انتخب مجلس شورى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السبت إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا لخالد مشعل بمشاركة قادة الحركة في مختلف مناطق وجودهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة والشتات.
إيلاف - متابعة: فاز هنية على المرشحين موسى ابو مرزوق ومحمد نزال المقيمين في قطر. وتستمر دورة رئاسة المكتب السياسي أربع سنوات.
ولد اسماعيل هنية في سنة 1963، وهو مقيم في مخيم الشاطئ في قطاع غزة الذي تسيطر عليه الحركة منذ 2007، وتحاصره إسرائيل منذ 2006، في حين يقيم مشعل في قطر، وتولى رئاسة المكتب السياسي لفترتين.
يأتي انتخاب هنية ولقبه "ابو العبد" بعد أيام من صدور وثيقة لحماس، تعلن فيها قبولها بقيام دولة فلسطينية على الاراضي المحتلة في 1967.
وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس لفرانس برس برس ان انتخاب هنية جرى "بشفافية"، وانه "تأكيد على ان الاخوة في الداخل والخارج يتوافقون على مصلحة الحركة (...) وعلى انه لا يوجد اختلاف بين قيادة الحركة بالداخل والخارج على من هو رئيس المكتب السياسي". اضاف ان "الهدف الاساسي الذي يوجه هذه الانتخابات هو اين مصلحة الحركة ومصلحة الشعب الفلسطيني".&
تابع: "بالتالي فان انتخاب الاخ اسماعيل هنية هو تتويج لدورات سابقة خاضها كثير من قيادات هذه الحركة (...) والاخ ابو الوليد (خالد مشعل) دشن مرحلة جديدة في الانفتاح على الاقليم وعلى المجتمع الدولي ووثيقة حماس السياسية الاخيرة. والاخ ابو العبد سوف يكمل هذا المشوار بما يضمن تحقيق كل طموحات وأهداف الحركة التي تنسجم مع اهداف وطموحات الشعب الفلسطيني".
وتؤكد حماس، التي تعدها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي حركة "إرهابية"، وتستهدف قادتها بعقوبات، ان الوثيقة الجديدة لا تمثل بأي حال اعترافا بحق إسرائيل في الوجود.
وكتب المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي الكولونيل بيتر ليرنر السبت على تويتر: "آمل في أن يتخذ هنية قرارات سليمة بالنسبة الى الفلسطينيين الذين يتطلع الى قيادتهم".
تخفيف العزلة
ويرى خبراء أنّ الهدف من التحول في موقف حماس التي نشأت في 1987 هو تخفيف عزلة الحركة والدخول في لعبة المفاوضات الدولية المتعلقة بتسوية القضية الفلسطينية.
واعلنت حركة الجهاد الاسلامي السبت رفضها لوثيقة حماس، رغم التحالف الاستراتيجي بين الحركتين. وقال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة تعقيبا على وثيقة حماس "لا نرحب بقبول حماس بدولة فلسطينية في حدود 1967، لأن هذا برأينا يمس بالثوابت، ويعيد إنتاج المتاهة التي أدخلنا بها البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير".
وتعد حركة الجهاد الإسلامي التي تأسست إثر الثورة الإسلامية في إيران، القوة الثانية في قطاع غزة وتركز عملها على الكفاح المسلح. وقال المحلل السياسي مخمير أبو سعدة أن "هنية ينتمي الى مدرسة الاعتدال السياسي التي ينتمي اليها مشعل وسيكون على خطى مشعل لتعزيز علاقة حماس مثلا مع المحور السني المعتدل في المنطقة اي مصر والسعودية والاردن وقطر وتركيا".
وأضاف ان هنية "هو الشخص الاكثر أهلية لاكمال المسيرة (...) من اجل تسويق الوثيقة عربيا ودوليا (...) وتقديري انهم يسيرون في الاتجاه المعتدل والمرونة في الوضع الداخلي والعربي والدولي ومع اسرائيل".
تدارك "ولكن اذا لم يتجاوب العالم مع هذه الوثيقة السياسية الجديدة واذا استمر أبو مازن (الرئيس محمود عباس) في اجراءاته العقابية تجاه حماس وتحالفت الدول العربية مع ابو مازن في هذا الطريق، فهذا سيؤدي على المدى البعيد الى انحراف حماس ومرة ثانية نرجع لقصة المحور الايراني والشيعي، لانه اذا حشرت حماس في الزاوية، فان المخرج بالنسبة اليها سيكون ايران".
