إيلاف: أماطت الأزمة الراهنة بين قطر وجيرانها الخليجيين وبعض الدول العربية اللثام عن دور تخريبي أدته الدوحة في أكثر من بلد عربي، ولا سيما في لبنان، بتوجيه واضح من إيران وتنسيق مع النظام السوري وحزب الله.
شكرًا قطر!
من الوقائع الدموية لحوادث مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال&لبنان في عام 2007، وما كشفته بعض الوثائق الجديدة عن تورط مؤسسة "عيد آل ثاني الخيرية"، التي تتخذ من قطر مقرًا لها، في دعم عناصر فتح الاسلام الذين خاضوا آنذاك حربًا شرسة ضد الجيش اللبناني وتمويلهم، ومفارقة إعلان أمين عام حزب الله حسن نصرالله في حينه أن مخيم نهر البارد خط أحمر، معترضًا على دخول الجيش إلى المخيم لاستئصال فتح الاسلام، إلى حوادث 7 مايو 2008، كل هذه الحوادث لقطر بصمة فيها، تجلت في موقفها الذي اتسم بالغرابة إزاء ممارسات عناصر حزب الله في شوارع بيروت.&
غير أن توهج العلاقة بين الطرفين يعود إلى ايام حرب يوليو 2006، حين تعمدت قطر في اعقاب هذه الحرب تمويل مشروعات إعادة إعمار الجنوب اللبناني من خلال مؤسسات حزب الله، وليس من خلال الدولة اللبنانية كما فعلت السعودية والكويت والامارات، وكانت العبارة الشهيرة "شكرًا قطر" تشاهد بكثرة في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع والجنوب اللبنانيين.&
&
&
لا بد من التذكير هنا أن بعد اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، وفي خضم الموقف العربي الدولي المندد بالنظام السوري، حافظت قطر على علاقتها بهذا النظام وبحزب الله، كما اعلنت صراحة رفضها مشروع المحكمة الدولية.&
دعم الجماعات السلفية&
في هذا السياق، يقول الصحافي السعودي أحمد عدنان، الخبير بالشؤون اللبنانية، إن قرار إسقاط حكومة سعد الحريري الأولى صدر من السفارة القطرية في بيروت، في إثر اجتماع بين السفير القطري والخليلين، أي الوزير الحالي علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل.
لم تكتفِ قطر بعلاقتها بحزب الله، بل عمدت إلى دعم الجماعات السلفية المتطرفة في لبنان. وتقول المعلومات إنها سخت في دعمها المالي لرجل الدين أحمد الاسير، الذي حارب الجيش اللبناني في ما بات يعرف بـ «معركة عبرا» في صيدا، ودعته رسميًا لزيارة قطر.
في مدينة طرابلس شمال لبنان، دعمت قطر ما يسمى تيار اهل السنة بزعامة الشيخ سالم الرافعي، بوجه عدد من المكونات والرموز السلفية الأخرى، ما أدى إلى تفشي حالة التشرذم على الساحة الطرابلسية. كما رعت في أغسطس 2008 وعبر موفدين لها في بيروت عملية توقيع تفاهم بين حزب الله ومتطرفين سلفيين، وهم أنفسهم الذين يطلق عليهم الحزب اليوم تسمية "التكفيريين".&
وفي المرحلة الحالية، ثمة من يؤكد أن بعض أطراف الحراك المدني الذي يعتصم ويتظاهر في شوارع العاصمة اللبنانية على اتصال دائم بطرف أمني قطري في بيروت، وأن الأجهزة الأمنية في أعلى مستوياتها على علم بالأسماء من الجهتين.
حذر قديم&
يقول النائب السابق مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري، لـ«إيلاف»: «لدينا حذر من الدور القطري منذ فترة طويلة، لكن هذا لا يلغي أن في مراحل كثيرة، ساهم القطريون بأعمال خيرية وأخرى لها علاقة ببناء المشروعات وتنفيذها، إلا أن الشيء الواضح هو دعم قطر لحزب الله من عام 2006، وربما قبل ذلك، وكان لذلك ضرر كبير على لبنان، كما ارتد سلبًا على قوى "14 آذار"، إذ زاد من مغالاة حزب الله على اعتبار أن طرفًا عربيًا يؤيده».
أضاف: «أما بالنسبة إلى القضايا السرية المتصلة بتمويل المجموعات المسلحة، فكل ما لدينا هو كلام متناقل عن تأييد قطر التطرف والمسلحين وبعض الحركات، لكن في الواقع ليست لدينا أدلة واضحة المعالم على ذلك، في الاقل بالنسبة إليّ كسياسي، انما لدى استخبارات الجيش اللبناني معطيات كثيرة، وضمنها مسألة دعم المسلحين في طرابلس للاستمرار في القتال، ودعم مناوئين للحريري بالذات».&
لا أستغرب
وحول قرار اسقاط حكومة الحريري الأولى المتخذ في السفارة القطرية ببيروت، يقول علوش: «ربما ينكر القطريون هذا الكلام، لكن لا استغرب أن تكون قطر مشاركة في عمل كهذا، ففي الأساس، لعبت الوساطة القطرية مع فرنسا ورئيسها السابق نيكولا ساركوزي الدور الأساس في إعادة بشار الأسد إلى المجتمع الدولي في وقت نبذه العالم في عام 2008، وكانت الرياض آنذاك تريد إعادة اللحمة العربية وانتزاع الاسد، وفق المنطق القطري طبعًا، من الحضن الايراني وتعرية إيران وحزب الله، لكن مع الأسف هذا الامر لم ينجح».
فبعد صفقة الغاز الشهيرة، يضيف علوش، انفتح الفرنسيون على الأسد، «وحصلت حوادث 7 مايو، وكثير من المعطيات يؤكد أن الاستخبارات القطرية، بالتعاون مع الاستخبارات الفرنسية، أدت دورًا كبيرًا في إفساح المجال أمام وقوع هذه الحوادث».
يستعيد علوش الموقف القطري الرافض مشروع المحكمة الدولية، يقول: «تعرف الدوحة أن المحكمة ستدين اطرافًا كانت متحالفة معها في ذاك الوقت كحزب الله والنظام السوري، وطلب النظام السوري إيجاد طريقة كي لا تتهمه المحكمة، في مقابل عودته إلى المسار العربي، لكن تبين أن هذا خدعة من قطر. فثمة خيوط كثيرة تدين حكام قطر، لكنها قد لا تؤدي إلى اتهام، والاستخبارات تملك المعلومات الوافية، بينما نحن لا نملك الا المعطيات المبنية على التحليل».
التعليقات