ريو دي جانيرو: مع اختيار الضابط السابق في الجيش جايير بولسونارو الذي يتصدر استطلاعات الرأي كمرشح لمنصب نائب الرئيس، وخروج قائد الجيش عن صمته المعتاد، يبدو أن دور جيش البرازيل على الساحة السياسية في ازدياد قبل أقل من شهر على انتخابات نتائجها غير محسومة.

وعلاوة على ذلك، ارتفع بمدقار الضعف تقريباً عدد المرشحين القادمين من الجيش في كل من الانتخابات الرئاسية وانتخابات حكام الولايات المقررة في 7 تشرين الأول/أكتوبر منذ الانتخابات السابقة، من 13 إلى 25 ، وفقًا لصحيفة استادو دي ساو باولو الواسعة الانتشار.

ويمكن فهم المخاوف التي قد يثيرها ذلك في بلد عانى لما يقرب من 20 عاماً من الدكتاتورية العسكرية من 1965 إلى 1984.

"بعد الدكتاتورية، ظل الجيش في موقف دفاعي لفترة طويلة، ولكن ازداد ظهورهم اليوم"، يقول نيلسون دورنغ مدير موقع ديفيسانت المتخصص في الشؤون الدفاعية.

وقد يكون الأكثر إثارة للقلق أن بولسونارو، مرشح اليمين المتطرف للرئاسة عبر عن إعجابه بالدكتاتورية العسكرية في البرازيل وحتى بمسؤولين عن ممارسة التعذيب.

وليس من قبيل المصادفة اختياره الجنرال في الاحتياط هاملتون موراو مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، وبالتالي نائب رئيس محتملاً، ووعده بتعيين ستة جنرالات في مناصب وزارية في في حال فوزه.

وموراو ليس جنرالاً اعتيادياً. فقد أثار ضجة بتهديده المبطن في العام الماضي بعد سلسلة من فضائح الفساد، عندما قال إنه إذا استمر الوضع السياسي في التدهور، فسيضطر الجيش إلى "فرض حل".

ومنذ أن قام أحد الناشطين اليساريين بطعن بولسونارو أثناء حملته الانتخابية الأسبوع الماضي ما اضطره ملازمة المستشفى، تولى موراو المرشح كنائب له قيادة الحملة.

ولا يزال بولسونارو البالغ من العمر 63 عاماً في حالة خطيرة وقد لا يتمكن من استئناف حملته قبل الدورة الأولى وربما حتى قبل الدورة الثانية بعدها بثلاثة أسابيع والتي يتوقع أن يصلها.

وهذا يعني أن موراو سيزداد حضوراً ونفوذاً.

- "تهور بالزي العسكري" -&
لم يدع زملاء بولسونارو العسكريون السابقون الأمر يمر مرور الكرام، فأجرى قائد الجيش الجنرال إدواردو فيلاس بواس مقابلة مع استادو دي ساو باولو حذر فيها من أن مناخ "التعصب العام" الذي يحيط بالانتخابات قد "يجعل شرعية الحكومة المقبلة موضع شك".

كما هاجم الرئيس والمرشح السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي حاول بكل السبل البقاء مرشحاً رغم سجنه بتهمة الفساد ووصل به الأمر إلى رفع شكوى حتى إلى الأمم المتحدة.

وهاجم فيلاس بواس لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة التي قالت إن لولا رمز اليسار لا يمكن منعه من الترشح. وقال إنها بذلك "انتهكت الأمن القومي".

وتعليقاً على تهجم فيلاس على الأمم المتحدة واتهامها بالتدخل في انتخابات البرازيل، نشرت صحيفة فولها دي ساو باولو مقالاً بعنوان "تهور بالزي العسكري"، انتقدت فيه تصريحات فيلاس بواس "المرتبكة التي لا تسهم بأي حال من الأحوال في تهدئة" الفوضى التي تسود الانتخابات.

وكانت لهجتها هذه لطيفة ودبلوماسية مقارنة برد فعل مرشح يسار الوسط سيرو غوميز الذي قال لصحيفة "أو غلوبو" إنه لو كان رئيساً لكان قائد الجيش قد "أقيل وأودع السجن".

- "فقدان المصداقية" -
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة برازيليا ديفيد فليشر إن جزءاً من المسؤولية يقع على الرئيس ميشال تامر نظراً "لفقدانه المصداقية" وتورطه في فضائح فساد خطيرة ، "ربما ساهمت" في شعور فيلاس بواس بالحاجة للتدخل.

وأوضح أن "ظهور العسكريين ازداد بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية لأن حكومة تامر نشرت الجيش عدة مرات" للحفاظ على القانون والنظام.

والأمر الأهم هو أنه جعل إنفاذ القانون في ريو دي جانيرو في يد الجيش في شباط/فبراير بهدف السيطرة على العنف الدامي المتصاعد في الأحياء الفقيرة.

ومن المفهوم أن يخشى السكان الذين لا يزالون يعانون من تبعات 20 سنة من الدكتاتورية العسكرية من تنامي نفوذ القوات المسلحة في المؤسسات السياسية.&

لكن بعضهم مستعد للاستماع إلى "خطاب جيش هو أقل فساداً" من السياسيين الغارقين في الفضائح، ويمكنه، وفق سيرجيو براكا الأستاذ في مؤسسة جيتوليو فارغاس، وهي معهد للتعليم العالي متخصص في الإدارة والاقتصاد، "أن يفرض النظام والسلم والأمن".

وقد يؤيد جزء من السكان "التدخل العسكري" لكن براكا يقول إن البرازيل بمنأى عن عودة الديكتاتورية. ويوضح "نحن بعيدون جدا عن الوضع الذي ساد في عام 1964. في هذه الايام يفرض الجيش نفسه سياسيا بالوسائل الديمقراطية".