ورحبت كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة فتح، في بيانات مقتضبة، بانتخاب هنية، الذي قال المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية في غزة وليد المدلل عنه إنه من قيادات حماس الشابة، ووصفه بانه شخصية "معتدلة ولديه قبول اقليمي وعربي، فضلا عن قبول شعبي واسع ومهارة في مخاطبة الجماهير". واضاف انه "رجل وسطي يحافظ على مسافة واقعية ومنطقية من الآخرين ويختار عباراته بدقة".
من مخيم للاجئين إلى قائد براغماتي
يعد اسماعيل هنية الذي انتخب السبت رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس زعيما يتمتع بكاريزما عالية عاش حياة متواضعة في قطاع غزة ويمثل الجناح الأكثر براغماتية للحركة الإسلامية.
يتسلم هنية البالغ من العمر 54 عامًا رئاسة الحركة، في وقت تسعى حماس إلى التخفيف من عزلتها الدولية من دون تهميش أعضائها المتشددين. وأعلنت حماس، المصنفة "إرهابية" في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، الاثنين عن صيغة معدلة لوثيقتها السياسية تعكس توجها أكثر اعتدالًا بقليل، ولكن من دون التراجع عن موقفها بعدم الاعتراف باسرائيل.&
سيحل هنية محل خالد مشعل، الذي يعيش في منفاه في الدوحة، حيث أكمل الحد الأقصى له في رئاسة المكتب السياسي، المتمثل بفترتين. وبخلاف مشعل، سيبقى هنية في قطاع غزة، الجيب الفلسطيني الصغير الذي تديره حماس، والذي خاض ثلاث حروب ضد اسرائيل منذ عام 2008، ويرزح تحت حصار اسرائيلي منذ عشر سنوات.
يقيم هنية في منزل متواضع في أحد أزقة مخيم الشاطئ الضيقة في القطاع، حيث يخضع منزله لحراسة دائمة. والمخيم هو نفسه الذي ولد فيه عام 1963 بعدما هجر والداه اثر النكبة وقيام دولة اسرائيل عام 1948 من عسقلان، التي باتت اليوم جزءًا من اسرائيل ومتاخمة للحدود مع قطاع غزة.&
لدى هنية 13 ابنًا وبنتًا. وتعلم في مدرسة تديرها الأمم المتحدة للاجئين، قبل أن يتخرج لاحقا من الجامعة الإسلامية ويصبح مديرا للشؤون الأكاديمية فيها. لطالما أشارت حماس إلى الخلفية الاجتماعية المتواضعة التي جاء منها والمناقضة لحال المسؤولين في السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس المتهمين بالفساد وباتباع سياسات تتماشى مع رغبات اسرائيل أو الولايات المتحدة.&
سجنت اسرائيل هنية مرات عدة خلال الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987. وفي ديسمبر 1992، تم ترحيله مع المئات من أعضاء الحركة ومقاتلي حركة الجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان.&
فوز مفاجئ&
برز اسمه منذ أن تولى ادارة مكتب مؤسس حماس، الشيخ أحمد ياسين، الذين كان مصابًا بشلل رباعي، واغتالته اسرائيل عام 2004. نجا هو من الاغتيال في سبتمبر عام 2003 عندما قصفت طائرة اسرائيلية منزلا كان يعقد فيه اجتماعًا مع ياسين. ومع ذلك، كان لهنية دور رئيس في وقف هجمات حماس داخل اسرائيل منذ بداية عام 2005.&
في العام التالي، قاد الحركة نحو تحقيق فوز صادم في الانتخابات التشريعية، مقابل حركة فتح التي يتزعمها عباس، وأصبح بذلك رئيسا للوزراء. إلا أن المجتمع الدولي رفض التعامل مع أي حكومة تشارك فيها حماس ما لم تتخل عن العنف وتعترف باسرائيل وباتفاقات السلام السابقة.&
وصلت الأمور بذلك إلى طريق مسدود، حيث تزايدت التوترات بين حماس وفتح، التي بلغت ذروتها مع سيطرة الحركة الإسلامية على غزة. وفي يوليو عام 2006، قصفت اسرائيل مكتب هنية كجزء من عملية ضخمة، ولكن فاشلة لتحرير جندي وقع في قبضة مسلحين، بينهم مقاتلون من حماس.&
يجسد هنية، الخطيب المفوه المدافع بقوة عن الحق في المقاومة، ويظهر مرتديًا بدلات ذات طابع غربي، الصراع الداخلي الذي تعيشه حماس بين التقليدي والحديث وبين المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي والتيار السياسي السائد. &ولطالما أقلقت الغرب معتقداته الراسخة بأن أي دولة فلسطينية مستقبلية يجب أن تدار بناء على قوانين "مستلهمة من الشريعة الإسلامية". لكن المحيطين به يصفونه بأنه رجل "متوازن" و"وسطي". &
&
التعليقات