يضم مشروع محمد محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي الذي أطلقه أخيرًا تحدي الترجمة، أكبر تحدٍّ عربي من نوعه، يسعى إلى تعريب محتوى 5000 فيديو خلال عام واحد في مختلف مواد العلوم والرياضيات، وفق أرقى المعايير المعتمدة في المناهج الدراسية الدولية.
إيلاف من دبي: أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي الذي يضم "تحدي الترجمة"، بوصفه أكبر تحدٍّ من نوعه في العالم العربي يسعى إلى ترجمة 5000 فيديو بواقع أكثر من 11 مليون كلمة خلال عام واحد في مختلف مواد العلوم والرياضيات، بحيث يتم تعريب هذا المحتوى وإعادة إنتاجه وفق أرقى المعايير المعتمدة في المناهج الدراسية الدولية، ويكون متوفرًا مجانًا لأكثر من 50 مليون طالب عربي.
الترجمة أساس
أكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن "الرياضيات والعلوم في المدارس العربية مفتاح لاستئناف الحضارة العربية"، معتبرًا أن "التعليم الإلكتروني سيكون الطريق الأسرع لردم الفجوة التعليمية في وطننا العربي".
أضاف: "طرحنا تحديًا أمام جميع العرب، وهو المساهمة معنا في ترجمة 11 مليون كلمة وإنتاج 5000 فيديو تعليمي خلال عام واحد، وندعو جميع المهتمين بالتعليم في الوطن العربي إلى مشاركتنا هذا المشروع الحضاري الدائم، ونسعى إلى توفير مادة علمية قوية في الرياضيات والعلوم لجميع الطلاب العرب، والمشروع خطوة أولى في طريق طويل لتحسين واقع التعليم العربي".
وتابع: "نحن بحاجة إلى محتوى تعليمي عربي بمستويات عالية، يكون عابرًا الحدود العربية، ومتاحًا لملايين الطلاب العرب"، معتبرًا أن "الترجمة أساس من أسس النهضة وتفتح الأبواب لاستيعاب كل أنواع المعارف والعلوم".
ورأى الشيخ محمد بن راشد أن "واقع التعليم في العالم العربي لا يرضي أحدًا، ولا بد من أن نكون إيجابيين ونبادر بإشعال أول شمعة". وقال: "أنا مؤمن بالقدرات الاستثنائية للطلاب العرب متى ما توفرت لهم الموارد والإمكانيات وأدوات التعليم الحديث، والأمثلة بالمئات".
وينطلق مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي الذي يندرج ضمن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية لبناء قاعدة معرفية جديدة ترسخ مكانة مواد العلوم والرياضيات لدى الطلاب العرب.
تحدي الترجمة
وبحسب تقرير نشرته وكالة أنباء الإمارات على موقعها الإلكتروني، يأتي تحدي الترجمة ضمن مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي باعتباره مشروعًا رائدًا من نوعه لتعريب خلاصة المناهج العلمية العالمية، من خلال توفير محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، باعتبارهما من أهم روافد التطور الحضاري.
يشمل هذا التحدي تعريب 5000 فيديو تعليمي في عام واحد، بواقع 11 مليونًا و207 آلاف كلمة، بمعدّل 500 فيديو شهريًا، وبإجمالي عدد دقائق يُقدَّر بنحو 50 ألف دقيقة من مونتاج الفيديوهات بحيث توفر حصصًا تعليمية تتناول مساقاتٍ مختلفةً ضمن مواد العلوم كالفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات والعلوم العامة، وفق خطة تعريب مدروسة تراعي الاحتياجات التعليمية للطلبة العرب في شتّى المراحل الدراسية.
تغطي الفيديوهات التعليمية المساقات الدراسية من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، بالاستناد إلى مناهج تعليمية مميزة تتوخى أحدث وأرقى المعايير العالمية من حيث الأسلوب والمحتوى، شكلًا ومضمونًا.
