«إيلاف» من بيروت: الأمومة إسم محفور بدم الشريان، إذ ليس من شعور في العالم يضاهي الأمومة، ولا محبة أسمى من حنان الأم، الأم التي تضحي وتبذل كل ما في وسعها كي ترى أبناءها في المستقبل خيرة النساء والرجال، اليوم في عيدها كيف تبدو الأمومة في لبنان، أم الشهيد والمريض والمعاق والأم العادية ما هي الرسالة التي يمكن توجيهها اليوم إليها، كيف تتأقلم الأم مع عملها خارج المنزل، وهل ينصفها القانون؟ ما هي التضحيات التي تتطلبها الأمومة، وكيف تختلف الأمومة عن سائرها في لبنان بعد سنوات الحرب التي مرت سابقًا على أمهات لبنان؟

خلال الحرب

نتالي فياض أم لأربعة أولاد تقول إن الأم اللبنانيّة عانت كثيرًا خلال الحرب ولا تزال تعاني وأصبحت أكثر قوة، غير أن الأمومة هي نفسها في كل البلدان وعاطفتها ومحبتها وتضحياتها هي نفسها ولا تتغيّر بين أم وأخرى.

وتضيف:"ما مرّ على الأم اللبنانية من حرب ولّد لديها خوفاً أكثر على أولادها خصوصًا لدى توجّه هؤلاء يوميًا إلى جامعاتهم، والأم اللبنانيّة عاشت ضغطًا نفسيًا وربما هذا غير موجود لدى الأمهات الأخريات.

وتعتبر فياض أن الامومة من خلال الشعور الذي تمتلكه الأم موجودة عند كل الأمهات، ولكن هناك أمهات يختلفن عن الأخريات بأنهن أكثر أنانية، ولكنهن أقليات، والأكثريات يضحيّن، وهدفهن أولادهن، لأنهم جزء منهنّ.

أما الأمومة فتعطيها شعور بالمحبة لأولادها والعطاء اللامتناهي والمحبة التي لا غاية لها.

وبرأيها ليس من الضروري أن النساء جميعهن خلقن كي يتزوجن وينجبن، هناك نساء كثيرات متزوجات ولا يملكن عاطفة قد تملكها فتاة غير متزوجة، واذا وجّهت الفتاة غير المتزوجة نشاطها إلى أماكن بحاجة إلى هكذا عاطفة من خلال الأيتام، فقد يكون الأمر أفضل بكثير من أمهات حقيقيات بلا عاطفة تجاه أولادهن.

تضحيات

اما التضحيات التي تتطلبها الأمومة فتقول إن من تصبح أمًا لا يجب أن تنظر إلى الأمر وكأنه تضحية، بل أنها تقوم بواجباتها، ولكن هذا يعني أنها قد تضحي بالقليل من وقتها وأنانيتها وعندما تربي أطفالها يجب أن توجههم جيدًا وتتعب عليهم.

وتصف علاقاتها بأولادها بالقول "عندما كانوا صغارًا وجهتهم وكنت نوعًا ما صارمة وأخذت مواقف قاسية، وعندما كبروا وأصبحوا مدركين أصبحت صديقتهم كي أعرف ما الذي ينوون فعله.

"أولادي يستشيرونني وأصبحوا بعمر كبير وبعصر فيه تقدم تكنولوجي وهم أصدقاء أثق بهم."

الهدية

عن الهدية التي تنتظرها في عيد الأمهات، فتقول إن محبتهم لها تكفي، وهي لا تنتظر هذا اليوم لتكريم الأمهات لأن الولد الصالح يعتبر أن كل يوم هو عيد للأمهات من خلال محبته لأمه وتصرفاته معها ووفائه وتقديره لها.

