تباينت آراء الموالين للتيار الصدري من دفع زعيم التيار مقتدى الصدر لابن شقيقه أحمد الصدر إلى الواجهة السياسية، فهناك من رأى الخطوة جيدة، فيما تخوف آخرون من غياب مقتدى عن المشهد وإعتزاله العمل السياسي، لكن حذر البعض الآخر من خطورة التوريث في السياسة العراقية.
إيلاف من بغداد: اعتبر العديد من العراقيين دفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بابن شقيقه الشاب أحمد الصدر إلى قيادة التيار بمثابة المفاجأة غير المتوقعة، لأن أحمد لم يكن له أي حضور في المشهد السياسي العراقي، ولا الإعلامي، فضلًا عن كونه عاش غالبية سنين حياته في لبنان.&
فيما أكد البعض أن تصرف مقتدى هو بادرة لنقل التيار إلى المدنية، خاصة أن أحمد لم يدرس في الحوزة العلمية في النجف، بل درس العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت.
ليس حوزويًا
يشار إلى أن أحمد الصدر هو نجل مصطفى الصدر، الذي اغتيل مع والده المرجع محمد الصدر عام 1999 في وسط النجف، وقد نال منذ طفولته اهتمامًا خاصًا من عمه والأنصار المقربين، لكنه لم يرتدِ&العمامة، بل اتجه إلى دراسة العلوم السياسية بديلًا من الدراسة الحوزوية، التي تميزت بها عائلته، ونال شهادة الماجستير من لبنان، حيث يتوقع أن يكون امتدادًا مثاليًا لمشروع التيار الصدري السياسي.
برز نجم أحمد بعد أيام قليلة من إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تعرّضه للتهديد بالقتل في خطاب جماهيري في وسط بغداد في نهاية الشهر الماضي، وبالتزامن مع إعلانه عن مشروع للإصلاحات، حيث برز أحمد إلى الواجهة الإعلامية بعد تكليفه من قبل الصدر بمهام سياسية، تمثلت في تكليفه بعرض مشروع "إصلاح الانتخابات وانتخاب الإصلاح"، ومشروع "ما بعد تحرير الموصل"، لزعيم التيار الصدري، على الطبقة السياسية الأولى في العراق.&
وقد قدمه مقتدى الصدر ضمن وصيته لأنصاره، التي كشفها أخيرًا، باتباع "البقية من آل الصدر"، وتأكيده أنهم "الأحقّ بحمل رايتنا وبإكمال هذه المسيرة الوضاءة"، وجعله رئيس (لجنة التيار لمشروع الإصلاح).
يتنقل أحمد بين لبنان والعراق، ولم يسجل له حضور واضح في حركة عمّه، إلا بعد عام 2014، فيما كان أول ظهور له على مواقع التواصل الاجتماعي قبل مدة قصيرة عبر تغريدة قال فيها (الكراهية والطائفية خارج مفاهيمي.. بالحوار والمهنية وقبول الآخر تبنى الأوطان).
قرار خاطئ
وأكد الشيخ غيث التميمي، القيادي في التيار الصدري سابقًا، أن اختيار الشاب أحمد هو من أجل تحول التيار الصدري إلى المدنية، وقال: "انشقاق قيادات مهمة في تيار السيد مقتدى الصدر جعله يفقد ثقته بقيادات تياره السياسية والعسكرية، وتقديم السيد أحمد الصدر لقيادة التيار ودفعه إلى الواجهة السياسية يأتي في هذا السياق، لأنه مأمون الجانب من هذه الناحية. أما عن رأيي في الموضوع، فإني أظنه قرارًا خاطئًا، وستكون له عواقب تتسبب بإضعاف التيار.
أضاف: "أتصور أن السيد مقتدى الصدر سيغادر الساحة السياسية في نصف شعبان المقبل، وسيختبر قدرة السيد أحمد على ضبط إيقاع التيار، ولن يعود الصدر إلى الواجهة السياسية إلا قبيل الانتخابات المقبلة في إبريل عام 2018".
تابع: "إن السياق العملي للأسر الدينية هو توريث الرمزية والعمامة والعناوين الدينية، وخصوصًا بالنسبة إلى تيار السيد محمد الصدر، وهو أول مرجع شيعي يؤسس له مكتب يتصدى للشؤون الدينية، بعد وفاته، بقيادة ابنه، وهنا أقصد (مكتب السيد الشهيد الصدر) الذي يديره السيد مقتدى الابن الأصغر للسيد الشهيد رحمه الله".
وأوضح: "قراءتي التي نشرتها في مقال حمل عنوان (خليفة الصدر)، وهي الحلقة العاشرة من سلسلة مقالات (أنا والصدر والصدريين) حول تجربتي، التي امتدت لقرابة 17 عامًا مع السيد الصدر الأب والابن، ذكرت أن التحول نحو المدنية يقتضي وجود وجه مدني لقيادة هذا التيار الشعبي الواسع، لأن السيد مقتدى، ورغم محاولاته الجادة لما أسماه (تمدين) التيار الصدري، لكن الرجل بقي مقيّدًا بعمامته، التحول نحو المدنية يتطلب روح شاب مدني بالأساس، وهو ما يتصف به خريج العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في بيروت السيد أحمد الصدر".
