«إيلاف» من القاهرة: أبدت إسرائيل قلقها من احتمالية سعي مصر إلى تطوير برنامجها النووي المزمع إنشاؤه، لتوليد الكهرباء، ليشمل انتاج الأسلحة النووية. وقال خبير التكنولوجيا النووية الإسرائيلي رفائيل أوفيك، "إن أجهزة المخابرات الإسرائيلية لديها شكوك، منذ عدة سنوات، حول أن مصر لا تسعى إلى امتلاك الطاقة النووية فقط، بل تسعى إلى بناء قدرات نووية عسكرية بشكل سري، خاصةً أن القاهرة تخصص مبالغ ضخمة من أجل تسليح الجيش وتقويته".

وأوضح في مقال له بصحيفة "جيمينير" الإسرائيلية اليوم: "إذا تم تنفيذ المشروع، فسيكون من المستحيل استخدامه مباشرة لتطوير الأسلحة النووية، بسبب الحاجة إلى استخدام مفاعلات الماء الخفيف لإنتاج الكهرباء المستمر، ولأن البلاتينيوم في الوقود النووي المستهلك لهذه المحطات لن يكون من رتبة الأسلحة النووية".

وتابع: "ولكن على المدى الطويل، فإن وجود محطات للطاقة النووية في مصر يمكن أن يعطي القاهرة الشرعية لبناء محطة لتخصيب اليورانيوم بمعدل منخفض لإثراء إنتاج الوقود النووي للمفاعلات، ومن ثم هناك احتمالات عالية لتخصيب اليورانيوم على مستوى عسكري".

وحسب وجهة نظر الخبير الإسرائيلي، فإن "وجود محطات لتوليد الطاقة النووية في مصر توفر لها الشرعية لبناء مرفق لإعادة معالجة الوقود النووي المستهلك"، وقال: "إذا قامت مصر في نهاية المطاف ببناء مفاعل لإنتاج البلاتينيوم، سيكون لها طريق جديد نحو تطوير الأسلحة النووية".

وأشار إلى أن "الصناعات المصرية، خاصة العسكرية، أحرزت تقدمًا كبيرًا في العقود الأخيرة، والأسلحة النووية عادت إلى جدول أعمال كل من مصر والمملكة العربية السعودية بعد أن تم التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني في يوليو 2015".

ولفت إلى أن "مصر في الفترة الأخيرة حولت كفاحها ضد تفوق إسرائيل النووي إلى المجال الدبلوماسي"، مشيرًا إلى أن "إحدى الخطوات التي اتخذتها هي الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار في عام 1968، وبدء القنوات الدبلوماسية المصرية إجبار إسرائيل على التوقيع على المعاهدة أيضًا".

ونبه إلى أن "المخابرات الإسرائيلية رصدت منذ عام 1977 اهتمام مصر بإنشاء مشروع للطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وهو أقل تكلفة بكثير من البلاتينيوم، كما أنها بذلت محاولة للكشف عن العلاقات بين مصر ودول أوروبا، خاصة الألمانية، والشركات التي تتعامل مع تطوير وتصنيع المكونات والمعدات لتخصيب اليورانيوم". 

ومن جانبه، قال الخبير العسكري، اللواء فؤاد حسين، إن القلق الإسرائيلي ليست له دوافع حقيقية، مشيرًا إلى أن البرنامج النووي المصري أهدافه معروفة منذ التوقيع على العقد مع روسيا.

وأوضح لـ"إيلاف" أن البرنامج يهدف إلى انشاء محطة الضبعة النووية، لإنتاج الكهرباء، لاسيما أن مصر تعاني من أزمة في انتاج الطاقة، وليست دولة بترولية أو تمتلك أباراً للغاز الطبيعي.

ولفت إلى أن البرنامج النووي سوف ينتج نصف حاجة مصر من الكهرباء، منوهًا بأن مصر من الدول الموقعة على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وليس من المعقول أن تسعى إلى خرق الاتفاق الذي وقعت عليه.

بينما قال الخبير في الهندسة النووية، الدكتور محمد يسري، إن مصر مقبلة على مشروعات ضخمة في الصناعات والتنمية، وتحتاج إلى الطاقة، مشيرًا إلى أن هدف المشروع هو انتاج الطاقة لإنشاء وتشغيل المشروعات الاقتصادية الجديدة.

وأضاف لـ"إيلاف" أن مصر تكافح انتشار الأسلحة النووية، وتتبنى مبادرة من أجل أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية، لكن بعض القوى الدولية والإقليمية تسعى إلى أن تدخل المنطقة في سباق للتسلح، من أجل استنزاف مواردها وثرواتها، ومصر لن تنجر إلى هذا المستنقع.

مفاعل نووي

لم تكن المرة الأولى التي تبدي إسرائيل فيها القلق من البرنامج النووي المصري المزمع إنشاؤه بالإتفاق مع روسيا، بل سبق في 27 مايو الماضي، أن قال الباحث بمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أفرايم أسكولاي، إنه رغم وجود إمكانية لاستخدام مصر برنامجها النووي لأهداف عسكرية، فإن ذلك ليس بالأمر السهل، مشيرًا إلى أن مفاعل القوة يتكلف المليارات ويبنى خصيصًا لإنتاج الكهرباء. إذا ما تم تشغيله بشكل صحيح فإنه يوفر الكهرباء، وليس سهلاً استخدام الوقود المستنفد لإنتاج قنبلة". 

وأضاف في تصريح لموقع "نيتسف نت" الإسرائيلي: "رغم ذلك يظل هذا المفاعل يشكل أزمة كبيرة لإسرائيل لأنها لا تريد أي تقدم لأي قوى في الشرق الأوسط يشكل تهديدًا بالنسبة لها".

بينما نقل موقع "يسرائيل ديفينس" الإسرائيلي عن مصدر في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد"، قوله "إن المفاعل النووي المصري على الجانب العسكري، يجب أن يثير القلق"، مشيرًا إلى أن "المخاوف تتمثل في مصنع لفصل البلوتونيوم والسيطرة الكاملة على دورة الطاقة الخاصة بالمفاعل".

وأضاف: "طالما لم يتم استكمال هذه الشروط، فإن خطر استخدام مصر للمفاعل لأغراض عسكرية يظل محدودًا"، لافتاً إلى أنه "من أجل تحويل الوقود النووي لبلوتينيوم يسمح ببناء قنبلة نووية (بلوتينيوم 239)، فيجب إتمام عملية فصل بلوتينيوم، ومصر ليس لديها حتى الآن مثل هذا المصنع".

وكان الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين، شهدا في 11 ديسمبر الماضي، توقيع عقد اتفاق على إنشاء محطة الضبعة النووية.