يرى خبراء أن انتخاب إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وأعلنت قبولها دولة فلسطينية على حدود 1967، إشارة جديدة ترسلها الحركة الإسلامية محاولة تقديم نفسها كمحاور سياسي ودبلوماسي بديل إلى الفلسطينيين والخارج.

إيلاف - متابعة: انتخب مجلس شورى حماس السبت هنية رئيسًا للمكتب السياسي لأربع سنوات خلفًا لخالد مشعل، بمشاركة قادة الحركة في مختلف مناطق وجودهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والشتات.

وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حماس منظمة "إرهابية"، ويخضع عدد من قادتها لعقوبات أميركية ودولية، والعلاقات متوترة بين حماس وعدد من الدول العربية. وسيطرت حماس على قطاع غزة عام 2007 بعد طرد السلطة الفلسطينية منه، وخاضت ثلاث حروب مع إسرائيل منذ عام 2008.

شاركت في الانتخابات التشريعية من دون انضمامها إلى منظمة التحرير الفلسطينية، التي يعترف بها دوليًا ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني.

ويرى خبراء أنّ الهدف من التحول في موقف حماس، التي نشأت في 1987، هو تخفيف عزلة الحركة والدخول في لعبة المفاوضات الدولية المتعلقة بتسوية القضية الفلسطينية.

وأعلنت الحركة الاثنين الماضي عن وثيقة جديدة وافقت فيها على إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، واكدت فيها أن "الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعًا مع اليهود بسبب ديانتهم، وحماس لا تخوض صراعًا ضد اليهود لكونهم يهودًًا، وإنَّما تخوض صراعًا ضد الصهاينة المحتلين المعتدين".

مدرسة الاعتدال
وقال المحلل السياسي مخمير أبو سعدة إن "هنية ينتمي إلى مدرسة الاعتدال السياسي التي ينتمي إليها مشعل". أضاف أن هنية "هو الشخص الاكثر أهلية لإكمال المسيرة (...) من أجل تسويق الوثيقة عربيًا ودوليًا (...) وتقديري أنهم يسيرون في الاتجاه المعتدل والمرونة في الوضع الداخلي والعربي والدولي ومع إسرائيل".

وقال مسؤول أوروبي في القدس اشترط عدم الكشف عن اسمه إن السياق الحالي قد يخدم حركة حماس. وأوضح أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "في وضع صعب".

ويندد العديد من الفلسطينيين بفساد المؤسسات، بينما يتهم سكان غزة السلطة الفلسطينية بالسعي إلى خنق القطاع الفقير والمحاصر عبر تخفيضات في الميزانية. إضافة إلى ذلك، فإن خيار عباس اتخاذ خطوات دبلوماسية صغيرة على الساحة الدولية لم يحقق أي نجاح.

إحراج لعباس
وقال المسؤول الأوروبي إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يعطِ أي إشارة واضحة إلى أنه يقبل بالمطالب الأساسية لعباس".
وأضاف أنه توجد في هذا السياق "عمليتان دبلوماسيتان متوازيتان (...) من ناحية، هناك (العملية) التي يقودها عباس لدى الولايات المتحدة، والتي قد تخيّب آمال الفلسطينيين، والأخرى هي حماس، التي تتحول إلى الأوروبيين" الذين يتمتعون بعلاقة فاترة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.

ومع انتخاب هنية، وتعديل برنامج حماس، باتت لدى الحركة وسائل "لتعزيز العلاقات مع أولئك الذين دخلوا بالفعل في حوار معها"، وتفتح الباب أمام الذين كانوا يرفضون الحوار معها، الأمر الذي يمكن في نهاية المطاف أن "يفاجئ النقاد، ويضع عباس في موقف حرج".

من جهته، رأى أبو سعدة أن هنية "سيسير على خطى مشعل لتعزيز علاقة حماس مثًلا مع المحور السني المعتدل في المنطقة، أي مصر والسعودية والأردن وقطر وتركيا".

اعتراضات متشددين
وبحسب المسؤول الأوروبي، فإنه في حال تمكن هنية من النجاح فإنه سيتمكن من تحقيق "إنجاز دبلوماسي وفي نهاية الأمر من تغيير الموقف الأوروبي تجاه حركة حماس".

لكن يتوجب عليه أن "يوحد حركته وراءه"، بينما تحدثت وسائل الإعلام في غزة بالفعل عن اعتراضات من أعضاء الجناح الأكثر تشددًا في الحركة الإسلامية عقب الإعلان عن التعديلات الجديدة والوثيقة.

وانتخب القيادي يحيى السنوار، أحد مؤسسي الجناح العسكري للحركة في فبراير الماضي، رئيسًا لمكتبها السياسي في قطاع غزة. وعكس انتخاب السنوار صعودًا للتيار المتشدد في القطاع الفقير والمحاصر.