انتقد البطريرك لويس ساكو الأحزاب المسيحية بشدة ونعتها بـ"الانقسام والفشل والتبعية"، في وقت وصف فيه النائب عن كتلة الرافدين النيابية عماد يوحنا، اليوم الأحد، تصريحات مقرر البرلمان العراقي معمار اوغلو بأنها "تحريضية ومشجعة على الكراهية"، وطالبه بالاعتذار للمسيحيين في العراق
محمد الغزي: انتقل توتر في منطقة سهل نينوى بين المسلمين والمسيحيين الى قبة البرلمان العراقي ليتجسد في مشادة بين النائمين معمار اوغلو وهو تركماني مقرر للبرلماني العراقي وعماد يوحنا وهو نائب مسيحي حمل على المقرر اوغلو لتهجمه على الفاتيكان، معتبرا ان تصريحاته مشجعة على الكراهية، فيما طالب بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو الأحد الاسرة الدولية بمساعدة ابناء جلدته للبقاء في ديارهم لاسيما العراق، وذلك في وقت اثار في اعتماء مسلحين على مسنة مسيحية في بغداد موجة استياء كبيرة.
وطالب ساكو الأحد الاسرة الدولية بمساعدة ابناء جلدته للبقاء في ديارهم لاسيما العراق، مشيرا في الوقت نفسه الى وجود رغبة لدى الكثيرين للعودة الى بلادهم بعد "تحسن" الاوضاع فيها.
وتعرض المسيحيون في العراق الى اعمال عنف منذ عام 2003 مما دفع الكثير منهم الى مغادرة مناطقهم الى اوروبا وأميركا طلبا للامان.
وكان تعداد المسيحيين في العراق يصل الى 1.5 مليون نسمة ويعتقد أنه وصل الان الى اقل من النصف رغم دعوات متكررة للتشبث بأرضهم.
وقال ساكو في بيان قبل مغادرته الى الفاتيكان، ومنها الى الولايات المتحدة الاميركية بحسب مصادر خاصة بـ"ايلاف" اليوم الاحد "أدعو دول العالم والمجتمع الدولي للنظر الى أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط وأهمية مساعدة الجماعات المسيحية على البقاء في بلادها"، مؤكدا ان "المسيحيين في الشرق الأوسط يعانون من مشاكل كبيرة وفي طليعتها الاضطهاد".
ولفت الى ان "المسيحيين في المنطقة يؤدون رسالة بالغة الأهمية خصوصا وأنهم يشهدون لقيمهم الأساسية بالنسبة للمنطقة ولاسيما بالنسبة للعالم الإسلامي"، مشددا على اهمية "يساعد المسيحيون أخوتهم المسلمين لمواجهة ومحاربة المتطرفين والانفتاح أكثر واحترام الجميع دون تمييز".
عودة بطيئة
وقال ساكو إن "الأوضاع تحسنت بعض الشيء قياسا بالماضي، لكن الخوف من المستقبل ما يزال قائما نظرا لاستمرار الصراعات المسلحة ولأن داعش لم يُهزم بعد والناس يخافون من هذه الأيديولوجية القوية وهذا الفكر الذي يقف في المرصاد أمام غير المسلمين".
وأشار ساكو الى أن "عودة النازحين الى مناطق سهل نينوى تتم بشكل بطيء ونحتاج لمزيد لإعادة اعمارها"، لافتا إلى أن "الكنيسة الكلدانية باشرت بإعادة اعمار المنازل (حيث أن) المسيحيين يرغبون في العودة إلى ديارهم، لكن الصعوبات ما تزال قائمة".
ومناطق سهل نينوى تقع الى الشمال والشمال الشرقي لمدينة الموصل وتضم بلدات عديدة يقطنها مسيحيون وشبك وايزيديون ومكونات دينينة اخرى.
وافرغ تنظيم داعش تلك المناطق من سكانها الاصليين في اعقاب اجتياح مدينة الموصل وما حولها قبل نحو ثلاث سنوات وارتكب فيها واحدة من اسوأ مجازره.
