«إيلاف» من القاهرة: شددت الأجهزة الأمنية في مصر إجراءاتها مع اقتراب احتفال الأقباط بعيد القيامة المجيد يوم الأحد المقبل، ورفعت وزارة الداخلية حالة الطوارئ في صفوف العاملين، وألغت الإجازات، ونشرت المزيد من أفراد الشرطة والآليات في محيط الكنائس، تحسبًا لأية هجمات محتملة. كما كثفت تواجدها في محيط المنشآت العامة، والسفارات الأجنبية في القاهرة والمحافظات.
وقال مصدر أمني لـ"إيلاف" إن الأجهزة الأمنية في حالة تأهب قصوى، لتأمين الكنائس والمنشآت العامة والحيوية والسفارات، تزامنًا مع احتفال الأقباط بعيد القيامة المجيد الأسبوع المقبل.
وأضاف أن هناك انتشارًا مكثفًا في محيط الكنائس، وأفراد شرطة ينتشرون في الشوارع المحيطة بها أيضًا. ولفت إلى أن قوات الجيش تشارك في عمليات التأمين حسبما قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء اجتماع مجلس الأمن الوطني.
وفي السياق ذاته، أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز بصيرة، أن "63% من المصريين موافقون على فرض حالة الطوارئ في حين أن 17% غير موافقين و20 لم يستطيعوا التحديد".
وحسب نتائج الاستطلاع، فإن "نسبة الموافقين على فرض حالة الطوارئ ترتفع من 60% بين الشباب في العمر 18-29 سنة إلى 67% بين الذين بلغوا من العمر 50 سنة فأكثر، كما ترتفع نسبة الموافقة من 59% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 69% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى، وفي المقابل تنخفض نسبة من لم يستطيعوا التحديد من 24%بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 11% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى".
وحسب الاستطلاع، فإن "60% من المصريين يرون أن فرض الطوارئ سيساعد في مكافحة الإرهاب بينما 14% يرون أنه لن يساعد في ذلك بينما 26% أجابوا بأنهم لا يستطيعون التحديد، وترتفع نسبة من يرون أن فرض الطوارئ سيساعد في مكافحة الإرهاب من 55% بين الحاصلين على تعليم أقل من متوسط إلى 64% بين الحاصلين على تعليم جامعي أو أعلى.
ولم يوجه 71% من المصريين أصابع الاتهام إلى جهة محددة في تفجير كنيستي المرقسية ومارجرجس، بينما قال اتهم 11% جماعة الإخوان بالوقوف وراء التفجيرات، و9% يرون أن داعش وراء التفجيرات، و5% أجابوا بأنها جماعات متطرفة، و3% يرون أن دولا أخرى هي التي تقف وراء هذه التفجيرات.
وفي السياق ذاته، قالت "هيومن رايتس ووتش" إن التفجيرين الانتحاريين في كنيستين مصريتين في 9 أبريل 2017 اللذين أسفرا عن مقتل 45 شخصا على الأقل هي "واقعة مرعبة تذكّر بالتهديدات المتزايدة التي تواجه الأقلية المسيحية في مصر".
وأضافت المنظمة في تقرير لها عن تفجيرات "أحد الشعانين": تمثل الهجمتان أثناء الاحتفال بأحد السعف في كنيستين في طنطا والإسكندرية – اللتان تبناهما تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف ("داعش") – أسوأ أيام العنف المستهدف للمسيحيين في تاريخ مصر المعاصر.
انتقاد قرار السيسي
وانتقدت "هيومن رايتس ووتش" قرار السيسي بفرض حالة الطوارئ، وقالت: إن حالة الطوارئ تسمح بالمحاكمات أمام "محكمة أمن الدولة طوارئ" التي يحدد هيئتها الرئيس، والتي لا يمكن الطعن في أحكامها. يسمح للسلطات باعتقال وتفتيش المشتبهين دون أوامر قضائية وإجراء أعمال المراقبة والرقابة على المطبوعات، ومصادرة الممتلكات، وإخلاء المناطق قسرا، وتقييد الاجتماعات العامة، وتحديد مواعيد فتح وإغلاق المحال العامة"، مشيرة إلى أنه "لا يمكن للمعتقلين بموجب قانون الطوارئ الطعن في احتجازهم إلا أمام محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، إذا لم يُفرج عنهم في ظرف 6 أشهر، ويجب أن يوافق الرئيس على أمر إفراج المحكمة، ما يسمح بالاحتجاز دون أجل مسمى".