36 لغة حول العالم
يسعى "تحدّي الترجمة" إلى استقطاب آلاف المتطوعين من مختلف أنحاء الوطن العربي من أصحاب الخبرات والمهارات من معلمّين وأساتذة وباحثين وتقنيين وفنيين وغيرهم من المهتمين المدعوين للمساهمة في "تحدي الترجمة"، من خلال ترجمة وتعريب المواد العلمية أو إنتاج الفيديوهات التعليمية أو التعليق عليها أو تصميم رسوم الغرافيكس وغيرها من أدوات مساعدة بصرية وفنية وتقنية، من خلال التسجيل على www.almaktouminitiatives.org.
سيتم توفير الفيديوهات التعليمية الخاصة بالتحدي من " أكاديمية خان" العالمية المرموقة، وهي مؤسسة تعليمية غير ربحية تأسست في عام 2006 بهدف إتاحة فيديوهات تعليمية تُبثّ على موقع الأكاديمية على اليوتيوب لملايين الطلبة حول العالم في مختلف المناهج والمواد التعليمية.
وإلى جانب اللغة الإنجليزية، يتم ترجمة محتوى الأكاديمية إلى 36 لغة حول العالم من بينها الفرنسية والإسبانية والإيطالية والروسية والهندية. ويستفيد من موقع الأكاديمية 40 مليون طالب ومليونا معلّم شهريًا، حيث قدمت الأكاديمية حتى اليوم أكثر من مليار حصة تعليمية حول العالم.
تقويم واختيار دقيقان
من الناحية العملياتية والإنتاجية، يتألف مشروع "تحدي الترجمة" المتكامل من مراحل عدة، تبدأ بتشكيل فريق مختص من الخبراء التعليميين في مختلف المواد والمناهج، لاختيار 5000 من الفيديوهات ذات المحتوى التعليمي العالمي في مواد العلوم والرياضيات، وذلك بما يلبي الاحتياجات الرئيسية للطلبة العرب في مختلف المراحل الدراسية، ومن ثم تجميع وفرز طلبات المتطوعين الواردة على موقع التحدي من مترجمين ومعلقين ومصممين وفنيين مختصين بالمونتاج، وغربلتها ضمن مراحل تقويم واختيار دقيقة، تليها تقسيم المتطوعين، بحسب تخصصاتهم، إلى فرق تعمل وفق جدول إنتاج زمني محدد، يبدأ بتفريغ نصوص الفيديوهات التعليمية، ثم مراجعتها وتدقيقها معلوماتيًا ولغويًا.
يلي ذلك إنتاج النص الصوتي وتركيبه على المادة البصرية، ضمن عملية مونتاج دقيقة تشمل تضمين كافة الرسوم والأدوات البصرية المساندة، ليتم في النهاية تحميل 5000 فيديو تعليمي في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والعلوم العامة وتوفيرها مجانًا لملايين الطلبة العرب من خلال أكبر منصة تعليمية عربية، ضمن مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي.
مراجعة علمية وفنية
تقوم وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات بعملية مراجعة علمية وفنية دقيقة للفيديوهات الخاصة بـ"تحدي الترجمة"، وذلك من خلال لجان مختصة تضم أساتذة وموجهين وخبراء مختصين في مختلف المناهج الدراسية، للتأكد من أن الفيديوهات المعرَّبة والمنتجة تلتزم القواعد والشروط المحددة، لجهة المحتوى المعلوماتي والشكل الفني بما ينسجم ورسالة التحدي الأساسية القائمة على توفير مادة تعليمية متكاملة وفق أفضل وأدق المعايير العالمية.
تحرص الوزارة من خلال شراكة وثيقة مع مختلف المؤسسات التعليمية والقطاعات التربوية في الدولة على التأكد من مطابقة محتوى الفيديوهات المترجمة ومواءمتها بما يتناسب والمناهج التعليمية المعتمدة داخل دولة الإمارات، كأموذج مثالي لتعدد المناهج الذي يعكس قماشة المجتمع ذي التركيبة السكانية الغنية.