وتم تحرير جميع مناطق سهل نينوى ومدينة الموصل بأكملها بعد معارك شرسة انتهت بهزيمة تنظيم داعش الذي اعلن "خلافة" مزعومة واستهدف الاقليات بشكل ممنهج وعنيف.
المسيحيون ومحنتهم
ساكو عبر عن قلقه لتأخير إعمار سهل نينوى المحرر، ولفت الى أن المسيحيين يشعرون بالخطر في هذه المنطقة المقطعة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، فيما عزا سبب تلك "المحنة" الى ما وصفه بأنه "انقسام وفشل وتبعية" الأحزاب المسيحية ومحاولة احتكار الموقف المسيحي لصالح من يدفع أكثر.
وقال "إذ نستذكر مرور ثلاث أعوام على نكبة مسيحيي بلدات سهل نينوى الموجعة والتي ستبقى شاخصةً في الذاكرةنعرب باسم البطريركية الكلدانية عن قلقنا وحزننا العميق لتأخر عملية إعمار البيوت والبنى التحتية المدمرة وإعادة الخدمات"، مشيرا الى أن "ذلك يعيق عودة النازحين إلى ديارهم، بالرغم من تحريرها منذ أشهر".
وحمل ساكو باسم البطريركية الكلدانية الأحزاب المسيحية "قسطاً كبيراً من مسؤولية ما يعيشه المكون المسيحي من معاناة وارتباك"، معتبرا أن "جانباً كبيراً من هذه المحنة، سببها انقسام هذه الأحزاب وتبعيتها، وفشلها في توحيد صفها"، لافتا الى أن "بعض تلك الأحزاب تبحث عن مصالح خاصة، خصوصا عندما يحاول اختزال الموقف المسيحي واحتكاره للسيطرة على القرار لصالح من يدفع أكثر لإنجاح مشاريعه".
حوادث الحمدانية ومستقبل الموصل
وردت البطريركية الكلدانية، في بيان منفصل لها، على الانباء التي تناقلتها بعض وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي عن اتهام احد عناصر القوات الامنية لقائممقام الحمدانية والمسيحين باستهداف المسلمين في حين شددت الى انها تقوم بتقديم مساعداتها لأكثر من 28 الف عائلة مسلمة.
وقالت البطريركية ان "ما نشره مواطن عراقي يعرف باسم (عبد الهادي حسن سعيد) في وسائل التواصل الاجتماعي عن الاجراء بحقه انه كان طائفيا ضد المسلمين والذي تم تهديم منزله المتجاوز فهذا لا يمت الى الحقيقة بصلة، كذلك تهجمه على القائممقام وكاهن البلدة واتهامهما بالطائفية".
واضافت "لقد تابعت البطريركية منذ البداية موضوع التجاوزات في بلدة (كرمليس) التابعه لقضاء الحمدانية مع الحكومة المركزية وقيادة الحشد الشعبي والإدارة المحلية في الحمدانية، وتجاوبت كل الأطراف مشكورة مع تطبيق القانون ورفع التجاوزات".
ووصفت البطريركية خلال بيانها التصرف بانه "معيب وخصوصا انه صادر من مناضل ضد داعش كونه احد عناصر الحشد الشعبي، فاذا كان له الحق فلابد ان يتوجه الى الجهات القانونية لإحقاقه"، مؤكدة ان "المتجاوزين كانا مسيحيان من اهل البلدة واثنان مسلمان – شبك من اهل البلدة أيضا وتم رفع التجاوزات الأربعة".
يوحنا مهاجما اوغلو : عليه استنكار دخول الجيش التركي الى بعشيقة
من جهته انتقد النائب عن كتلة الرافدين عماد يوحنا، اليوم الاحد، تصريحات النائب نيازي معمار اوغلو، حيث وصفها بأنها تصريحات مشجعة على الكراهية، مطالباً الاخير بالاعتذار للديانة المسيحية.
وقال يوحنا في مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب،بعد مشادة في تحت قبته ان "تصريحات النائب نيازي معمار اوغلو، تحريضية ومشجعة على الكراهية، حيث صرح بذلك على خلفية فيديو يبين تنفيذ القانون من قبل قائمقام الحمدانية من المكون الكلداني"، مبينا ان "النائب اصر على توجيه التهم الى المكون المسيحي على الرغم من شرح الموضوع له".