واتهمت المنظمة "السلطات المصرية بأنها تمارس على أرض الواقع سلطات الطوارئ منذ عزل الجيش للرئيس مرسي". وأضافت: "منعت الحكومة فعليا تظاهرات المعارضة ولجأت الشرطة والأمن الوطني إلى الاعتقال التعسفي لآلاف المشتبهين، مع ممارسة التعذيب لانتزاع الاعترافات، والإخفاء القسري للمئات لشهور. أصدرت المحاكم والنيابات أحكام إعدام جماعية واحتجزت المئات من المحتجزين الآخرين في الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين، بما يتجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي في القانون. لعب القضاة بشكل متكرر دور المتستر على ضباط الأمن الوطني، ولم يُنزل إلا بقلة منهم أحكاما جراء الإساءة إلى محتجزين رهن الاحتجاز، وما زالت جميع هذه الأحكام في الاستئناف.
مينا ناجي – من مرتادي كنيسة مار جرجس وكان في طريقه إلى الكنيسة عند وقوع الانفجار – قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الكنيسة لم تُفتح إلا من بوابة واحدة ذلك اليوم، لكن كاشف المعادن لم يكن يعمل. أدت الشرطة المتمركزة عند البوابة أعمال تفتيش سطحية وسريعة على من كانوا يدخلون، على حد قوله.
قال ناجي: "هذا رجل يدخل الكنيسة، فما الذي ستفتشه إذن؟ في هذا الموقف الأمني يجب أن أكشف على هويته لو بدا مريبا، وكأنه ليس من هنا. أحاول أن أعرف من هو، وهويته، مثل ما حدث في الإسكندرية مثلا. رفض الرجل إدخاله من البوابة الرئيسة فانتقل للدخول من جهاز كشف المعادن".
ونقلت "هيومن رايتس ووتش"، عن "شخص آخر من مرتادي الكنيسة، ويعرف بعض الناجين من الانفجار وطلب عدم ذكر اسمه، قال بدوره إن كاشف المعادن في الكنيسة نادرا ما يعمل وأن حراسة الشرطة نادرا ما فتشت حقائب أو ملابس من يدخلون الكنيسة. قال إن على الشرطة وضع نقاط تفتيش في الشارع على مسافة من بوابة الكنيسة، نظرا لكثرة المصلين في العيد".
مسؤولية وزارة الداخلية
هناك قس كان داخل الكنيسة وقت الانفجار الذي أدى إلى مقتل ابنه، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن مقاطع فيديو كاميرا المراقبة من داخل الكنيسة أظهرت رجلا يرتدي قبعة ونظارة شمسية وفي يده معطف، يدخل الكنيسة ويتحرك سريعا نحو منطقة يقف فيها القساوسة قبل أن يفجر نفسه.
قال القس: "يوجد باب واحد يمكن أن يعبر منه شخص واحد: عبر كاشف المعادن. هذه النقطة هي مسؤولية وزارة الداخلية من حيث المبدأ. كيف إذن ركض عبر البوابة، لا أحد يعرف".
قال القس إن الأمن المرابط عند الكنيسة ليس إلا "ديكور" وأضاف: "مجرد زينة، جزء من المشهد".
وشهدت مصر تفجيرين انتحاريين يوم الأحد الماضي، تزامنًا مع أداء الأقباط صلاة "أحد الشعانين". وقع التفجير الأول في كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا، والآخر في الكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وأسفرا عن مقتل نحو 45 شخصًا وإصابة أكثر من مائة آخرين. وأعلن ما يعرف بـ"تنظيم داعش" مسؤوليته عن الحادثين.
التعليقات