بوخارست: تحدث الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم في رومانيا السبت للمرة الاولى عن احتمال الغاء مرسوم يخفف التشريعات المناهضة للفساد، وذلك على خلفية تظاهرات جديدة ضد هذا الاجراء الحكومي ضمت الالاف السبت.

وقال رئيس الحزب ليفيو دراجينا في مقابلة "يمكن ان نتحدث عن الغاء الامر اذا قبل رئيس الوزراء بذلك"، مبديا للمرة الاولى استعداده لتقديم تنازلات في هذه المواجهة مع مناهضي المرسوم.

واضاف رئيس الحزب الذي يملك تاثيرا حاسما على رئيس الوزراء سورين غريندينو الذي تولى مهامه قبل شهر، انه سيقترح "حلا لانهاء النزاع" بدون ان يوضح متى سيلتقي رئيس الوزراء.

وبعد اربع ليال من التظاهرات في البلاد شارك آلاف السبت في تظاهرة توجهت الى مقر البرلمان رمز الديموقراطية التي يعتبر المتظاهرون ان المرسوم الذي اصدرته السلطات بشكل طارىء الثلاثاء شكل ضربة لها.

واوضح دراجينا "لم يعد بامكاني ان اقاوم اكثر (...) ضغط منظمات (تتبع) للحزب الاشتراكي الديموقراطي ويمكنها ان تنزل الى الشارع نحو مليون شخص". وتحدث مجددا عن "حملة تضليل اعلامي".

وقال الكسندر (30 عاما) وهو احد المتظاهرين انه يعرف تماما آفة الفساد في البلاد. واوضح هذا الموظف ان "الامر مفزع" مضيفا "للحصول على اي شيء يجب دفع (رشوة) ويتعين الوقوف في طوابير طويلة".

ومنذ الثلاثاء تجمع التظاهرات يوميا نحو 200 الف شخص في رومانيا البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 20 مليون نسمة والمعتاد على الاضطرابات السياسية منذ الاطاحة بالنظام الشيوعي قبل 27 عاما.

خوف من العودة الى الوراء

قال المحلل السياسي كرستيان بارفوليسكو "لا يمكن لاي حكومة ان تقاوم مثل هذه التظاهرات" معتبرا ان الحكومة "فقدت شرعيتها" ومضيفا ان "الغاء المرسوم لن يحل المشكلة ولن ينهي الازمة".

واضاف ان الرومانيين "تعلموا من التجربتين السلبيتين في بولندا والمجر، وفهموا ان عليهم ان يستنفروا بسرعة لحماية الديموقراطية".

وقالت دانيالا الصيدلانية التي تبلغ من العمر 50 عاما انها تشعر كانها "في كانون الاول/ديسمبر 1989" عندما اجبرت تظاهرة هائلة الرئيس السابق نيكولاي تشاوشيسكو على الفرار.

ويخشى المتظاهرون ان يؤدي تخفيف التشريع ضد الفساد الى العودة الى الوراء في وقت بدات فيه الحملة ضد الفساد تؤتي ثمارها تحت ضغط الاتحاد الاوروبي وقضاة يتحلون بالجراة نظروا في مئات الملفات في السنوات الاخيرة ما شكل منعطفا للقضاء الروماني. 

وفي ما يشكل بارقة امل للمعارضين، قدم اعتراض الى المحكمة الدستورية الجمعة لمنع الحكومة من اللجوء الى اجراء طارىء يتجاهل البرلمان.

ونص المرسوم خصوصا على خفض العقوبات المفروضة على من يدان باستغلال السلطة من سبع سنوات سجنا الى ثلاث سنوات. كما وضع حدا ادنى للملاحقة بتهمة الاختلاس يبلغ مئتي الف لي (44 الف يورو). وثمة مشروع آخر للحكومة ينص على الافراج عن مسؤولين مدانين.

وتقول الحكومة انها تريد تخفيف اكتظاظ السجون واصلاح القانون الجنائي الذي ابطلت المحكمة الدستورية نحو ستين من مواده.

والحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي يقوده ليفيو دراجينا طرد من السلطة في نهاية 2015 بعد تظاهرات ضد الفساد لكنه حقق فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية في كانون الاول/ديسمبر، واكد تصميمه على تمرير التعديل الذي يدينه المتظاهرون.

وتتركز التظاهرات في المدن، علما بان للحزب الحاكم قاعدة متينة في الاوساط الريفية والمهمشة التي انتخبته قبل شهرين على خلفية وعود بزيادة المساعدات الاجتماعية.

وانتقدت المفوضية الاوروبية المرسوم الحكومي وكذلك وزارة الخارجية الاميركية التي عبرت عن "قلقها العميق" لصدوره.