واضاف ان "من المؤسف وصف المسيحين بالطائفة وهو تصغير وتسويف لمكون قومي كلداني سرياني اشوري اصيل، ومؤسس للدولة العراقية، حيث كانت الديانة الاولى في العراق، وكان تعداد الديانة في عام 1997 اكثر من مليون ونصف، واليوم اصبح يسمى اقلية".
واوضح ان "اوغلو زج الفاتيكان بالموضوع للتحريض واعطاء صورة للتعامل مع الاجنبي، والفاتيكان هي اسمى ان توصف بهذه التهم".
واشار الى ان "الدولة العراقية جميعها تتعاون مع الاميركان ولو فتشنا بملفات الاميركان، لوجدنا النائب اكثر الناس تردد على السفارة الاميركية ويطلب الدعم منها"، مبينا "كان الاولى بالنائب استنكار دخول الجيش التركي الى بعشيقة، قبل اكثر من سنة، وهو نفس النائب كان يشرع بقاء القوات".
وتسائل يوحنا "اين كان ضمير النائب عندما شاهد الصور المؤملة التي نشرت حول اطفال ونساء الايزيديين الذين تم سبيهم من قبل داعش"؟.
رحو: دور المسيحيين تغتصب في ايسر الموصل
واشار الى ان "فيديو هدم احد الدور لمواطن لديه محلات وسيارات، تجاوز على المال العام، ويدعي انه فقير ومجاهد في الحشد الشعبي"، مؤكدا ان "الحشد مقدس بافعاله وليس بالتجاوز على المال العام".
وطالب يوحنا "النائب نيازي معمار اوغلو الى تقديم الاعتذار الى الديانة المسيحية لتجاوزه في التصريحات عليها، ولانها الديانة التي لم تدخل يوما في الصراعات الطائفية".
وكان النائب نيازي معمار اوغلو قد انتقد استخدام القوة المفرطة ضد احد المواطنين في سهل نينوى، الا ان كتلة الرافدين بينت ان المواطن الذي هدم داره من المتجاوزين على المال العام.
بدوره قال غازي رحو الأمين العام لاتحاد الإحصائيين العرب ورئيس مجلس الطوائف المسيحية لـ"ايلاف" ان تهجم اوغلو على الفاتيكان "امر مؤسف"، مبينا ان هذا التصرف من السيد اوغلوا "لن يثنينا نحن العراقيين المسيحيين من ان نكون قريبين الى إخوتنا التركمان ".
وأضاف " يبدو ان السيد اوغلوا تناسى ان دور المسيحيين في الجانب الأيسر من الموصل انتهكت وتم اغتصابها من قبل الآخرين ".
وتابع مبينا " للأسف ان عمليات الاغتصاب تجددت مرة أخرى خلال الأيام القليلة الماضية، منوها إلى أن هذه الأعمال تسيء إلى العقد الاجتماعي بين أبناء الموصل ما يتطلب أن يتدخل المسؤولون لإعادة هذه الدور إلى أصحابها"، محذرا من أن ذلك "سيمنع عائلات المسيحيين والمكونات الأخرى في المدينة من العودة إليها".
اعتداء على مسيحية يهز بغداد
وفي بغداد تعرضت مسنة مسيحية تدعى ام سرجون الى هجوم من قبل مسلحين سطو على منزلها وانهالوا عليها بالضرب المبرح وبالساطور في حادث اثار ضجة كبيرة حول مستقبل المسيحيين في بغداد ، واظهرت صور حصلت عليها " ايلاف" اثار الاعتداء وقسوته حيث عُذبت هذه العجوز بطريقة وحشية بعد السطو على منزلها.
وتعهدت وزارة الداخلية بالقبض على المسلحين الذي داهموا منزل السيدة "شوشن" هي أرملة داود زيا البرواري في منطقة الدورة بغداد وتسكن قرب كنيسة مار كوركيس منذ 40 عاما وترفض الهجرة وترك العراق حيث تقيم لوحدها في المنزل.
التعليقات