التي تعكس الأوجه المختلفة لحياتنا، فبعد أن انتقل مفهوم الشاشة خلال عقود قليلة من الزمن من شاشة السينما التي نجلس أمامها دون أن يكون لدينا القدرة على التحكم بما يعرض عليها، إلى شاشة التلفزيون التي يمكننا التحكم فيها بشكل جزئي، مروراً بشاشة الكومبيوتر التي مثلت نقلة نوعية مكنتنا من التحكم بشكل كامل بالمضمون، وصولاً إلى شاشات الهواتف المتحركة اليوم والتي تعد امتداداً لنا نجري من خلالها معظم مهام حياتنا اليومية، دون أن ندرك ربما الشوط الكبير الذي قطعناه. 

وأشار غودوين إلى تزايد استخدام التكنولوجيا القائمة على الخوارزميات في توفير خدمات موجهة بشكل حصري للمتلقي، إذ من خلال المعلومات التي تجمعها شركات التكنولوجيا عبر هواتفنا المتحركة عن سلوكنا الاجتماعي، أصبحت الشركات تقدم لعملائها خدمات تتلاءم مع موقعهم الجغرافي واهتماماتهم وسلوكياتهم السابقة، وغيرها من العوامل التي تتيح لهذه الشركات تكوين فكرة متكاملة عن عملائها. وعلى الرغم من تحفظ الكثير من الناس عما يمكن اعتباره انتهاكاً لخصوصيتهم، فإن ملاءمة هذه الخدمات لحياتهم واحتياجاتهم الآنية، ورغبتهم بالاستفادة منها، قد تمثل مدخلاً لاستخدام المزيد من هذه الاستراتيجيات في المستقبل القريب.

وتحدث غودوين عن الإفراط في استخدام مصطلح الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية، على الرغم من أنه لم يتم استخدام هذه التكنولوجيا بشكل موسع حتى الآن، في الوقت الذي يحفل فيه المستقبل بالكثير من الفرص التي تتيح تبني هذه التكنولوجيا على الوجه الأمثل. 

وخلص غودوين إلى أن أهم الأمور التي ينبغي علينا الالتفات إليها هي أن التكنولوجيا ليست غاية بحد ذاتها، بل وجدت لخدمة الإنسان وتسهيل حياته، وأنها تفتح أبواباً لا نهائية للإبداع، وأنه ينبغي علينا التركيز على الأمور التي أصبح بإمكاننا اليوم القيام بها بفضل التكنولوجيا، والتي لم تكن في متناول الأجيال السابقة.