واشنطن: تجتاح موجة من أعمال العنف أفغانستان التي مزقتها 17 عامًا من الحرب، لتحجب بصيص الأمل الضئيل بعد عام على إقرار إستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجديدة.&

يشكّل كل هجوم جديد إنتكاسة كبيرة للرئيس الأفغاني أشرف غني الساعي لتحريك مفاوضات السلام مع طالبان، وكذلك للبنتاغون الذي يؤكّد بإنتظام أن الأوضاع تتحسن أخيرًا في أفغانستان.

وشنّت حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية في الأيام الأخيرة سلسلة من الهجمات الدامية، ولا سيما عملية إنتحارية إستهدفت مدرسة في حي شيعي بكابول أوقعت 37 قتيلًا على الأقل وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية.

قبل ذلك بأيام، شنّ عناصر من طالبان هجومًا على مدينة غزنة الإستراتيجية الواقعة على بعد ساعتين برًا من كابول، لم يتمكّن الجيش الأفغاني من رده إلا بعد يومين من المعارك بدعم جوّي أميركي.

لم يكن هذا ما يأمل ترمب في تحقيقه حين تخلى في 21 أغسطس 2017 عن "حدسه الأساسي بالإنسحاب" ليضاعف عدد العسكريين الأميركيين في هذا البلد، ممدّدًا بذلك إلى أجل غير مسمى أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

ورحب الجنرالات الأميركيون بقرار ترمب، وهم لم يؤيدوا يومًا طرح الرئيس السابق باراك أوباما بأن بإمكان الولايات المتحدة الإنسحاب من أفغانستان بدون ترك فراغ أمني فيها.

وضع قلما يدعو إلى الارتياح
وبعد بضعة أشهر، أعلن قائد قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأميركي جون نيكولسون أن الحرب "تخطّت عتبة" متوقعًا أن تبسط الحكومة الأفغانية سيطرتها على 80 في المئة من مواطنيها خلال عامين.&إلا أن تقريرًا رسميًا أميركيًا كشف أن نسبة الأفغان في مناطق سيطرة السلطات لم تكن تتخطى 65 في المئة في مايو.

وأوضح بيل روجيو من "معهد الدفاع عن الديموقراطيات" للأبحاث "اجتزنا عددًا كبيرًا من العتبات في أفغانستان، إلى حد أننا كنا على الأرجح ندور في حلقة" معتبرًا أن "الوضع قلما يدعو إلى الإرتياح".

وقال متحدثًا لفرانس برس إنه "بدون وجود أميركي في أفغانستان، سنرى مناطق شاسعة من البلاد تنتقل بسرعة إلى سيطرة طالبان".

ومن الأهداف الرئيسة&لإستراتيجية ترمب إرغام طالبان على الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة الأفغانية.

وتمّ التوصّل فعلًا إلى وقف إطلاق نار غير مسبوق إستمر ثلاثة أيام بمناسبة عيد الفطر في يونيو، منح المدنيين هدنة قصيرة لإلتقاط أنفاسهم وأثار آمالًا في إمكانية إيجاد تسوية سياسية للنزاع، بعد 17 عامًا على إعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة.

تخلّلت هذه الهدنة مشاهد تقارب ملفتة بين مقاتلين من طالبان وعناصر من قوات الأمن في القرى وحتى في قلب كابول، لكن طالبان لا تزال إلى الآن ترفض اليد التي مدّها لها غني.

&مزايدة&
وأفادت معلومات لم تؤكّد رسميًا أن الموفدة الأميركية إلى جنوب آسيا أليس ويلز إلتقت مسؤولين من طالبان في&الشهر الماضي في قطر لبحث فرص &عملية السلام في أفغانستان.

ورأى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال زيارة لكابول في يوليو أن هناك "أملا" موضحًا أن "العديد من عناصر طالبان أدركوا أنه لا يمكنهم الإنتصار على الأرض، وهذا مرتبط مباشرة بإستراتيجية الرئيس ترمب".&من جانبه، شكر غني الولايات المتحدة معتبرًا أن الإستراتيجية الجديدة "بدلت الوضع".

ويرى المحلّلون أن موجة العنف الجديدة تهدف إلى تمكين طالبان من الدخول في مفاوضات محتملة من موقع قوّة. وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الخميس "سبق أن شهدنا ذلك: متمرّدون يحاولون المزايدة قبل مفاوضات أو وقف إطلاق نار".&غير أن ترمب يُبدي رغم ذلك إستياء حيال بطء التقدّم.

وذكرت شبكة "إن بي سي" التلفزيونية أن الرئيس الأميركي عاد يدرس فكرة تفويض المهام الأمنية في أفغانستان إلى إريك برينس شقيق وزيرة التربية بيتسي ديفوس ومؤسس شركة "بلاكووتر" الأمنية الخاصة التي تركت ذكريات مريرة في العراق.&وينتشر حاليًا 14 ألف جندي أميركي في افغانستان، حيث يشكلون القسم الأكبر من بعثة الحلف الأطلسي هناك.