ووجهت فياض رسالة إلى أم الشهيد وأم المخطوف والمريض والمعاق، معتبرة أن الام تفتخر بشهادة ابنها لكنها بالنهاية أم، ولديها عاطفة، وجرحها كبير، و"أشعر معها والألم الذي تشعر به لأنه موجع، أم المريض أصلي لها دائمًا وتكون مختلفة عن سائر الأمهات لأن الألم الذي تشعر به يجعلها مختلفة بقوتها عن سائر النساء، وأم المعاق هي فعلًا مثالية لأنها تقوم برسالة محبة إلى ولد بحاجة إلى الكثير من التضحيات.

الأمومة والعمل

أما هل تتطلب الأمومة أن تترك الأم عملها وما هي تجربتها في هذا الخصوص، تقول فياض:"انا من الأمهات اللواتي اشتغلن في هذا المجال، لا أنكر أن الأمر صعب على الأم اللبنانية والشرقية أن توفق بين عملها وأمومتها، وقد تضطر في ظل الظروف الاقتصادية أن تعمل وتكون أمًا في الوقت نفسه، واذا عادت بي الأيام إلى الوراء لفضلت أن تمنح الأم سنتين كي ترتاح وتربي أولادها، إذ لا أحد في هذا العالم يحل مكان الأم.

حامل

ليال أبو ديوان حامل تنتظر مولودها البكر عن تجربتها مع انتظار طفلها والأمومة ومتابعة عملها، تقول :"هناك شعور متناقض يمتلكها بين انتظار المولود وبين الخوف، الخوف من الولادة والمسؤولية في ما بعد".

وتأتي الأمور رويدًا برأيها وهي لديها خبرة في تربية أولاد شقيقتها، وتعتبر أن هناك مشكلة العمل والتوفيق في ما بعد مع تربية الطفل، ولا تعتبر أن إجازة الأمومة كافية في لبنان لتربية الأطفال وتطالب بإجازة أكبر، وهي تبقى للساعة الخامسة في عملها رغم حملها وتعبها، وهي في المستقبل قد تعتمد على أهلها في تربية طفلها، ومن ثم دور الحضانة.

وتضيف:"اذا كانت إمكانية الحامل لا تسمح لها أن تترك عملها لا بأس في أن تعمل، لكن اذا إمكانياتها المادية جيدة فمن الأفضل بنظر أبو ديوان أن تترك المرأة عملها كي يشعر الولد بحنانها، وهناك نظرة دونية تقول من المدراء إلى المرأة الحامل ولا تقدير لها ولعملها."

العمل والأمومة

دنيا خوري أم لطفلين تتحدث عن تجربتها مع الأمومة والعمل في لبنان، وتقول إن الأم اللبنانية قد تكون أمًا لشهيد أو بطل أو مخطوف أو معاق ويجب أن تُقّدر أكثر من غيرها، والرسالة التي توجهها لتلك الأمهات فهي الصبر الدائم والأمل كي تستمر في رسالتها.

وتعتبر أن الأمومة مقدّسة ويجب أن تكون الأمهات صالحات، والشعور الذي تعطيه الأمومة يبدأ بالمسؤولية وعدم الحرية والفخر في الوقت نفسه.

ولا تعتبر أن المرأة لا تكتمل إلا عند شعورها بالأمومة، لأن الامومة وجه من وجوه المرأة، وهذه الأخيرة لا تستطيع أن تحمل كل الوجوه في آن معًا.

والأمومة برأيها تتطلب سهر الليالي والتضحيات، وهي صديقة لأطفالها ولكنها في بعض الاحيان تقسو عليهم لتربيتهم، لأنهم ما زالوا صغارًا في السن.

والهدية التي تنتظرها في عيد الأم أن يتمتع أطفالها بصحة جيدة، اما هل تتطلب الأمومة أن تترك الأم عملها، تقول خوري:"اذا كان دوام العمل مقبولًا فلا بأس، وإلا يجب أن تترك الأم عملها، ولا يجب أن يكون عملها على حساب أمومتها".