تتصاعد بشكل خطير الاتهامات بين القوى العراقية على ضوء قرار محافظة كركوك المشاركة في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق، وتفجرت خلال الساعات الأخيرة حملة اتهامات بين قوى شيعية هددت بقتال الدولة الكردية الموعودة، وأخرى كردية سخرت من هذه التهديدات، وأكدت الإصرار على تقرير المصير.

إيلاف: قال زعيم جماعة عصائب أهل الحق الشيعية قيس الخزعلي إن موضوع إدخال كركوك ضمن الإستفتاء هو أمر خطير للغاية، ويجب أن يكون أمامه موقف رسمي واضح وحاسم، لأنه مخالفة قانونية ودستورية صارخة، ولا بد من رد فعل يتناسب مع حجم التهديد، واصفًا مواقف ورد فعل الجهات السياسية السنية والمسؤولين في البرلمان بالضعيفة. 

وردًا على توجه رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لإجراء استفتاء للانفصال، قال: "نحن لا نُناقش في مسألة تحديد المصير، فمن لا يريد العراق، نحن أيضًا لا نريده، ولكن يا مسعود إذا حصل الإنفصال، ستكون الأراضي العراقية التي تسيطرون عليها محتلة، وحينها لن يقبل أي عراقي من حكومة أو برلمان أو أي عراقي شريف باحتلال جزء من بلده، ونحن لدينا تجارب سابقة في التعامل مع الإحتلال، خاصة وأن العراق اليوم أقوى سياسيًا وأقوى وطنيًا وأقوى عسكريًا، بعد الإنتصارات التي تحققت، ولديه حشد شعبي فموازين القوة إختلفت تمامًا، بينما لم تستطع البيشمركة الدفاع عن أربيل، عندما وصل الدواعش إليها، وكذلك إنهزمتم بالأمس أمام حزب العمال التركي الكردستاني".

وخاطب الخزعلي الشعب الكردي قائلًا: "كلامنا إلى أبناء الشعب الكردي.. حذاري حذاري من السعي والمشي خلف أحلام البارزاني العائلية، وهو الذي تعاون مع صدام، فهو يريد أن يجعل منكم حطبًا لمحرقة حروبه، ونحن ملتزمون الدفاع عن بلدنا". 

شعار آخر مؤيد للانفصال في أربيل


وهاجم منتقدي الإتفاق، الذي عقده حزب الله اللبناني والجيش السوري مع الدواعش، وقال إن "الآراء حول هذه المسألة إنقسمت إلى ثلاث جهات: جهة المُحبين، وجهة المحايدين، والثالثة الأعداء والخصوم".

وكانت أحزاب كردية قررت خلال اجتماع عقد في أربيل في السابع من يونيو الماضي برئاسة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني تحديد يوم 25 سبتمبر المقبل موعدًا لإجراء استفتاء شعبي حول الاستقلال يتمحور حول استطلاع رأي السكان بمناطق إقليم كردستان وأخرى متنازع عليها خارجها بشأن ما إذا كانوا يرغبون في الاستقلال عن العراق أم لا. 

الأكراد: تهديدات الخزعلي لا تخيفنا
على الفور رد الأكراد على تهديدات الخزعلي بالتأكيد على أنها لا تخيفهم، مشيرين إلى أنها مدفوعة الثمن من قبل إيران، التي ترفض الاستفتاء.

وقال رشاد كلالي عضو الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، إن الشعب الكردي الذي قارع "دكتاتورية وبطش صدام حسين" لن تخيفه تهديدات قيس الخزعلي.

أضاف أن تصريحات الخزعلي "مدفوعة الثمن"، منوهًا بأن "التهديدات والتصريحات التي تصدر سواء من الخزعلي أو غيره لن تثني الكرد في خيارهم نحو تقرير المصير".. مبينًا أن "تلك التصريحات مدفوعة الثمن، وتأتي من جهات تأخذ قراراتها من خلف الحدود"، في إشارة إلى إيران، التي ترفض بشدة استفتاء الأكراد على الانفصال.

وشدد كلالي على أن "أهالي المناطق المتنازع عليها هم من سيقررون مصير تلك المناطق، ولا يوجد أي احتلال أو إجبار على الانضمام إلى كردستان" كما نقلت عنه وكالة "بغداد اليوم"، موضحًا أن "الدستور العراقي هو من كفل حق أي منطقة من المناطق بتقرير مصيرها". وأشار إلى أن هذه التصريحات والتهديدات هي إدانة ودليل واضح على حجم الفوضى التي تحكم بغداد".

وكان مجلس الحكومة المحلية لمحافظة كركوك العراقية الشمالية المتنازع عليها قد وافق الثلاثاء الماضي وسط مقاطعة ممثلي العرب والتركمان على قرار يقضي بمشاركة المحافظة في الاستفتاء على انفصال إقليم كردستان المقرر في 25 من الشهر المقبل، وتقديم طلب إلى المفوضية العليا للانتخابات والاستفتاء في الإقليم لإجراء الاستفتاء بالمحافظة.

وقد صوّت لمصلحة القرار 24 عضوًا في مجلس المحافظة من بين 41 عضوًا يضمهم لمصلحة إجراء استفتاء الانفصال بعد كلمة لمحافظ كركوك نجم الدين كريم دعا فيها أعضاء مجلس المحافظة إلى التصويت على طلب إشراك المحافظة في الاستفتاء. 

يقود المحافظ كريم القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني حملة محمومة لإشراك المحافظة في استفتاء الانفصال لتكون الرابعة من المحافظات التي ستشارك، وهي محافظات الإقليم الثلاث إربيل والسليمانية ودهوك.

ويضم مجلس حكومة كركوك المحلية 41 عضوًا: 26 لقائمة التآخي الكردية، و9 للتركمان، وستة للعرب. وكان قد تم انتخابه عام 2005 خلال انتخابات مجالس المحافظات العراقية التي جرت آنذاك، ومن وقتها فقد حالت الخلافات بين مكونات المحافظة دون انتخاب مجلس جديد.

يذكر أن انفصال الأكراد عن العراق يواجه معارضة داخلية وخارجية، حيث حذر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في الشهر الماضي من المخاطر التي سيسببها الاستفتاء على العراق برمته، ومن ضمنهم الأكراد، مؤكدًا أن الانفصال غير شرعي ولا دستوري، مشددًا على أن حكومته لن تتعامل معه.

خارجيًا، فقد رفضت إيران وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا استفتاء إقليم كردستان.. فيما أعرب الاتحاد الأوروبي عن تحفظه وحذره تجاه الاستفتاء. وقال متحدث باسم خدمة العمل الخارجي الأوروبي في تصريح صحافي، "إن المصلحة العامة للشعب العراقي ككل ستتحقق على أفضل وجه في عراق موحد تعمل فيه جميع الأطراف المختلفة معًا لتحقيق الاستقرار الطويل الأجل للبلاد في هذه اللحظة الحاسمة".