تحوّل نحو المدنية&
من جانبه، قال عامر عبد الحسن، من التيار المدني: "ما أعرفه أن أحمد الصدر ليس من أبناء الحوزات الدينية، وأنه خريج الجامعة الأميركية في لبنان، ولم يسبق له أن ظهر في وسائل الإعلام، ويبدو أن السيد مقتدى الصدر قرر فعلًا تسليم إدارة الملف السياسي في التيار إلى ابن أخيه، بعد شعوره بالإحباط ممّن تعاقبوا على هذا الملف، وانتهت مطالب غالبيتهم إلى الانشقاق عن تياره، كما يبدو أن مقتدى تأثر بالحركة المدنية التي يقودها شباب مدنيون كانوا ولا يزالون مصدر التظاهرات التي تقام أسبوعيًا في ساحة التحرير في بغداد أو المحافظات، ومن خلال اللقاءات، يبدو أن السيد مقتدى، وهو الشاب مثلهم، تحمس كي يكون شيئًا مغايرًا، وإن كان يرتدي العمامة، لذلك وجد أن يظهر على الناس بشكل آخر من خلال ابن أخيه الدارس المتنور في علوم السياسة، وليس الدين كما في الحوزة".
أضاف: "أعتقد أن سلسلة القرارات التي اتخذها السيد مقتدى، ومنها إغلاق الهيئة الاقتصادية التابعة لتياره في الوزارات أخيرًا، تأتي ضمن مشروع الإصلاح للقضاء على الفساد من جراء هذا التقارب بينه والتيار المدني، الذي صار السيد مقتدى يثق به كثيرًا، ومن هنا يمكن القول إن اختيار أحمد الصدر جاء لكي يتصدر واجهة المشروع الإصلاحي".
تابع: "أعتقد أن حكاية الاغتيال ليست صحيحة 100%، إذ ليس من المعقول ألا يخاف مقتدى على ابن أخيه من الاغتيال، فهو سيكون هدف الذين يريدون استهداف مقتدى، وفي هذا أذى كبير للسيد مقتدى أيضًا، لذلك الأمور لا تحتمل غير تأويل واحد، هو أن السيد مقتدى متجه نحو الاعتزال، ومتابعة ابن أخيه من بعيد".
لا نريد للسيد الاعتزال
أما أبو &صادق من التيار الصدري فقد قال: "أعتقد أن التعريف بالشاب أحمد الصدر بعبارة (البقية من آل الصدر) كانت مفاجأة على طريق التوريث، بعدما أعلن السيد مقتدى عن وجود مخطط لاغتياله وبنية التفرغ للشأن الديني. وربما هي بادرة لنقل التيار الصدري إلى المدنية، خاصة أن مقتدى الصدر توثقت علاقته بالتيار المدني، وصارت في ما بينهما لقاءات واجتماعات.
أضاف: "كل ما يأتينا من آل الصدر مبارك، فهم سلالة خير، وهم شجرة مباركة، ولكننا كموالين للتيار الصدري لا نريد للسيد مقتدى أن يعتزل العمل السياسي، ليس لأنه قدوتنا في الحياة، ولكن لأنه الآن مضى في طريق الإصلاحات بقوة، وصارت كل الكتل السياسية تهابه، والعراق بحاجة إليه أكثر الآن، كما إنه عنوان القوة والكرامة للصدريين".
اختيار صائب
إلى ذلك أكد عبد الحسين كولي، من الموالين للتيار الصدري، أن "الاختيار كان صائبًا". وقال: "يبدو أن رغبة السيد أحمد الصدر هي الممارسة السياسية، ذلك لأنه كان متابعًا للوضع السياسي منذ نعومة أظفاره، خاصة أنه حصل على شهادة الماجستير من العلوم السياسية في جامعة بيروت الأميركية، ولأنه من سلالة آل الصدر، ويتمتع بذكاء خارق، لأن العلم وراثة، كما يقول العلماء، والده السيد مصطفى الصدر وأمه ابنة الشهيد الأول السيد محمد باقر الصدر، وخاله السيد جعفر الصدر، وعمه السيد مقتدى الصدر.. لذلك هذا الشاب كان أولى من غيره بعالم السياسة، فأفعال الرجال لا تقتصر على العمر، بل على مضمونها".
يذكر أنه في أول ظهور إعلامي رسمي، إلتقى أحمد الصدر، رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، كما إنه خلال أسبوع واحد التقى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس الوزراء حيدر العبادي، واجتمع السبت الماضي، في إربيل مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، لكونه رئيس (لجنة التيار لمشروع الإصلاح)، وسلمهم رسميًا نسخًا من مشروع "إصلاح الانتخابات وانتخاب الإصلاح" ومشروع "ما بعد تحرير الموصل" لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
&
التعليقات