أنقرة: دأب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خلال التجمعات الانتخابية التي يحشدها قبيل استفتاء الأحد حول توسيع صلاحياته على تعداد الانجازات الاقتصادية التي حققها في غضون عقد ونصف في السلطة.

فمن معدلات نمو مرتفعة بلغت تسعة بالمئة، مرورا بتدفق للاستثمارات الأجنبية، ومشاريع البنى التحتية الطموحة، والاستقرار الذي تبع ما يشبه الركود الاقتصادي خلال أزمة عامي 2000 و2001، أشار اردوغان إلى هذه الانجازات بفخر قائلا "فعلنا كل ذلك".

لكن الاستفتاء حول نظام رئاسي جديد يجري على خلفية مؤشرات ثابتة تؤكد ضعف الاقتصاد التركي. 

وما تاكد انه يشكل عماد قوة اردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، قد يصبح بمثابة نقاط ضعف بحسب ما يحذر خبراء في الاقتصاد. 

وأكد المتخصص في الشأن التركي في مؤسسة "غلوبال سورس بارتنرز" اتيلا يشيلادا أن هذا الضعف يضيف إلى المخاوف التي يشعر بها ناخبو حزب العدالة والتنمية التقليديين. 

وقال لوكالة فرانس برس إن "قاعدة حزب العدالة والتنمية إسلامية ومحافظة لكنهم كذلك اصحاب أعمال تجارية صغيرة" والسياسة الاقتصادية الحالية "غير مؤاتية لقطاع الأعمال".

وأشار خبير اقتصادي تركي رافضا ذكر اسمه لفرانس برس إلى أن ضعف الاقتصاد "يلحق الاذى" باردوغان وحملته الداعية إلى التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء.

وأوضح أن "الفوز بهذا الاستفتاء يجب ان يكون سهلا جدا" لحزب العدالة والتنمية نظرا إلى أنه نال مع حلفائه من حزب الحركة القومية 62 بالمئة من الأصوات في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر عام 2015.

بكنه أضاف أن "التقارب الكبير في نتائج استطلاعات الرأي، أقله إلى حد ما، تؤكد تأثير ضعف الاقتصاد" على آراء الناخبين. 

ضعف قطاع السياحة 

وبلغت نسبة التضخم الشهر الماضي 11,3 بالمئة، وهو مستوى غير مسبوق منذ تشرين الأول/اكتوبر عام 2008، فيما بلغت نسبة البطالة 10,9 بالمئة عام 2016. كما انها وصلت بين الشباب الى مستويات أسوأ حيث سجلت 19,6 بالمئة. 

أما الليرة التركية ففقدت ما يقارب أربعة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، في أسوأ أداء كسوق ناشئة حتى الآن. 

ومع ذلك، فإن الاقتصاد التركي لا يزال يبدي إشارات على مرونته الامر الذي بات علامة مسجلة ميزته خلال الأعوام الماضية. 

وانتعش سوق أسهم اسطنبول حيث ارتفع بنسبة 15,3 بالمئة منذ شهر كانون الثاني/يناير ووصل الثلاثاء إلى أعلى مستوى خلال شهرين. 

والعام 2016 الذي شابته محاولة انقلاب فاشلة في 15 تموز/يوليو، حقق الاقتصاد نموا مقداره 2,9 بالمئة، وهو رقم فاق توقعات المحللين. 

وساعد على ذلك وجود نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري والتدابير المكثفة التي قامت بها الحكومة لرفع مستوى الاستهلاك.

إلا أن النمو أقل بكثير من المعدلات التي سجلت قبل عام 2011 وتخيم عليها الضبابية بخصوص عملية إعادة معقدة لاحصائيات الناتج المحلي الإجمالي اربكت المراقبين. 

وألقت الحكومة باللوم في ضعف الاقتصاد على موقف المستثمرين الذين فضلوا انتظار نتائج الاستفتاء فيما أكدت للمواطنين أن معدلات النمو ستتحسن. 

وتأثر قطاع السياحة الذي تشكل عائداته حوالي خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، سلبا بعدما فضل الكثير من الزوار عدم المجيء إلى تركيا. 

وزاد القلق بشأن مستقبل الاستثمارات الأوروبية اثر التوتر في العلاقة بين أنقرة ودول في الاتحاد الأوروبي على خلفية الاستفتاء والشكوك بانضمام تركيا إلى التكتل. 

وحذر يشيلادا من أن "جميع مؤشراتنا تظهر بأن شركات الاتحاد الاوروبي تتعاطي ببرودة شديدة مع تركيا".

مشاكل تحتاج الى اصلاحات

ومن المتوقع أن يمنح فوز معسكر "نعم" انتعاشا قصير المدى للأسواق، حيث سيطمئن المستثمرون باستقرار اقله ظاهريا. 

وقال يشيلادا "إذا كانت النتيجة +نعم+ اعتقد أن الاسواق ستشهد ارتفاعا. وفي حال رجحت كفة +لا+ ستكون عمليات بيع كبيرة تحديدا في سوق الأسهم".

ولكن "نعم" لن تساعد كثيرا في إبعاد المخاوف حول استعداد الحكومة للقيام بإصلاحات اقتصادية لمواجهة سلسلة من المشاكل التي تلوح في الأفق. 

وبين هذه المشاكل العجز الضخم في الحساب الجاري، ومعدلات منخفضة بشكل مزمن في الادخار، وسوق عمل موازية وعلى المدى البعيد: النظام التعليمي. 

ولفت الخبير الاقتصادي التركي إلى أن التصويت بـ"نعم" سيؤدي إلى "تفاقم" المشاكل التي تعاني منها تركيا على المديين المتوسط والبعيد. 

ولم يبق إلا إصلاحي اقتصادي واحد في الحكومة هو نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك.

ويواجه المنصب الذي يشغله تساؤلات عدة حول مستقبله. 

ويؤكد الخبير في مجال الأسواق الناشئة في مركز "كابيتال ايكونومكس" في لندن، وليام جاكسون، أن "المسألة الأساسية تمكن في نقص الشهية لإجراء الإصلاحات طوال معظم العقد الحالي".