الإمارات حاضنة علمية
يأتي مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي ليسهم في تكريس سعي الإمارات إلى أن تكون حاضنةً علميةً لملايين الطلبة العرب، وتأهيل أجيال من العلماء والباحثين والمخترعين العرب من خلال توفير منصة تعليمية إلكترونية متطورة، تكون مخرجاتها بمثابة لبنة من لبنات البناء الحضاري في المنطقة العربية، تساهم في إعطاء الزخم لنهضة متجددة في المنطقة.
يهدف "تحدي الترجمة" في المدى المنظور إلى المساهمة في النهوض بواقع التعليم في العالم العربي وتطوير المنظومة التعليمية والارتقاء بالتحصيل العلمي لملايين الطلبة العرب، من مراحل التأسيس الأولى وحتى الصف الثاني عشر، قبل الالتحاق بالدراسة الجامعية.
كما يهدف إلى محاولة جسر الهوة بين المناهج العربية في بعض الدول ونظيرتها العالمية المتقدمة بفارق هائل، وربط الطلبة العرب بمستوى أقرانهم في هذه الدول.
ويتصدى هذا التحدي لأحد أبرز التحديات التي تواجه المنطقة والمتمثل في عزوف الملايين من الطلبة العرب عن دراسة التخصصات العلمية، حيث يسعى مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي إلى تشجيع الفتيان والشباب العرب للإقبال على دراسة مختلف أنواع العلوم، عبر توفير محتوى راق ومتميز يتم طرحه بأسلوب تعليمي شيق ومتمكّن.
ويلبّي مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي حاجة ملحّة في وقت يشهد فيه الاهتمام بالعلم والعلماء والابتكار والاختراع والمنظومة التعليمية تراجعًا كبيرًا، وسط أرقام عربية مفزعة في هذا الخصوص؛ إذ تؤكد دراسة عالمية أن عدد العلماء العرب لا يزيد على 230 عالمًا لكل مليون نسمة، مقابل 5000 عالم لكل مليون نسمة في اليابان والولايات المتحدة.
أرقام عربية متدنية
بحسب تقرير للبنك الدولي صادر في عام 2015، سُجِّل نحو مليوني براءة اختراع في العالم، نصيب العالم العربي منها أقل من 17 ألفًا، مقارنة بـ 167 ألفًا في كوريا الجنوبية وحدها. أضف إلى ذلك، مساهمة العرب في قطاع البحث والتطوير في العالم لا تزيد على واحد في المئة (تقرير العلوم – اليونسكو).
ووفق تقرير "تكنولوجيا المعلومات العالمي" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2013، بلغ معدَّل جودة تعليم العلوم والرياضيات في مدارس العالم العربي 3.9 من أصل 7 درجات، في حين أن دولة مثل سنغافورة سجلت 6.3 درجات. وفي إحصائية للبنك الدولي (2014)، فإن 40.3 في المئة من الطلاب العرب في سن الثانوية العامة خارج الصفوف الدراسية.
في الإطار ذاته، كشف تقرير لليونسكو (2014) أن 43 في المئة من الأطفال في الدول العربية لا يتلقون المبادئ الأساسية في التعليم.
في سياق آخر، لا تزال الأمية تشكل عائقًا أمام التنمية العربية، مع تسجيل نحو 54 مليون أمي في الوطن العربي، كما جاء في تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" (2015)، ما يشكل نحو 14 في المئة من إجمالي عدد السكان في الوطن العربي.
مبادرات محمد بن راشد
سجلت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية إجمالي إنفاق بلغ 590 مليون درهم على مبادرات نشر التعليم والمعرفة في عام 2016، استفاد منها 9.3 مليون شخص حول العالم، من خلال العديد من المبادرات والمؤسسات منها دبي العطاء، ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ومكتبة محمد بن راشد، وجائزة محمد بن راشد للغة العربية، وقمة المعرفة، وتحدي القراءة العربي، وأمة تقرأ، وجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وسواها.
الجدير بالذكر أن مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية تضم 33 مؤسسة ومبادرة تنفذ أكثر من 1400 برنامج تنموي وإنساني وأسهمت في دعم أكثر من 130 بين مؤسسات وهيئات حكومية وشركات من القطاع الخاص ومنظمات إقليمية ودولية.
التعليقات